حكومة مؤقتة للسودان.. هل ستحول دون انهيار الأوضاع وسط فوضى الحرب

أثار طلب بعض القوى السياسية السودانية لتشكيل حكومة مؤقتة لتصريف الأعمال في السودان الجدل ما بين مؤيد ومعارض، لا سيما في ظل ظرف الحرب المسيطرة على مجريات البلاد، والتي لم تضع أوزارها بعد.

كشف محمود ابراهيم مدير مكتب الشرق الأوسط للحركة الشعبية جناح مالك عقار، الذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، أنه تعتبر تلك الفترة هي فترة استثنائية ويمكن لعدم تشكيلها أن يعيق بعض المسائل وهذه الإعاقة من تعليم وصحة وبنية تحتية سيكون جزء من تعطيل الحياة العامة في باقي الأقاليم والولايات.


وأكد إبراهيم في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء، أن السودان لا يتعرض كله لمشاكل وحروب، ولكن ممكن أن يوجد سيولة أمنية وهي أشياء تحتاج لتضافر الجهود والتوافق بين كل مكونات المجتمع السوداني، والحياة لا تقف وتسير وتكون كل الوزارات ومرافق الدولة تعمل.

وأضاف مدير مكتب الشرق الأوسط للحركة الشعبية جناح مالك عقار، أن السودان يمر بمعضلة وهي اجمال وترميم الوزارات والمرافق الخدمية ولذلك من الأشياء الضرورية ويجب الانتباه إليها وهي ان السودان دولة بنظام ولائي، والنظام الولائي أن أي ولاية هي حكومة متكاملة، والحكومة الاتحادية فيها خلل يعلم تماماً أنه يوجد وزراء ومسؤولين ووكلاء وزراء انحازوا إلى الدعم السريع، والقوة التي تحارب القوات المسلحة في الخرطوم، وهناك شخصيات لها مواقف اخرى، مبينا أن جمود الأحوال وسكونها في السودان من عدم تسيير الدولة ينطوي على مخاطر، ويشكل ضغط وبسبب ربكة للدولة.

وبين إبراهيم أن تشكيل الحكومة المؤقتة شيء إيجابي وفي صميم عمل الدولة وإتمام وإكمال كل مرافق الدولة الناقصة من وزارات وحكام ولايات ومدراء أقسام ومفوضيات، وهي كلها كان بها خلل والخلل الموجود بها هو عدم تشكيل اللجان والمفوضيات والإدارات التي تخص بعض المرافق الحيوية، إضافة التعيينات في القضاة والنيابة العامة وغيرها من الأماكن التنفيذية، والبعثات الدبلوماسية أيضاً لم تكتمل، مثل الخارجية القائم بأعمال لم يكن وزير مكلف أو حتى معين بصورة رسمية.

 وأردف إبراهيم، أن هناك نواقص عديدة في كل المرافق ولا توجد دولة بحجم السودان وولاياتها وأقاليمها، يكون بها خلل ونقص في نظامها الإداري لدولاب العمل الحكومي، ولذلك تشكيل حكومة مؤقتة لتصريف الأعمال شيء مهم جداً ويجب الإسراع فيه، واعفاء بعض الكوادر التي انحازت للتمرد، يجب على البرهان أو مالك عقار سد الثغرات وتسكين الوظائف لإدارة فترة التي   تحارب فيها القوات المسلحة.

ودعمت العديد من القوى السياسية فكرة وجود حكومة مؤقتة لتصريف الأعمال أثناء الحرب، وعلى رأسها قوى الحرية والتغيير الكتلة المدنية.

وكشف معتز الفحل، الأمين السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي، وعضو قوى الحرية والتغيير الجبهة الديمقراطية، أنه من الهام المساهمة في حكومة تصريف أعمال ذات وجهة مدنية تخاطب المجتمع المدني، على أن تكون حكومة تستوعب كل الناس وبها برلمان ومجلس شيوخ تراعي التنوع القبلي والاثني والصوفي، ونستفيد من تسامح الطرق الصوفية ووجودها على الأرض ووجود النقابات ولجان المقاومة.

وأكد الفحل في تصريح خاص لوكالة فرات، أنه يجب أن تقوم تلك الحكومة بتحويل تلك القوى من قوة رافضة ومتشددة ورافضة للآخر إلى قوة منتجة ومتصالحة، وبهذا التوافق تكون القوى السياسية ساعدت في إيقاف الحرب، مبيناً أن تلك الخطوة تحتاج إلى قوى إقليمية تعي ما يحدث في المنطقة.

