ويجمع مراقبون فلسطينيون أن قوات الاحتلال الإسرائيلي لن تجاذف بتنفيذ الهجوم البري الشامل، خوفاً على حياة الرهائن وكذلك فإن قوات الاحتلال ربما تتكبد خسائر كبيرة على الأرض وذلك بعد نصيحة من الولايات المتحدة الأمريكية، والأخيرة يبدو أن ذكريات حربي فيتنام وأفغانستان لا تزال عالقتان في أذهان قادتها العسكريين.
سيناريو وضعته أمريكا للحرب البرية
في هذا السياق، يقول الدكتور أيمن الرقب القيادي بحركة فتح، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الهجوم البري قد بدأ بالفعل ومن المتوقع أن يتوسع، لكن المعطيات إلى الآن تشير إلى أنه لن يكون شاملاً، معرباً عن اعتقاده بأن هناك توصيات أمريكية بأن يكون التدخل البري في القطاع محدوداً ويقوم على نظام الكر والفر.
وأوضح "الرقب" أن هذا الوضع يستهدف تحقيق هدفين رئيسيين الأول إطالة أمد الحرب وبالتالي استنفاذ كل قوة المقاومة قدر المستطاع من خلال دفعها لاستخدام كل ما تمتلك من صواريخ وبالطبع أسلحة وذخيرة، وبالتالي مع الوقت ستنتهي ذخيرة وأسلحة المقاومة – وبالتالي وهنا الغرض الثاني – سيسهل على قوات الاحتلال دخول قطاع غزة دون خسائر كبيرة.
ولفت السياسي الفلسطيني إلى أن الخطة السابقة كانت تقوم على الدخول بعدد 100 ألف عسكري إسرائيلي أي بعدد كبير بغطاء جوي، ولكن ما حدث أن الاحتلال خشى أن يقتل الأسرى الذين لدى المقاومة الفلسطينية، وبالتالي ستكون حكومة بنيمين نتنياهو أمام مشكلة كبيرة للغاية، وبالتالي الأمريكيين قدموا لهم النصيحة بالتريث في مسألة التدخل البري، لأنهم لا يعلمون بعد طبيعة الأنفاق في القطاع.
وقال "الرقب" أن عمليات الهجوم البري خلال اليومين الماضيين كانت بمثابة جس للنبض، ومن هنا جاءت النصيحة الأمريكية بأن تكون هناك عمليات برية محدودة وعدة عمليات الهدف منها أن تستنفذ المقاومة الفلسطينية الأسلحة والذخيرة، وبالتالي يكون الدخول لاحقاً أسهل، وسيكون بمقدور قوات الاحتلال في هذا السيناريو اعتقال وقتل من شاءوا، وستكون المهمة أسهل.
ويرى القيادي بحركة فتح، في ختام تصريحاته، أن الاحتلال الإسرائيلي يرى أن هذا هو السيناريو المناسب، أي التحرك عسكرياً على الصعيد البري في إطار هذه النصيحة الأمريكية، حتى لو استمرت الوضع الحالي عدة شهور، دون اللجوء إلى عملية برية شاملة في الوقت الحالي إذ أنه من المحتمل أن تكلفه حياة الأسرى والمحتجزين لدى المقاومة، فضلاً عن أن جيش الاحتلال سيخسر بالتأكيد أرواح آلاف من جنوده.
وأكد متحدث جيش الاحتلال اليوم أن العملية العسكرية على غزة لها العديد من الأهداف، أولها تدمير قدرة حماس على الهجوم وأيضاً تحرير الرهائن، ومن أجل ذلك سيكون التعامل جوياً من خلال تدمير المواقع، كما سنقوم بعملية برية واسعة، في وقت يثير الحديث عن حرب برية واسعة المخاوف بشأن تحول حرب غزة إلى صراع إقليمي واسع.
الاحتلال يريد منطقة عازلة
يتفق الدكتور ماهر صافي الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني مع رأي الدكتور أيمن الرقب بأن الاحتلال الإسرائيلي تراجع عن مسألة الدخول البري الشامل لقطاع غزة في الوقت الحالي، بناء على طلب من الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكداً أنه في ظل بقاء العمليات البرية عند بعض المناطق الشمالية، فإنه لا يمكن الحديث بعد عن هجوم بري شامل.
وأوضح "صافي" أن الهجوم البري الشامل يعني أن يصل من الشمال وحتى رفح جنوباً، لكن الاحتلال يركز بصفة رئيسية الآن على مناطق الشمال، وكأنه يريد إنشاء منطقة عازلة تماماً تفصل شمال غزة عن جنوبه، كما أنه يخشى على حياة الأسرى، والواقع يقول إنه عندما تصل العمليات البرية التي لا تزال محدودة حتى الآن عند منطقة دير البلح، وقتها يمكن القول إننا أمام عملية برية شاملة للاحتلال في قطاع غزة.
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني أن عملية السابع من أكتوبر حققت مكسباً كبيرة بلا شك للمقاومة الفلسطينية، إلا أنه وللأسف دمرت قطاع غزة بالكامل، منتقداً المواقف الدولية وبعض المواقف العربية إزاء ما يجري في القطاع، وعدم القدرة على إدخال المساعدات والمواد الإغاثية إلى أهالي غزة بشكل كاف.