جميل بايك: مقاومة 14 تموز أثبتت أنه يمكن هزيمة العدو حتى في أصعب الظروف - تم التحديث

قال الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني، جميل بايك، الذي كتب مقالاً عن مقاومة 14 تموز "صيام الموت" العظيمة، أن مقاومة 14 تموز أثبتت أنه يمكن هزيمة العدو حتى في أصعب الظروف.

مضى 41 عاماً على مقاومة "صيام الموت" العظيمة التي بدأت في 14 تموز 1982 في سجن آمد بيد الكوادر القادة لحزب العمال الكردستاني وانتهت مع استشهاد محمد خيري دورموش وكمال بير وعاكف يلماز وعلي جيجك، وفي هذا الصدد، كتب الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK)، جميل بايك، مقالاً بمناسبة هذا اليوم الذي يعد في غاية الأهمية لنضال حرية كردستان.

وكان مقال جميل بايك كالآتي:

" مقاومة 14 تموز فعالية كبيرة جداً ضد القسوة والتعذيب والوحشية ولا يزال تأثيرها مستمراً حتى يومنا هذا، إنها من أعظم الفعاليات لشعبنا وحزبنا، وفي تاريخ البشرية أيضاً، أظهر مقاومو 14 تموز العظماء، لنا كشعب وحركة، الموقف الصحيح ضد الاستعمار والفاشية، والطريق نحو النصر، وقدموا المثال الأصيل لحماية القيم الإنسانية وحقوق الإنسان تحت وطأة الوحشية والقسوة والتعذيب الشديد، وبسبب هذه الخاصية، فإن مقاومة 14 تموز لها قيمة عظيمة للبشرية، بمناسبة الذكرى السنوية لفعاليتهم، أستذكر بكل احترام وامتنان الكوادر القادة لحزبنا، الرفاق محمد خيري دورموش وكمال بير وعاكف يلماز وعلي جيجك، الذين خلقوا هذه المقاومة العظيمة، وأنحني أمام مقاومتهم التاريخية، كما استذكر في شخصهم كافة شهداء الديمقراطية والثورة أيضاً، وأجدد مرة أخرى عهد النصر الذي قدمناه لشهدائنا، أحيي بكل احترام جميع الرفاق الذين يقاومون بروح 14 تموز في سجون الاستعمار، وأقدم خالص حبي وتقديري لهم، كما أحيي أبطال الكريلا الذين يقاتلون العدو المحتل بروح 14 تموز، وأهنئهم على مقاومتهم الكبيرة وعملياتهم الناجحة، الحقيقة الأهم والأساسية التي تظهرها لنا مقاومة 14 تموز العظيمة، هي حقيقة أنه بالمقاومة، يمكن حماية كرامة الإنسانية وهزيمة العدو مهما كانت الظروف صعبة وقاسية.

دافعوا عن قضية حرية واستقلال كردستان في أقسى الظروف

تتطلب مقاومة 14 تموز الكبرى الفهم والاستيعاب من جميع جوانبها، هذه الفعالية مثال عظيم للتضحية والبطولة والشجاعة، إنها موقف نبيل ضد القسوة والوحشية والتعذيب والانتهاكات، حماية للحياة والقيم الإنسانية، إيمان كبير بالنضال من أجل قضية الحرية للشعب الكردي، وفي نفس الوقت ولاء للقائد والحزب والرفاق، في مقاومة 14 تموز، كان الإيمان والولاء لقضية حرية واستقلال كردستان وخط نضال حزب العمال الكردستاني في المقدمة، لذلك دافع مقاومو 14 تموز عن هذه القضية في أصعب الظروف وقاتلوا على أساس خط مقاومة حزب العمال الكردستاني، لذا، فإن الذين بدأوا مقاومة 14 تموز، خلقوا حقيقة 14 تموز، وتلك هي قيم هذه الخصائص لأولئك الشخصيات التاريخية، لذلك، لكي نتمكن من فهم 14 تموز من جميع النواحي، يجب أن نعرف ونفهم مقاومي 14 تموز جيداً، هذا في غاية الأهمية ويجب أن نركز عليها جداً ونفهمها بكل تفاصيلها، سأحاول التركيز على تأثير مقاومة 14 تموز في الخارج، خاصة على الحزب والكوادر والمناضلين.

