بعد رفض فتح مجالها الجوي وتحذيرات ساركوزي..أين تتجه العلاقات الفرنسية الجزائرية

رفضت الجزائر طلب فرنسي باستخدام أجوائها لتنفيذ هجمات ضد الإنقلاب في النيجر، وسبق ذلك الرفض تصريحات من الرئيس الفرنسي الأسبق ساركوزي يحذر ماكرون من إفراطه في العلاقات مع الجزائرعلى حساب المغرب، مما يثير التساؤلات حول العلاقات الفرنسية الجزائرية.

كشفت سعاد بروال ربيحة  رئيسة الفيدرالية الجزائرية للتنمية الاقتصادية والتعاون المشترك، والخبيرة الاستراتجية وعلوم العلاقات السياسية، أن موقف الجزائر معروف في اتخاد قراراتها، مرور الطائرة الحربية الفرنسية في اجوائها امر مرفوض ومفروغ منه لا نقاش فيها.

وأكدت ربيحة في تصريح خاص لوكالة فرات، أن العلاقات ودية بين فرنسا والجزائر وحسنة نوعا ما لانها بلد شقيق يربطه مع الجزائر تاريخ لاسترجاع الذاكرة واهم شيء هي علاقة ديبلوماسية أكثر من اقتصادية وليس لها تأثير لا سياسي ولا اقتصادي.

وأضافت رئيسة الفيدرالية الجزائرية للتنمية الاقتصادية والتعاون المشترك، أن فرنسا تعمل جاهدة أن لا تخسر العلاقة مع الجزائر، والجزائر موقفها من الأزمة النيجيرية واضح لا نريد مواجهات عسكرية.

كما كشف عيسى بليلة، الناشط السياسي الجزائري، والضابط المتقاعد من الجيش الجزائري، أن هذا القرار هو قرار سيادي من الحكومة الحزائرية،  والنيجر بلاد حرة وغير مستعمرة من واجب البلاد المجاورة لها حمايتها وعدم فتح اي مجال للدخول اليها وهذا شيء طبيعي..

وأكد الناشط السياسي في تصريح خاص لوكالة فرات، أنه على الجانب الشعبي لا تزال العلاقة مع فرنسا علاقة اعداء لانه مستعمر، مشيرًا إلى أن باريس قتلت ثلاثة من أجداده شهداء هم عيسى عبدي محمد، عيسى عبدي لخضر، عيسى عبدي يوسف تحت التعذيب، كما أن الجزائر بلد المليون ونصف شهيد وهم  بالأحرى أكثر من سبعة ملايين شهيد، مما يعد من الصعوبة محو هذا التاريخ من الدماء في عقول الشعب الجزائري.

بينما قالت سارة كيرا، مديرة المركز الأوروبي الشمال افريقي، إنه رغم رفض الجزائر فتح اجوائها الجوية أمام. الطيران الفرنسي للوصول إلى النيجر، إلا أن فرنسا مضطرة للتعامل مع الجزائر.

وعددت كيرا في تصريح خاص لوكالة فرات ، أسباب تمسك فرنسا بعلاقتها بالجزائر اولا بسبب النفوذ الصيني والروسي في افريقيا، وفرنسا لا تريد ترك المجال بشكل كلي لتلك الدولتين في القارة السمراء، خاصة وأن الروس يحاولون التضييق على أوروبا ، كما أن نيجيريا والجزائر من أكبر منتجي النفط والغاز في افريقيا وبينما تتخذ نيجيريا بريطانيا كحليف لها،  إلا أن الجزائر تعد حليفا للفرنسيين، كما أن فرنسا لا يمكنها خسارة حلفاء أكثر من ذلك في افريقيا ، فنحن لا نتحدث فقط عن تراجع للنفوذ الأوروبي أمام الروسي في أفريقيا لكن نتحدث عن إنهيار لمنظمة الفرانكفون، لأن روسيا حاليا تمسح مخلفات الاستعمار وليس لمحاولة لتوسيع نفوذها فقط.