كما كشف الطيب المكابرابي، الإعلامي والمحلل السياسي السوداني، وأمين مجلس شورى قبيلة الجعليين في السودان، أن الدعوة لتشكيل حكومة مؤقتة لا زالت مطلباً لكل السودانيين (طبعا غير الموالين لقوى الحرية والتغيير) وذلك لأنهم يرون في الحكومة القائمة جسداً بلا روح وتضم من بين حملة حقائبها من يساندون التمرد أو من تم تعبينهم بإصرار من قائد التمرد من عشيرته وأقاربه كما أن بعض أعضاء المجلس السيادي وبعض أطراف اتفاق سلام جوبا انضموا للتمرد أو  لقوى الحرية والتغيير وبدأوا يبحثون عن حكومة بديلة لحكومة البرهان، كما أن الأوضاع في شتى بقاع البلاد تحتاج حسما وتحتاج حكام ولايات جادين.

وأكد المكابرابي، أنه لكل هذا جاءت المطالبات بتشكيل حكومة حرب تستطيع تأمين البلاد والعباد وتحافظ على الموارد وتحمي المواطن من الندرة والاستغلال وتعمل في تناغم مع القوات المسلحة حتى ينجلي الموقف تماماً ثم من بعد ذلك تتشكل حكومة مؤقتة تقود الناس نحو الانتخابات.

وأضاف الإعلامي والمحلل السياسي السوداني، أنه لا توجد حكومة بالمعنى الذي يمكن مالك عقار أو غيره من القيادة فالوزراء موزعون بين ولايات البلاد والموارد غير موجودة وبعض الوزراء والولاة موال للمتمردين وحتى بعض اعضاء المجلس السيادي.

وبين المكابرابي، أن عقار يعمل كل ما بوسعه كنائب لرئيس مجلس السيادة ويتحرك داخليا وخارجيا في بعض المهام، عقار يقود حكومة الان بقدر مايقود مساع تؤدي الى استقرار البلاد ويحافظ على موقعه الموصف في اتفاق جوبا، وحتى الآن لم نسمع أو تقرأ له قرارا يخص عمل الحكومة كما حدث من الكباشي الذي أصدر قراراً عاد بموجبه إشعار المحروقات إلى وضعها السابق بعد ان رفع الأسعار وزير النفط.

بينما توجد قوى أخرى تعارض قيام تلك الحكومة المؤقتة، سواء لأنها ستصبح شرعية سياسية للوضع الذي تشكل بعد انقلاب 25 آب أو لعدم جدوى تشكيلها في حالة الحرب التي تمر بها البلاد حالياً.


يرى كمال كرار، القيادي في الحزب الشيوعي السوداني، أن من يقومون بالحديث عن الحكومة المؤقتة أو حكومة تصريف الاعمال هم يغردون خارج السرب، وطرحت هذه الفكرة بعد انقلاب البرهان في 2021 في مواجهة ثورة الشارع لأسقاط الانقلاب.

وأكد كرار في تصريح خاص لوكالة فرات، أن الانقلاب ثم الحرب جعلت السودان في حالة اللا دولة وليس هناك أي شرعية لأطراف القتال، وبالتالي فمن يتحدثون عن الحكومة المؤقتة انما يبحثون عن مخرج سياسي لطرفي القتال، كما يتطلعون ايضاً للاستوزار والمناصب السيادية.

وأضاف القيادي في الحزب الشيوعي السوداني، أن تعيين حكومة لا يغير الواقع لأنها تأتي في ظل لا شرعية وسيعتبرها الشارع حكومة الانقلاب وسيثور ضدها.


كما كشف إسماعيل حسن، القيادي في تجمع المهنيين السودانيين، أنه حتى لو تشكلت حكومة مؤقتة إذا لم تقف الحرب فلن تستطيع فعل أي شي لتسيير الدولة المفقودة.

واكد حسن في تصريح خاص لوكالة فرات، أن تشكيل تلك الحكومة غير ممكن بمنطق الأشياء، مبينًا أن السودان دولة بها حرب مستمرة ولا يمكن استقرار أي أداء، غير إشكالات في الكهرباء والمياه وضعف شبكة الإنترنت وخروج النظام المصرفي عن الخدمة، وإلى الآن لم يصرف الموظفين راتب شهر نيسان وهذه أمثلة بسيطة..

وتساءل القيادي في تجمع المهنيين السودانيين، أنه كيف ستدار دولة ليس بها مؤسسات ووضعها الامني منفلت بالوضع الموجود به السودان حالياً.