كان الهدف الرئيسي من انقلاب 12 أيلول هو قمع حركة الحرية

بطبيعة الحال، من أجل فهم مقاومة 14 تموز وتأثيرها، يجب معرفة وفهم الظروف التي أدت إلى مقاومة 14 تموز، مقاومة 14 تموز هي فعالية نُفذت ضد نظام 12 أيلول العسكري الفاشي، تم تأسيس نظام 12 أيلول العسكري الفاشي بهدف إبادة الشعب الكردي، أثر نضال التحرر الوطني والاشتراكية الطبقية والشعوب المضطهدة، الذي تصاعد في العالم، على تركيا وكردستان في أوائل السبعينيات، وأثار بشكل خاص المشاعر الثورية لدى الشبيبة، وبما أن الدولة التركية لم تكن قادرة على إيقاف هذا التطور الثوري عن طريق المنظمات الفاشية شبه العسكرية، نفذت انقلاباً عسكرياً في 12 أيلول 1980 بدعم من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مع النظام العسكري الفاشي الذي تأسس نتيجة انقلاب عسكري، أرادوا قمع النضال الاشتراكي في تركيا، إبادة الشعب الكردي ومنع انتشار التحرر والوعي القومي بين الجماهير في كردستان، لذا، كان الهدف الرئيسي لنظام 12 أيلول العسكري هو قمع حركة الحرية الكردية التي كانت قد بدأت لتوها وإبادة الكرد، بعد الانقلاب وتأسيس النظام العسكري، تم اتخاذ خطوات لتحقيق هذا الهدف، على هذا الأساس انطلقت حركة القمع والعزلة في تركيا وكردستان، حاولوا قمع الحركات الثورية من خلال موجات عنف شديدة، أرادوا إدخال المجتمع في نظام وفقاً لهم، كان السبب الحقيقي لاستخدام أسلوب الانقلاب العسكري هو نشر موجة عنف شديدة وقمع الجماهير وإجبارهم على الاستسلام.

تم أسر العديد من الثوار مع انقلاب 12 أيلول العسكري، كانت الظروف صعبة للغاية بالنسبة للحركات الثورية للبقاء في البلاد وحماية نفسها، لذلك، اضطرت العديد من الحركات الانتقال إلى خارج البلاد، شنق النظام العسكري الفاشي عشرات الثوار لإظهار سلطته وموقفه، قاموا بتعذيب السجناء الذين تم اسرهم، وكان الهدف من ذلك إثارة الندم والاعتراف، أصبح التعذيب في السجون منظماً وممنهجاً، فقد العديد من الأسرى حياتهم جراء التعذيب، وحيث لم تكن هناك مقاومة، حدثت التوبة والاعتراف، وكان لذلك أثر سلبي على الأسرى والمجتمع، تم ممارسة الكثير من الضغطوات على المجتمع وحاولوا قمع الجماهير بأساليب عنيفة، من المجازر والتعذيب في السجون وإلى التوبة القسرية والاعتراف وإجبار الحركات الثورية على السفر والضغط الشديد على الشعب والسياسات القمعية التي تسببت باليأس داخل المجتمع، لقد أرادوا مع نظام 12 أيلول العسكري الفاشي، قمع الثوار والمجتمع وإجبارهم على الاستسلام.

نظام 12 أيلول يدعم مغادرة البلاد  

مع الانقلاب العسكري، أصبحت الظروف صعبة للبقاء في البلاد وخوض النضال من خلال الأسلوب السابق، ونظراً لتعرض المجتمع لضغوط كبيرة، كُشفت ساحات التمركز والعلاقات، واعتقل الكثير من الوطنيين والمتعاطفين والكوادر، ولم تعد فرص البقاء ضمن المجتمع وحماية أنفسهم حاضرة كما كان في السابق، وتزايدت مخاطر التصفية، كما أن العديد من الحركات التي لم تتمكن من اتخاذ التدابير أو تأخرت في ذلك الأمر قد تعرضت للتصفية، حيث فرض هذا الوضع القائم فكرة الرحيل خارج البلاد، وبهذه الطريقة قرر الثوار الذين لم يتمكن العدو من أسرهم التوجه إلى خارج البلاد، وبدأت مرحلة الرحيل نحو خارج البلاد بهذه الطريقة، وبالطبع، لم يغادر الجميع لخارج البلاد بنفس الفكرة والغرض، وبقي العديد من الأشخاص والمنظمات خارج البلاد نتيجة انعدام ظروف النضال وتوجهوا إلى خارج البلاد باستثناء العاملين في المجال الإعلامي، وبهذه الطريقة قبلوا بالتصفية، حيث أن الذين كان لديهم هذ الفكر، توجهوا إلى أوروبا، واستقروا هناك وواصلوا الحياة كلاجئين.  

