"كارثة متدحرجة".. ماذا تعني تحذيرات مصر من تحول حرب غزة إلى صراع إقليمي؟
حذر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قبل يومين، من مغبة توسع الصراع في المنطقة، متخوفاً من خطر تحول المنطقة الى "قنبلة موقوتة".
حذر الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قبل يومين، من مغبة توسع الصراع في المنطقة، متخوفاً من خطر تحول المنطقة الى "قنبلة موقوتة".
وتشير تقارير غربية عديدة على مدار الأيام الماضية كذلك إلى ما تحذر منه القاهرة، والتي تؤكد أن حرب غزة يمكن أن تتحول إلى حرب أوسع تشمل دولاً أخرى في المنطقة مثل لبنان وسوريا ومصر، فضلاً عن لاعبين آخرين مثل إيران وقطر، كما أن مصر على سبيل المثال التي قاتلت الجماعات الإرهابية في سيناء على مدى عقد تقريباً تخشى من موجات لاجئين فلسطينيين إلى سيناء مما قد يغذي النزاعات المسلحة فوق شبه الجزيرة.
تحذيرات مصرية لها مسبباتها
في هذا السياق، يقول أشرف أبوالهول رئيس مجلس أمناء مؤسسة الطريق للدراسات إن التحذير المصري من تمدد حرب غزة وتحولها إلى صراع إقليمي ناتج عن معطيات حقيقية على الأرض، فكما نرى هناك تصاعد في التوتر بين إسرائيل وحزب الله في الجبهة الشاملية، وهناك تكثيف يومي في عمليات القصف المتبادل بين إسرائيل ولبنان وتهديدات بأن حزب الله سيدخل بكل قوته الحرب إذا ما قامت إسرائيل بغزو بري واسع النطاق لغزة.
واضاف "أبوالهول"، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن هناك كذلك فتح لجبهات أخرى في سوريا واليمن ومحاولات إطلاق صواريخ، وهناك مؤشرات على احتمال دخول إيران الصراع، فطهران هي الممول الرئيسي والمسلح لحزب الله اللبناني ولحركة حماس الفلسطينية، وهما أذرعها المهمة في المنقطة، وبالتالي لا يمكن أن يقف النظام الإيراني موقف المتفرج حال دخول حزب الله الحرب، فلا يمكن أن يتخلى عنهما.
ويقول الكاتب الصحفي المصري إن الأمر لن يقتصر عند هذه الحدود فحسب، فهناك حالة من التوتر في الشارع العربي ككل وضغوط كبيرة على بعض الدول تطالبها بقطع العلاقات مع إسرائيل أو القيام بموقف أكثر حدة، علماً أنه إذا بدأت حرب إقليمية لا أحد سيعرف إلى أين يمكن أن تنتقل أو تتمدد، لافتاً أنه على سبيل دولة مثل الأردن نصف عدد سكانها من الفلسطينيين وهؤلاء يريدون المشاركة في أي عمل عسكري، وبالتالي إذا كان هناك اجتياج بري واسع لقطاع غزة، فإن التحذيرات المصرية هنا لها خلفياتها الصحيحة ومسبباتها.
وفي ختام تصريحاته، أعرب "أبوالهول" عن اعتقاده أن مصر من خلال مساعيها الدولية والاتصالات التي تقوم بها، أوصلت رسالة واضحة بأن أي توسع إقليمي للحرب في غزة سيتورط فيها الجميع، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية لا سيما بعد أن أرسلت واشنطن حاملة الطائرات إلى المنطقة وكذلك قوات خاصة، وبالتالي نحن أمام مؤشرات تدفع إلى اتساع دائرة الصراع في المنطقة.
وأتت تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بعدما أعلنت مصر إسقاط مسيّرات على مدينتين مصريتين تطلان على خليج العقبة بالبحر الأحمر، حيث دعا إلى احترام سيادة مصر وموقفها في المنطقة، وقال خلال الملتقى والمعرض الدولي السنوي للصناعة المنعقد في القاهرة، إن المصريين يجب أن يشعروا بالأمان، وإن الجيش قادر على حماية البلاد، مشدداً على أن بلاده ستواصل لعب دور إيجابي في الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين.
وجهة نظر مصر
بدوره، يقول طارق البرديسي الخبير في العلاقات الدولية، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن تحول حرب غزة لصراع إقليمي سيناريو وارد جداً، ومصر تحذر دائماً من هذا الأمر، وعلى سبيل المثال الرئيس عبد الفتاح السيسي حين قال إن مصر دولة ذات سيادة لا تمس فإن تصريحه يحمل كثيراً من الدلالات والمعاني.
وأضاف "البرديسي" أنه حتى خلال قمة القاهرة للسلام 2023 التي استضافتها العاصمة الإدارية المصرية السبت قبل الماضي، فإنها جاءت لوقف تداعيات ما يمكن تسميته بـ"الكارثة المتدحرجة"، بمعنى أنه من الوضح أن حزب الله سيتدخل، كما أن قذائف جماعة الحوثيين اليمنية سقطت في مصر، ما يعني أنها كانت تستهدف أهدافاً إسرائيلية، وبالتالي الأمور تنفلت من عقالها وتتطور.
وتابع أن وجود حاملات الطائرات الأمريكية في إطار تحقيق ما يمكن تسميته "عامل الردع"، لإخافة حزب الله، إلى جانب ذلك فإن الأخير إذا حدث اجتياح بري شامل لقطاع غزة سيتدخل، ولن يكون بمقدوره الانتظار أو الخضوع للردع والتهديد، أي أن الأمور تنفلت، وكل أذرع إيران يمكن أن تتدخل في الصراع.
وقال "البرديسي" إن مصر بدورها تحافظ في سياساتها على الاتزان والمعقولية، لكن يمكن أن تأتي إليها أمور تمس سيادتها، وبالتالي سيكون لها موقف، ولهذا فإن القاهرة حريصة على وقف هذه الفظاعات في قطاع غزة، ورحبت بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بوقف إطلاق النار، وبالتالي مصر تريد أن تلعب دوراً إيجابياً في رفع الظلم عن أهالي القطاع.
الصراع بين أمريكا وإيران
في سياق متصل، يقول تقرير لشبكة "إن بي سي" الأمريكية إن عديداً من الخبراء يرون أن هناك رغبة قليلة في واشنطن وطهران أن تتحول الأوضاع وتتجه نحو نشوب صراع إقليمي، ولكن نطاق الحسابات الخاطئة كبيرة، كما أن شدة القصف الإسرائيلي على غزة، والذي أدى وفقاً لمسؤولي الصحة الفلسطينيين إلى مقتل أكثر من 8000 شخص، بما في ذلك الآلاف من المدنيين والأطفال، قد يدفع الوضع إلى الخروج عن نطاق السيطرة بسهولة.
ونقلت "إن بي سي" عن سانام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس، وهي مؤسسة بحثية مقرها لندن، قولها إن "هناك خطر حقيقي من التصعيد"، وأشارت الشبكة في هذا السياق إلى أنه منذ أن شنت حماس هجماتها، يتبادل مقاتلو حزب الله المدعوم من طهران بانتظام إطلاق الصواريخ مع إسرائيل عبر حدودها الشمالية مع لبنان، ويقول الجانبان إن أكثر من 40 من مقاتلي حزب الله وسبعة جنود إسرائيليين قتلوا في الأسابيع الثلاثة الماضية.