بين انتخاب رئيس ووضع اقتصادي صعب.. اللبنانيون يعيشون أعقد أزماتهم

يجهد اللبنانيون، وسط أزمة اتخذت أبعاداً سياسية واقتصادية وعسكرية، وانهيار متواصل في سعر الليرة، للبحث عن مخرج في جو تغيب عنه أفق الحلول الى درجة يُخشى أن يكون الجيش فيه غير قادر على تسيير دورياته نتيجة لنقص الموارد.

ويرى مراقبون للوضع الاقتصادي في لبنان أن القيادة السياسية في هذا البلد العربي هي التي يجب أن تتحمل مسؤولية تدهور الحالة المعيشية للمواطن، فبدلاً من البحث عن بدائل في إطار تنفيذ برنامج الإصلاح المالي الذي يتم بالتوافق مع صندوق النقد الدولي، أصبح الأمر مجرد ضغوط للحد من الأنفاق تحمل العبء الأكبر فيه المواطن الذي يواجه ظروفًا معيشية غير مسبوقة.

وضع شديد السوء ولكن؟

في هذا السياق، يقول محمد القزاز الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن اللبناني، لوكالة فرات للأنباء، إن الأوضاع الاقتصادية الصعبة لا شك أنها في ازدياد، وأعتقد أن اللبنانيين تعودوا عليها، وتأقلموا مع هذا الوضع شديد السوء، لأنه مستمر منذ عام 2019 بانهيار الدولار مع رحيل حكومة سعد الحريري، وبالتالي الشكوى هنا لا تفيد.

وبشأن أن الأزمة الاقتصادية طالت الجيش اللبناني ومخاوف بشأن قدراته على تسيير الدوريات، يقول "القزاز" إن هذا ليس بالوضع الجديد كذلك على الجيش، فمنذ حوالي عامين تم منع توريد اللحمة إلى الجيش اللبناني، بسبب الظروف الاقتصادية، وقد كانت هناك منحة سعودية سنوية قيمتها 2 مليار دولار لكنها متوقفة تماماً منذ عام 2019 وحتى هذه اللحظة.

ويرى الكاتب الصحفي المصري أنه لولا الدعم اللوجيستي القادم من فرنسا والولايات المتحدة لانهار الجيش اللبناني تماماً، وهذا الدعم كما يقال ليس من أجل سواد عيون اللبنانيين، وإنما هدفه الحفاظ على الجيش من الانهيار لأن وجوده وإدارته للحدود يساهم في حفظ الأمن القومي الإسرائيلي، وبالتالي هناك استنزاف للموارد الاقتصادية للجيش اللبناني وهو بدوره ليس من الجيوش التي تمتلك مشروعات منتجة خاصة بها.

يذكر أنه في مايو الماضي، أكد تقرير للبنك الدولي أن تطبيع اللبنانيين مع الأزمة الاقتصادية الحادة لن يكون طريقاً للاستقرار، فلا زال الاقتصاد اللبناني في حالة تراجع حاد، في وقت تنهار الليرة ويتعثر مسار التعافي الاقتصادي، بينما القرارات السياسية التي تتخذ قرارات مجزأة وغير مناسبة لإدارة الأزمة.

الأزمة الاقتصادية وانتخاب رئيس جديد للبلاد

ويرى محمد القزاز أن الأزمة الاقتصادية ترتبط في حلها بانتخاب رئيس جديد للبلاد، لأن الدول التي ستمنح لبنان المساعدات أو قد تقدم لها القروض سواء دول الخليج العربي أو الدول الأخرى، بحاجة إلى أن يكون هناك رئيس وحكومة دائمة، لأنهم في هذه الحالة سيعلمون مع من يتعاملون ولديهم الثقة به لا سيما من قبل مؤسسات التمويل الدولية.

وأضاف أن الدعم الخليجي سيعود بمجرد انتخاب رئيس أو سيظل متوقفاً ما لم يكن هناك رئيس جديد في لبنان، وهذه مشكلة أخرى في ظل الخلافات السياسية سواء بين الفصائل السياسية اللبنانية أو القوى الدولية المتداخلة في الوضع السياسي اللبناني.

ويقول "القزاز" إن تأخر انتخاب رئيس جديد للبلاد، جعل اللبنانيين وكأنهم في انتظار من لا يأتي، معتبراً أن المشكلة قد تستمر ولن يكون بمقدور اللبنانيين انتخاب رئيس جديد للبلاد إلا بعد يناير المقبل إذا كان الطرف الثاني في الانتخابات قائد الجيش اللبناني في مواجهة سليمان فرنجية، إذ أن الدستور يمنع قائد الجيش من الترشح إلا بعد انتهاء ولايته اللهم إذا تم تعديل الدستور.

وفي 14 يونيو الماضي فشل البرلمان اللبناني في انتخاب رئيس جديد للبلاد وذلك للمرة الـ 12 على التوالي بعد جلسة حامية شهدت انقسامات حادة للغاية بين الفريقين الذين يقفان خلف المرشحين وقتها جهاد أزعور وزير المالية السابق ومنافسه سليمان فرنجية.