ومما لا شك فيه، كانت أوروبا تعني التخلي عن النضال، والانضمام إلى البحث عن الحياة الشخصية، واختيار حياة الحداثة الرأسمالية وأيديولوجيتها الليبرالية، لأن أوروبا كانت مركز نظام الحداثة الرأسمالية، حيث كان قد تم القضاء على النضال الديمقراطي والتحرري الممتد على مدى أكثر من 150 عاماً وكذلك على القيم الاجتماعية التي كان تم إنشاؤها من خلال الأيديولوجية الليبرالية، والذين توجهوا إلى تلك الأماكن لم يكن بمقدورهم التحرر من هذا الأمر، كما أن القادة البارزين المتبقين للحركات الاشتراكية في تركيا كانوا قد توجهوا بشكل مكثف إلى أوروبا، وانخرطوا في وضع من هذا القبيل، ولهذا السبب أيضاً، بات النضال في تركيا يعتريه الضعف، كما أن الضرر الذي نجم عن ذلك الأمر لا يزال مستمراً، ومن الناحية الأخرى أيضاً، تعمدت أوروبا لفتح أبوابها أمام الثوريين، حيث دفعتهم للتوجه إلى ذلك المكان من خلال تقديم بعض الفرص والامتيازات المادية، فالساحة الأوروبية كانت تحت سيطرة النظام، ولم يكن النضال من كان يخلق الحياة هناك، بل الحداثة الرأسمالية، لهذا السبب، لم يعتبر نظام 12 أيلول أن التوجه نحو أوروبا يمثل تهديداً بالنسبة له، بل على العكس من ذلك، كان يرغب بتوجههم نحو أوروبا، لأن ذلك يعني الانقطاع عن البلاد والتخلي عن النضال.  

توجهت حركتنا نحو الشرق الأوسط

واعتبر القائد أوجلان أيضاً فكرة الذهاب خارج البلاد فكرة صائبة لحماية الحركة من التصفية، لكن القائد أوجلان اختار ساحة الشرق الأوسط للتوجه إلى خارج البلاد، وكان القائد أوجلان يقيّم الذهاب إلى خارج البلاد كـ استعداد وتدبير احترازي، فالثوار الذين نجوا من الوقوع في أيدي العدو سحبهم إلى خارج البلاد، حيث كانوا سيتلقون التدريبات الاحترافية، ويكتسبون التجارب الأيديولوجية والعسكرية، ويعودون إلى البلاد لخوض النضال بالأسلوب والتكتيك الجديدين، وكانت الفكرة على هذا الشكل، لهذا السبب فضّل حزب العمال الكردستاني (PKK) ساحة الشرق الأوسط.    

وفي تلك الحقيقة، كانت ساحة الشرق الأوسط تُعتبر على أنها ساحة النضال والثورة، حيث كانت ساحة الحركات الفلسطينية مركز جذب لأولئك الذين كانوا يرغبون في خوض النضال، وفي الوقت نفسه كان يتم خلق بعض الإمكانيات، بطبع ليس كما هو الحال في أوروبا، لم تكن هناك فرص مادية وحياة شخصية، حيث كانت تُخلق الإمكانيات فيما يخص التموضع والقيام بالتدريبات الأيديولوجية والعسكرية، وقيّم القائد أوجلان التوجه إلى خارج البلاد كلياً كـ تحضير للعودة إلى البلاد، لذلك، اختار ساحة الشرق الأوسط كساحة للتمركز والتموضع، وكان يرى التوجه إلى أوروبا بمثابة خطر، حيث خاض نضالاً قوياً في مواجهة هذا الأمر، وكان منخرطاً في مثل هذا النضال لمنع إقدام الحركة وكذلك الحركات الثورية الأخرى على اتخاذ خطوات خاطئة، لذلك، عرض إمكانيات الحركة المحدودة للغاية للحركات الثورية الأخرى ودفع الجميع نحو خوض النضال.   

