يقع سد تشرين في منطقة منبج الواقعة ضمن محافظة حلب، سوريا على نهر الفرات تم بناء السد في عام 1999 بهدف توليد الكهرباء وتنظيم تدفق المياه للري، يبعد عن مدينة حلب 115 كم وعن الحدود التركية 80كم، لكن في حال تعرضه للضرر أو الانهيار، فإن ذلك قد يكون له عواقب كارثية على المناطق المحيطة به.
سد تشرين يعتبر ذو أهمية استراتيجية لعدة أسباب:
التحكم في مياه نهر الفرات
تسيطر دولة الاحتلال التركي على عدة سدود على نهر الفرات داخل أراضيها مثل سد كهرمان مرعش وسد أتاتورك، وهي تتحكم بشكل كبير في تدفق المياه إلى سوريا والعراق. فيما يعد سد تشرين أحد المكونات التي توازن تدفق المياه في المنطقة. إذا تم استهدافه أو تعطيله قد يكون له تأثيرات كبيرة على كمية المياه التي تصل إلى الأراضي التركية، مما قد يضغط على سوريا أو العراق.
النفوذ الجيوسياسي
تسعى دولة الاحتلال التركي ومن خلال استهدافها المباشر لسد تشرين إلى تحقيق نفوذ كبير في مناطق شمال وشرق سوريا بما في ذلك المناطق التي تحيط بسد تشرين. السيطرة أو التأثير على هذه المناطق يعد جزءاً من استراتيجيتها لتوسيع رقعتها الاحتلالية.
التأثير على الاقتصاد المحلي
ويلعب سد تشرين دوراً مهماً في توليد الكهرباء ويستخدم لري الأراضي الزراعية في المنطقة. إذ سيؤدي تعطيل أو تدمير هذا السد إلى الإضرار بالاقتصاد السوري خاصة في المناطق التي تعتمد على السد في توفير المياه والري، مما يهدف إلى محاولة إضعاف مناطق شمال وشرق سوريا اقتصادياً.
لماذا يتم استهداف السد؟
يعد استهداف سد تشرين جزءاً من صراع واسع النطاق في المنطقة. حيث تسعى دولة الاحتلال التركي إلى استهداف البنية التحتية الحيوية لتحقيق مكاسب استراتيجية. واستهداف سد تشرين هي محاولة لقطع الإمدادات المائية والطاقوية عن عدة مناطق في سوريا، وإضعاف الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وكذلك محاولة لتوسيع رقعة الاحتلال من السيطرة على منطقة الطبقة والرقة وكوباني.
المخاطر المحتملة عن انهيار سد تشرين تشمل:
فيضانات مدمرة: في حالة انهيار السد، قد يتسبب تدفق المياه فجأة في فيضانات هائلة تغمر الأراضي السكنية والزراعية على ضفاف نهر الفرات.
خسائر اقتصادية: قد تؤثر الفيضانات على الأراضي الزراعية في مناطق واسعة، مما يؤدي إلى تدمير المحاصيل وزيادة الحاجة للمساعدات الإنسانية. وانخفاض إمدادات المياه إلى المناطق التي تعتمد على السد لري أراضيها قد يفاقم الوضع الاقتصادي.
أضرار في الطاقة الكهربائية: يعتبر سد تشرين من المصادر الرئيسية لتوليد الكهرباء في المنطقة. لذا فإن انهياره يعني توقف محطات توليد الكهرباء التي تعتمد عليه، مما يؤدي إلى انقطاع الكهرباء عن مناطق كبيرة في شمال وشرق سوريا.
تعطيل حركة النقل: قد يتسبب انهيار السد في تدمير البنية التحتية للطرق والجسور في المناطق المجاورة، مما يعوق حركة النقل ويزيد من صعوبة الوصول للمساعدات الإنسانية أو عمليات الإنقاذ.
مقاومة أهالي شمال وشرق سوريا في مواجهة العدوان التركي
منذ بدء العدوان التركي على شمال وشرق سوريا يبدي أهالي هذه المناطق بجميع مكوناتها مقاومة قوية ضد العمليات العسكرية التي تشنها دولة الاحتلال التركي تحت حجج واهية، هذه المقاومة ليست فقط دفاعاً عن الأراضي، بل ايضاً حماية المكتسبات التي تحققت خلال السنوات الماضية بفضل دماء الشهداء من تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
المقاومة الشعبية في سد تشرين صور من البطولات والتضحية
منذ بدء هجمات جيش الاحتلال التركي ومرتزقته، التي يشنها عبر الطائرات الحربية والمسيرات على سد تشرين، توجه أهالي شمال وشرق سوريا بكافة مكوناتهم العرقية والدينية، من الكرد والعرب والسريان، إلى سد تشرين ويخوضون مقاومة لا مثيل لها ضد الاحتلال التركي ومرتزقته، وذلك من خلال فعاليات المناوبة على السد بهدف حمايته من الانهيار والمخاطر التي قد تحدث في حالة انهيار السد، والتي ذكرنا تفاصيلها في هذا التقرير.