واضافت رئيسة المركز الأوروبي الشمال افريقيا للدراسات، أن روسيا بدأت تهتم بتوسيع نفوذها في افريقيا منذ تدخل الناتو في ليبيا عام ٢٠١١، عندما شعرت أن الغرب بدأ يبتسم كعكة العالم بين دولة دون اكتراث للمصالح الروسية،  وهذا مرتبط أيضا بامدادات الغاز لأن روسيا تحاول قطع إمدادات الغاز القادمة إلى أوروبا  لاضطرار الأوروبيين الاعتماد على الغاز الروسي، خاصة مع العقوبات الغربية وهو ما يجعل الجزائر حليف لا غني عنه للفرنسيين.

وتطرقت كيرا لتصريحات ساركوزي ونصيحته لماكرون بأن لا يفرط في علاقته مع الجزائر على حساب المغرب وذلك دليل على أن فرنسا وهي من أحد أعمدة الاتحاد الأوروبي يوجد لديها تخبط وعدم توازن في علاقتها الخارجية مع الدول التي كانت بمثابة حلفاء لها وكانت تستغلها مما يدل على أن أوروبا اصبحت تعاني في علاقتها مع دول جنوب المتوسط.

واوضحت كيرا ، أن فرنسا بدأت تقدم العديد من التنازلات للجزائريين  ووافقت على العديد من الطلبات التي ظلت تطالب بها الجزائر لعقود، وذلك بعد أن زاد النفوذ الفرنسي في افريقيا مما يدل على أن تعامل الأوروبيين مع دول جنوب المتوسط رغم أنها دول هامة بالنسبة لاوروبا سواء من الناحية الاستراتيجية أو من ناحية السلع، إلا أنها كانت معاملة قاصرة في حق الشعوب وسياستهم كانت بها تسويف لكل ما هو في صالح تلك الشعوب وكانوا ينظرون لها بمثابة الحديقة الخلفية لهم والمخزن الممتلئ لهم بالموارد والذي يمكنهم استخدامه في أي وقت، وذلك أن الأوروبيين ينظرون إلى السياسة الخارجية من وجهة نظرهم ولا يقيمون وزن لوجهات النظر الأخرى.

واردفت أن الأوروبيين يفعلون ما في وسعهم الحيلولة دون وقوع الدول في احضان روسيا، وذلك مثلما حدث مع اليونان عندما انقذوها بعدما غرقت في الديون وشكلوا لها لجنة ثلاثية مما اثقل على ميزانية الاتحاد الأوروبي.

ويوجد عامل آخر لا يقل خطورة وهو تصويت الجزائريين حاملوا الجنسيات الفرنسية لصالح ماكرون في الانتخابات الفرنسية وهم قوي لا يستهان بها، وهم لن يصوتوا لماريان لوبان اليمينية المتطرفة التي تسعي لتقليص نفوذهم في كافة مناحي الحياة في فرنسا، خاصة بالنسبة للجيل الثاني والثالث الذين يعتبرون فرنسا وطنهم الأم.

وأشارت كيرا إلى، أن هذا العامل تزداد أهميته مع  وجود انتخابات قادمة، خاصة وأن ماكرون أداؤه سيئ وخرجت ضده مظاهرات السترات الصفراء التي استمرت لما يقرب من العام وحادث فانيتي، وهو يحاول أن يتودد لقاعدة انتخابية ثابته مثل المهاجرين الجزائريين، لا سيما أنه توجد مصالح جيوسياسية بين البلدين.

وأوضحت  كيرا أن الجزائر في موقع قوة في علاقتها مع فرنسا لأنها باتت تتحكم في جزء هام من موارد الطاقة التي تصل إلى  فرنسا سواء عبر الغاز الذي تضخه او عبر خط الغاز النيجيري الجزائري الذي يمر عبر اراضيها، كما أن الجزائر لا تريد أن تخسر علاقتها مع جيرانها الافريقيين مثل النظام الحالي في النيجر خاصة بعد أن لمست تأييد شعبي  للنظام الجديد ولخروج النفوذ الفرنسي من البلاد.