توقع القائد أوجلان بشأن انقلاب 12 أيلول

في الواقع، توجه القائد أوجلان إلى خارج البلاد حتى قبل وقوع انقلاب 12 أيلول، وخطط لجذب الكوادر الواحد تلو الآخر بشكل تدريجي، لأن القائد أوجلان كان قد توقع حدوث انقلاب 12 أيلول، حيث كان قد شارك هذا التوقع مع الحركات الأخرى، موضحاً بضرورة اتخاذ التدابير حيال ذلك، كما أن غالبية كوادر حزب العمال الكردستاني، الذين كان قد تم أسرهم، كانوا قد تعرضوا للاعتقال قبل وقوع الانقلاب، أي أن الانقلاب لم يكن قد بدأ رسمياً بعد والاعتقالات قد انطلقت في كردستان، ومع وقوع الانقلاب، كانوا يبحثون عن من كان بالخارج، حيث تم اعتقال الجميع تقريباً باستثناء من توجه إلى الخارج، ولم يقتصر الأمر على سجن الكوادر فحسب، بل تم سجن المئات من المتعاطفين والمناصرين والوطنيين في السجون.

وتوقع القائد أوجلان حدوث مرحلة من هذا القبيل، لذلك، توجه إلى خارج البلاد وحاول خلق إمكانيات التمركز والتدريب الإيديولوجي والعسكري للحركة، ومن المعروف أن القائد أوجلان قام بهذا العمل من خلال إمكانيات وعلاقات محدودة للغاية، ولم يعتمد القائد أوجلان على العلاقات والفرص الجاهزة، ولكنه خلق الفرص والعلاقات بنفسه وخاض هذا العمل، لأنه لم يكن لدينا أي علاقات وفرص جاهزة، وعندما وقع انقلاب 12 أيلول العسكري، انتقلت الحركة إلى الشرق الأوسط ولو بقوة محدودة واستقرت فيها بفضل توقع وجهود القائد أوجلان، وبدون شك، إن وجود القائد أوجلان في الخارج وخلق ظروف التمركز، قد خلق إيماناً عظيماً لتطوير النضال، وكان جميع الرفاق سواءً أكانوا مسجونين أو غير مسجونين على ثقة تامة بأن القائد أوجلان سيقود النضال نحو الأمام.

التعذيب ضد كوادر حزب العمال الكردستاني له علاقة بشخصية الدولة التركية المعادية للكرد

تم تنفيذ الانقلاب العسكري الفاشي في 12 أيلول 1980 لإعادة تأسيس النظام الاستعماري القاتل وتحقيق سلطة الدولة على المجتمع، جعل الانقلاب العسكري الفاشي من أهم أهدافه مهاجمة المجتمع لإخضاعه وطمسه، لذلك تعرض المجتمع لموجة شديدة من الضغط والعنف، بهذه الشكل، سيجعل المجتمع لا يفكر مرة أخرى بالحرية، ولا يترك أرضية للنضال ويزيل هذه المشاعر تماماً من العقول، بالطبع، كان الهدف الرئيسي للانقلاب العسكري الفاشي، هو الثوار، لأن الذين أعطوا المجتمع فكرة الحرية ودفعوا المجتمع نحو النضال كانوا ثوريين، من أجل القضاء على الشعور بالنضال والحرية في المجتمع، كان لا بد من القضاء على الثوريين والحركات الثورية أولاً، لهذا السبب هاجم نظام الطغمة العسكرية الفاشية لـ 12أيلول الثوار بعنف، تم اعتقال العديد من الثوار وتعذيبهم، تم إرسال المعتقلين إلى مراكز التعذيب، لقد فرض نظام الطغمة العسكرية الفاشية لـ 12 أيلول الندم والاعتراف بهذه الأفعال، وأراد تدمير مصدر ثقة المجتمع وأمله، بحيث يخضع لنظام الإبادة الجماعية الظالم ويقبل به، كان سجن آمد العسكري من أهم هذه المراكز، حيث تم اعتقال كوادر حزب العمال الكردستاني والمتعاطفين معه، إن التعذيب الذي تعرض له الكوادر والمتعاطفون والوطنيون الكرد في سجن آمد العسكري لا يمكن ربطه إلا بشخصية الدولة التركية الوحشية والقاتلة والمعادية للكرد، أو أنه أحد أفعال هذه الشخصية، أصبحت الوحشية والتعذيب الشديد في سجن آمد العسكري، والتي لم يشهدها التاريخ، موضوعاً للعديد من الأغاني والروايات والكتابات والأفلام، ونقشت في أذهان أبناء كردستان.