وعلى الرغم من ارتكاب الاحتلال التركي مجازر مروعة بحق المدنيين في سد تشرين، إلا أن صمود الأهالي أمام هذه الهجمات كان بمثابة رسالة قوية للعالم. فقد تحدوا المجازر بعقد حلقات الدبكة التي تمثل رمزاً للحرية، وأصروا على البقاء والمقاومة والنضال. لا يستطيع أحد كسر إرادة هذا الشعب، الذي يتعايش مع المجازر كل يوم، ويطالب بحقوقه في العيش بسلام، وفقاً لمبادئ الأمة الديمقراطية والتعايش المشترك.
استهداف الإعلاميين في شمال وشرق سوريا محاولة لطمس الحقيقة
تشهد مناطق شمال وشرق سوريا تصاعداً ملحوظاً في استهداف الصحفيين من قبل دولة الاحتلال التركي، حيث يتعرض الإعلاميون لانتهاكات جسيمة، تمثلت في الهجمات المباشرة من خلال الطائرات المسيرة. إذ يسعى الاحتلال التركي من خلال هذه الممارسات إلى إسكات صوت الحق، وعرقلة نقل الحقيقة المتعلقة بالوضع الميداني في المنطقة، وخاصة تلك المتعلقة بالصراعات والنزاعات التي تثيرها تدخلاته العسكرية المستمرة.
وإن استهداف الصحفيين ليس فقط انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، بل هو أيضاً اعتداء على حرية التعبير التي يكفلها القانون الدولي. وقد شهدنا في الآونة الأخيرة استشهاد العديد من الصحفيين وإصابتهم، كان أبرزهم الشهيدين ناظم داشتان وجيهان بلكين، اللذين نقلا تفاصيل مقاومة سد تشرين إلى الرأي العام، وقدما صورة حية عن نضال مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية ومقاتلات وحدات حماية المرأة YPJ في معارك سد تشرين، إضافة إلى ذلك، أصيب أكثر من 8 إعلاميين أثناء تغطيتهم للفعاليات الشعبية في سد تشرين، مما يزيد التحديات لدى الإعلاميين في شمال وشرق سوريا في نقل الحقائق التي تكشف انتهاكات دولة الاحتلال التركي ومرتزقته التي ترتكب في شمال وشرق سوريا.
فيما يشكل استهداف الإعلاميين بهذا الشكل الممنهج تحدياً كبيراً أمام حرية الصحافة ويؤثر بشكل مباشر على قدرة الإعلاميين على أداء واجبهم في نقل الوقائع بكل حيادية وشفافية.
الصمت الدولي تجاه انتهاكات دولة الاحتلال التركي يساهم في زيادة هجماتها على مناطق شمال وشرق سوريا
رغم أن مقاومة أهالي شمال وشرق سوريا ضد العدوان التركي لاقت دعماً معنوياً من بعض الدول والمنظمات الدولية، إلا أن الدعم الفعلي على الأرض كان محدوداً. غالباً ما كانت المنظمات الإنسانية والحقوقية تتخذ موقفاً حيادياً تجاه هجمات جيش الاحتلال التركي والمرتزقة التابعين لها.
كما شهد المنطقة انتهاكات جمة من قصف وتهجير قسري. وكان آخرها تهجير أهالي مدينة عفرين المحتلة مرة أخرى على يد مرتزقة الاحتلال التركي في مناطق الشهباء، مما تسبب في مجازر كبيرة بحق المدنيين العزل وانتهاكات جسيمة لا تعد ولا تحصى. وصولاً إلى استهداف المدنيين بشكل مباشر أثناء فعّاليات المناوبة في سد تشرين.
ويستهدف الاحتلال التركي يومياً المدنيين في سد تشرين، مما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى. وفقاً لما وثقته بعض الوكالات المحلية، ومنها وكالة أنباء هاوار، فقد بلغ عدد الشهداء 21 شهيداً، إضافة إلى 203 إصابات، هذا ولا يزال يستهدف الاحتلال التركي عبر الطائرات الحربية والمسيرات المدنيين العزل المناوبين في سد تشرين ويرتكب المجازر بحقهم بشكل يومي.