وسط هذه الأجواء، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا، أمس الأول، تعلن فيه رفضها الاعتداء الذي طال قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في المنطقة العازلة بين قبرص وقبرص الشمالية أو التركية غير المعترف بها، إذ اعتدت القوات التركية على البعثة الأممية بينما كانت تحاول منع شق طريق في المنطقة العازلة، الأمر الذي كان موضع إدانة دولية كذلك.
البيان يحمل رسائل مستترة
في هذا السياق، يقول كرم سعيد الخبير في الشأن التركي، لوكالة فرات للأنباء، إن البيان الرسمي المصري يبدو أنه مجرد بيان دبلوماسي، لكن في واقع الأمر البايان يحمل رسالة مستترة إلى تركيا ترتبط بالاجتماع الأخير الذي عقده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع وفد مما يعرف بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
وأوضح سعيد أن الاجتماع الذي عقده أردوغان مع وفد هذا الاتحاد كان يضم عددًا من أعضاء جماعة الإخوان أو المحسوبين عليها مثل محمد الصغير، كما أنه أعقبه الإعلان عن وضع خط ساخن لتلقي شكاوى اللاجئين والمهاجرين من قبل رئاسة الجمهورية التركية، وتحت المهاجرين واللاجئين يسكن المنتمين إلى التيارات المؤدجة في تركيا مثل الإخوان وغيرهم.
ويقول الخبير في الشأن التركي إن بيان وزارة الخارجية المصرية يمكن أن يفهم في هذا الإطار، مضيفًا أن البيان أيضًا إلى حد ما بيان تقليدي لا يحمل إدانات قوية ولا يحمل لغة متشددة، كان بدرجة ما بيانًا هادئًا دبلوماسيًا، ويمكن القول إن لغته كانت في إطار الرسالة المستترة التي تحدثنا عنها بشأن احتماع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مع أردوغان.
اجتماع "علماء المسلمين" مع أردوغان
ويفسر كرم سعيد لغة البيان بأنها ارتبطت كذلك بما أثير عن إمكانية توتر العلاقات بين القاهرة وأنقرة وربما كذلك دول الخليج العربي عقب هذا الاجتماع، لكن رأينا أن الجانب التركي يحاول تدارك الأمر سريعًا، إذ رفض استقبال أسرة مصرية قادمة من السودان في مطار إسطنبول، كما كانت هناك بعض عمليات التوقيف لمصريين قادمين إلى تركيا، في إشارة منه إلى أنهم ربما يتبعون تيارات إخوانية.
ويلفت سعيد إلى أنه يجب الأخذ في الاعتبار كذلك أن الاجتماع بين أردوغان ووفد اتحاد علماء المسلمين كان مجرد اجتماع روتيني، يهدف منه الرئيس التركي إلى كسب ود بعض التيارات المحافظة والتقليدية التي لديها شعور بالمظلومية تجاه جماعة الإخوان، لا سيما وأن حزب العدالة والتنمية يستعد للانتخابات البلدية وهو في حاجة لأصوات هؤلاء.
البيان المصري
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية السفير أحمد حافظ كتب عبر حسابه على موقع "إكس" أنه فى إطار متابعة التطورات الأخيرة فى المنطقة العازلة فى قبرص، ترفض مصر بشكل قاطع الاعتداء علي قوات حفظ السلام الأممية فى المنطقة، وتؤكد موقفها الثابت تجاه القضية القبرصية الذى يتأسس على احترام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وتثمن مصر خصوصية واستراتيجية العلاقات مع جمهورية قبرص.
وكانت بعثة الأمم المتحدة حضت الجانب القبرصي التركي على احترام سلطة البعثة المفوضة داخل المنطقة العازلة للأمم المتحدة، والامتناع عن أي أعمال يمكن أن تزيد من تصعيد التوتر، وسحب جميع الأفراد والآليات من المنطقة العازلة التي تشرف عليها الأمم المتحدة على الفور، مؤكدة تصميمها على منع أي أعمال بناء وأنها ستبقى في المنطقة ومصممة على إرساء الهدوء والاستقرار.
وتأتي تلك التطورات أيضًا في خضم حديث كان رائجًا في كثير من وسائل الإعلام المصرية والتركية قبل نهاية الشهر المنصرم عن زيارة من قبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى تركيا وعقد لقاء قمة مع نظيره أردوغان، لكن فجأة تم تأجيل هذا اللقاء ولم تحدث الزيارة لأسباب غير معلومة بعد، فيما تم التعقيب من قبل سفير أنقرة لدى القاهرة بأن الزيارة ستتم قريبًا.
وكانت القاهرة طردت السفير التركي عام 2013 وأعلنت قطع العلاقات الدبلوماسية معها، رفضًا لتدخلات أردوغان في الشأن الداخلي المصري، إذ كان الرئيس التركي يقود تحركات موسعة لدعم جماعة الإخوان التي تم الإطاحة بحكمها إثر تدخل عسكري مدعوم باحتجاجات شعبية واسعة ضد حكم الجماعة.
لكن في الأشهر الماضية جرت مباحثات عديدة تطورت مع زيارة وزير الخارجية سامح شكري إلى تركيا عقب أحداث الزلزال المدمر في فبرير، وقبلها المصافحة الشهيرة بين السيسي وأردوغان خلال افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر، وصولًا إلى عودة السفراء بين البلدين قبل أسابيع.