القائد آبو حمل عبء النضال

عندما مورس القمع والتعذيب والقتل الجماعي على الأسرى والشعب، كما تم تنفيذ هجوم أيديولوجي كبير ضد الأوساط الثورية، كان هدفهم من خلق اليأس في البيئة الثورية، هو إبعاد الثوار عن النضال، اختار القائد آبو خارج الوطن، ساحة الشرق الأوسط لخوض النضال، وبذلك سد الطريق أمام مثل هذا الوضع، وأراد أن يُعِدّ الشرق الأوسط مكاناً للعودة إلى الوطن، بهذا الفكر الذي وُلِد، لم يقع الشرق الأوسط في أيدي العدو، كما أنه استقطب جزءًا من الكوادر.

ولكن عندما ذهب إلى ساحة الشرق الأوسط أيضاً لم يتم حل كل شيء، كان الثوار يتعرضون في كل مكان للتعذيب الإيديولوجي، في البيئة الثورية، كان يُراد تطوير اليأس وخيبة الأمل والوعي اليميني، كان هذا موجوداً في ساحة الشرق الأوسط، الأصح، تم تنفيذ هذه الأشياء في الغالب في الشرق الأوسط، لأن أولئك الذين ذهبوا إلى الشرق الأوسط كانوا يخططون للعودة إلى الوطن وتصعيد النضال، خاصة أن بعض اليمينيين في تركيا التي أتت إلى الشرق الأوسط، حاولوا إخراج الحركات الثورية من هنا إلى أوروبا وأرادوا توجيه الجميع للبحث عن ذلك، حقيقةً، العديد من الحركات التي كانت لديها قوة وفرص أكثر من حزب العمال الكردستاني، انتقلت إلى أوروبا وتسببت في انتشار هذا المفهوم بين الدوائر الثورية.

من ناحية أخرى، لم يكن هذا مجرد مفهوم تم تطويره خارجنا، تم تطوير هذا المفهوم أيضاً في محيطنا، الشخص الذي طوّر هذا المفهوم بيننا كان جتين غونغور (سمير)، بينما كان القائد آبو يحاول إعداد الكوادر الذين تم سحبهم من الوطن إيديولوجياً وعسكرياً لإعادتهم إلى الوطن، كان سمير والأشخاص الذين معه، بعكس القائد آبو، يحاولون داخل الحزب تعزيز الهجرة إلى أوروبا، كان هذا المفهوم يؤثر سلباً على المحيط، ويشتت عمق الكوادر، المفهوم اليميني الذي كان يستند إلى القمع والتعذيب لنظام 12 أيلول العسكري الفاشي، كان يتم فرضه على الشعب والسجناء في الخارج والداخل، وأراد تنظيم نفسه في المحيط الثوري وزيادة تأثيره، لذلك، كان هناك خطر جدّي من مفهوم اليمين والاستفزاز، خاض القائد آبو نضالاً أيديولوجياً جدياً ضد هذا المفهوم، بالطبع، لم يكن من السهل أن تكون قادراً على القيام بذلك وإضعاف مفهوم اليميني، في ظل هذه الظروف، كان تحقيق هذه الاشياء صعب جدًا، لأنه من ناحية، كان هناك هجوم أيديولوجي داخلي، المفهوم اليميني الذي طوره سمير، كان يسمم أجواء الحزب، من ناحية أخرى، لم تكن الإجراءات والأساليب الثورية واضحة كما هي اليوم، ولكن عبر نضال أيديولوجي وتنظيمي مستمر وصعب، كان يمكن تحقيق ذلك وإحراز تقدم، لهذا السبب، حدثت كل التطورات بنضال ومحاولة إيديولوجية صعبة، من ناحية أخرى، لم يستطع مركز الحزب فعل أي شيء ضد استفزازات سمير، وهذا ما أثقل عبء القائد آبو، حمل القائد آبو عبء النضال بأكمله، كان دعم مركز الحزب محدوداً جداً.

كان النضال ممكناً فقط من خلال ارتباط عميق بحرية كردستان

الكوادر الذين جاؤوا إلى الشرق الأوسط كانوا أمناء ومخلصين ومسؤولين وأرادوا قيادة النضال، كانت هذه المشاعر موجودة لدى جميع الرفاق، في الواقع، وبغض النظر عن حركتنا، كان لدى الحركات الثورية الأخرى أيضاً مشاعر مماثلة وأرادت تطوير النضال، ومع ذلك، أرادت الأيديولوجية اليمينية إرباك العقول وإضعاف الشعور بالنضال وتوجيه الثوار للبحث عن الحياة الفردية باستخدام الصعوبات التي خلقتها الظروف.

بلا شك، كانت الظروف صعبة، لقد مر انقلاب 12 أيلول المجتمع مثل الأسطوانة، طُلب من الجميع الانحناء والاستسلام، تم تعليق حتى أبسط الحقوق الديمقراطية، ولم يتبعوا أي قانون، أولئك الذين أبدوا أدنى اعتراض إما عُذبوا أو قُتلوا بالرصاص في الشوارع أمام أعين الجميع، تم أسر معظم الثوار من قبل العدو، كما تعرض الثوار في السجن لتعذيب شديد، السجون تحولت إلى مراكز للتعذيب، لم يكن هناك اعتراض او موقف من الخارج ضد الانقلاب، على العكس من ذلك، كانت القوى المهيمنة من أنصار الانقلابيين، تم تنفيذ الانقلاب العسكري في 12 أيلول بدعم من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، كانت كردستان المكان الذي تم فيه ممارسة أبشع أشكال القسوة والتعذيب، تم تنفيذ أشد أنواع التعذيب في سجن آمد (ديار بكر) العسكري، في مثل هذه الظروف، لم يكن من السهل جذب الناس إلى الخارج ، وشحذ إحساسهم بالنضال وحملهم على النضال، لأن الظروف كانت صعبة والفرص كانت محدودة للغاية، الفرصة الوحيدة التي سنحت لنا في مجال الشرق الأوسط كانت البقاء داخل بعض مخيمات المنظمات الفلسطينية الصديقة وتدريب أنفسنا أيديولوجياً وعسكرياً، لم تكن هناك أي إمكانية أخرى، لذلك، في ظل هذه الظروف، كان من الممكن العودة إلى النضال من خلال التضحيات العميقة تجاه الشعب والرفاق والتحرير وحرية كردستان، كان القائد أوجلان يمتلك هذه المشاعر بشكل مكثف وكان يناضل في النواحي الايديولوجية والتنظيمية من أجل تطوير هذا في بيئتنا، من ناحية، كان يحاول التغلب على الصعوبات من خلال تقوية الإرادة، ومن ناحية أخرى، كان يحاول تحييد الأيديولوجية اليمينة من خلال تعميق الوطنية والمشاعر والأفكار الثورية.

عندما كنا في الخارج، كنا نعمل على العودة وتطوير النضال، تلقينا أخباراً سيئة من الوطن، كانت الأخبار الواردة من سجن آمد تحرق القلوب، تحول سجن آمد إلى مركز للتعذيب، كان التعذيب شديداً، كان يتم فيه انتهاك الحرمات، كانوا يحاولون إذلال الأسرى، وفرض التوبة والاعتراف عليهم، لجأ الأسرى إلى العديد من أساليب المقاومة ضد القهر والتعذيب وبدأوا في إضراب عن الطعام، لكن هذا التعذيب لم يتوقف، واستشهد الكثير من الكوادر والمتعاطفين والوطنيين جراء هذا التعذيب، أثارت فعالية مظلوم دوغان ضد الاستسلام في 21 أذار 1982 ونبأ استشهاده إحساساً عميقاً لدى الجميع، ثم نبأ الفعالية التي نفذها أربعة ثوار، رفاقنا الذين أسرهم العدو ولم تكن لهم فرصة قاوموا الاستسلام واستشهدوا بعد تنفيذ فعاليتهم، وهذا فتح المجال أمام الاستفسارات بيننا، وفي نفس الوقت كانت مشاعر الكراهية والغضب والانتقام من العدو تتزايد وتتعمق، كانت هناك رغبة بيننا في أن نفعل شيئاً في يوم من الأيام وأن نستجيب لصرخات رفاقنا المأسورين في السجون، وبسبب هذه الأخبار الواردة من السجون، كثف القائد أوجلان جهوده لإيصال وحدات الكريلا إلى الوطن وبدء النضال.

دعم السجن جهود القائد أوجلان كثيراً

عندما حاول القائد أوجلان بدء النضال في أسرع وقت ممكن بسبب الوضع الخطير في السجن، دعم السجن جهود القائد أوجلان كثيراً، هذا أحد أفضل الأمثلة على ديالكتيكية حزب العمال الكردستاني، كان نضال الرفاق في الداخل والمقاومة التي طوروها وجهود القائد أوجلان في الخارج تكمل بعضها البعض، تطورت مقاومة 14 تموز على هذا النحو وعززت تطور النضال، هزمت مقاومة الرفاق الذين لم يستسلموا على الرغم من تعرضهم لأقسى ظروف التعذيب داخل السجن، مفهوم التصفية الذي أراد نظام 12 أيلول تطويره، ودمرت نظام التعذيب العسكري الفاشي، مع مقاومة 14 تموز، تجمع الأسرى حول المقاومة وضد الاستسلام والاعتراف والندم وكل أنواع الضعف والتردد، هذا الموقف ونتائجه تسبب في فشل نظام 12 أيلول داخلياً، لأن مفهوم نظام 12 أيلول فيما يتعلق بالسجون كان يسعى لاحتجاز الأسرى وتقليل أمل المجتمع وإخضاع المجتمع للنظام الفاشي بشكل كامل، لكن مقاومة الرفاق في السجن هزمت مفهوم العدو هذا، مع مقاومة 14 تموز، تم كسر قوانين وأنظمة نظام 12 أيلول وخلق بيئة مقاومة منظمة، وأصبح نهج المقاومة هو المسيطر.

بلا شك، شكلت مقاومة 14 تموز تأثيراً كبيراً في الداخل والخارج، بداية، تبين أن قضية الشعب لن يتم التخلي عنها ولن يتم التخلي عنها، كان لهذا تأثير كبير على الشعب، كان هناك اعتقاد بين الشعب أنه مع قيادة كوادر حزب العمال الكردستاني، سيتطور النضال ويحقق النجاح، وبهذه الطريقة فشلت خطة 12 أيلول لإنهاء أمل الشعب واحتلال المجتمع بأسره، من ناحية أخرى، أدت مقاومة 14 تموز إلى تطوير وعي النضال في المجتمع وتصميمه، رأى المجتمع أنه حتى في أسوأ الظروف، لم يستسلم كوادر حزب العمال الكردستاني، وقفوا وضحوا بأرواحهم من أجل القضية، وبدأوا النضال ويعتبرون أنفسهم مسؤولين عن النضال، مما لا شك فيه أن نمو هذه المشاعر في المجتمع الكردي تطور مهم جداً، كان هذا أحد أهم تطورات مقاومة 14 تموز العظيمة.

شكلت المقاومة العظيمة لصيام الموت أثراً عميقاً على جميع كوادر الحزب    

شكلت مقاومة 14 تموز تأثيراً إيجابياً على البيئة المحيطة بالحزب في الداخل وكذلك في الخارج، مما أدى إلى تطور التساؤل حول هيكلية الحزب وتصميمه في خط النضال، وبالطبع، أثرت جهود القائد أوجلان بشكل أكبر، كما أن ضعف الذهنية اليمينية التي كانت تسعى لترسيخ التردد وعدم النضال والبحث عن الحياة الفردية في البيئة المحيطة بنا؛ جعلت من الجهود الأولية للقائد أوجلان تتعزز بشكل أكبر لإعداد الكوادر وإرسال وحدات الكريلا إلى الوطن، وكانت مساعي سمير تنصب في نقل الحزب إلى أوروبا وسد الطريق أمام تطور نضال الكريلا، حيث كانت هذه ذهنية يمنية انتهازية، وتعني بالأساس الاستسلام لنظام 12 أيلول، وكان الحزب سيتوجه إلى أوروبا، ويصبح لاجئاً ويتخلى عن النضال، وبالتأكيد، لم يكن سمير يفعل ذلك بشكل علاني، بل كان بشكل سري، محاولاً خلق الفوضى  واستفزاز الدائرة المحيطة، وفي مواجهة هذا التصور، كان القائد أوجلان يخوض أيضاً نضالاً أيديولوجياً وتنظيمياً شديداً، حيث لعبت مقاومة 14 تموز في هذا الصدد دوراً مهماً في تحييد هذه الذهنية، وبعد أن توضحت نتائج مقاومة 14 تموز، لم يكن بمقدور سمير التخفي، ووقف ضد الحزب بشكل علاني، وانشق عن صفوف الثورة، وقد حققت مقاومة 14 تموز مثل هذه النتائج الواضحة والمتقدمة على البيئة الحاضنة للحزب.

ومن الناحية الأخرى، فإن كل من رفاق الدرب، خيري وكمال وعاكف وعلي الذين ارتقوا إلى مرتبة الشهادة في مقاومة 14 تموز، كانوا معروفين ومحبوبين من قِبل معظم مكونات الحزب، حيث بذلوا جهوداً عظيمة بشكل كبير في تطوير وترسيخ التنظيم ضمن الحركة وتعزيز النضال، وقد شكل هؤلاء الرفاق أثراً عظيماً على جميع كوادر الحزب، باعتبار أنهم طوروا المقاومة تحت وطأة عمليات التعذيب الشديدة وخاضوا المقاومة حتى النهاية وارتقوا إلى مرتبة الشهادة، حيث أن كلمات محمد خيري دورموش في المحكمة عندما بدأ بخوض الفعالية، جعلت الجميع في حالة من الاستفسار العميق، ودخلت هذه الكلمات التاريخ مثل كلمات تلخص فعالية 14 تموز وخط المقاومة لحزب العمال الكردستاني.      

أصبحت مقاومة 14 تموز أساس ثورة المقاومة

لقد أطلق القائد أوجلان قفزة 15 آب ونقل خط 14 تموز إلى أعلى نقطة، وتطورت ثورة كردستان بناءً على هذا الخط، وتحققت ثورة الانبعاث وأصبحت أساساً ومبتكراً لجميع القيم التي نشأت اليوم في الوقت الراهن، حيث تطورت ثورة كردستان بشكل مكثف على أساس المقاومة، وأصبحت مقاومة 14 تموز أساس تكوين هذا الخط، وفي هذا الصدد، من المهم جداً فهم وتعمق خط وروح 14 تموز.

وتُعتبر مقاومة 14تموز العظمى بمثابة خط وأسلوب، ويتواجد في صميم هذا الخط المقاومة والنجاح من خلال المقاومة، حيث أن فعالية 14 تموز أثبت بأنه بالإمكان هزيمة العدو بالمقاومة حتى في أقسى الظروف، وهذا الأمر يعبر عن جوهر وأسلوب حزب العمال الكردستاني وثورة كردستان، فإذا حصل تقدم في كردستان، وتم الأخذ بهوية حزب العمال الكردستاني كأساس، فلا شك في أن هذا لا يمكن أن يحدث إلا من خلال تعميق واستيعاب واتخاذ هذا الخط كأساس.

إن إدراك واتخاذ خط 14 تموز كأساس هو أمر في غاية الأهمية لتطوير النضال ضد فاشية حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية وهزيمة الفاشية القائمة في الوقت الراهن، حيث أن فاشية حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية هي بالأساس استمرارية لنظام الاحتلال الفاشي لـ انقلاب 12 أيلول، وقد أوضحت السلطة الفاشية لحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية مثل النظام الفاشي لـ انقلاب 12 أيلول، أن تحقيق الإبادة الجماعية للكرد هي هدفها الرئيسي، ومن هذا المنطق، تعمل على تعميق سياساتها القائمة على الإبادة الجماعية وتصعيد هجماتها، حيث تعمل على تشديد العزلة عل القائد أوجلان، وتحاول القضاء على كل التقدم الذي خلقناه والمضي قدماً في استكمال الإبادة الجماعية بحق الكرد من خلال تصفية حركتنا، ونحن كـ كرد، لكي نهزم هذا النظام الفاشي والمعادي للبشرية، ينبغي علينا كـ حركة وشعب أن نعمل على تصعيد وتعزيز نضالنا ضد السلطة الفاشية لحزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، وبدون شك، يمكننا القيام بهذا الأمر وتحقيق النجاح من خلال تعميق خط 14 تموز، لذلك، يجب علينا أن نفهم ونستوعب ونتخذ من خط 14 تموز كأساس أكثر من أي وقت مضى، وانطلاقاً من هذا الأساس، يتوجب على جميع رفاق الدرب تعميق خط المقاومة لـ 14 تموز وتوسيع رقعة النضال على أساس  خط 14 تموز.