بعد 106 سنة من إنشائها.. أسرار مقبرة "أحمد شوقي" الكردي المصري تثير الجدل

أثارت مقبرة أمير الشعراء أحمد شوقي الجدل بعد ما تداول رواد وسائل التواصل الاجتماعي صوراً زعموا فيها انها لهدم مقبرة أحمد شوقي وهو ما نفته السلطات المصرية.

لا يعلم الكثير من المتابعين ان الشاعر أحمد شوقي ذو أصول كردية خالصة، حيث تنحدر عائلته من مدينة السليمانية، ونجح في ان يجد لنفسه مكانة خاصة داخل لغة الضاد وأن يصبح أحد أكثر الشخصيات الكردية تأثيراً في العالم، ويظل اسمه راسخاً في صفحات التاريخ والأدب العربي

كشفت درية عوني، الكاتبة والمؤرخة المصرية ذات الأصول الكردية، أن أمير الشعراء أحمد شوقي هو من الكرد الذين نزحوا من جنوب كردستان، من مدينة السليمانية تحديداً، حيث جاء جده المسمى محمد شوقي إلى مصر في عصر محمد علي باشا والي مصر حاملاً توصية من أحمد باشا الجزار، وكان يجيد اللغات الثلاثة العربية والتركية والكردية.

وأكدت "عوني" في كتابها "الكرد في مصر عبر العصور"، أن أحمد شوقي يعد كردياً خالصاً من جهة الأب والأم، لأن جده من جهة أمه كردي جاء إلى مصر في عهد إبراهيم باشا، يدعي أحمد حليم النجدة لي، وينحدر من قرية نجدة في شمال شرق كردستان قرب بحيرة اورمية، وتدرج في الوظائف حتى أصبح وكيلا لخاصة الخديو إسماعيل باشا، وترك جد أحمد شوقي ثروة كبيرة ولكن والد أحمد شوقي قام بتبديدها، ولكن جاءت نشأة أحمد شوقي على يد جدته فعاش معها شوقي حياة الترف والنعيم.

كان أمير الشعراء يدرك أصوله الكردية  وافتخر بهذا الأصل في أكثر من مناسبة في حياته، ومنها في مقدمة شوقياته، حيث ما نصه " سمعت أبي يرد أصلنا إلى الكرد فالعرب"، كما كشف حقي الشبلي نقيب الفنانين العراقيين أنه عندما حضر بيعة أحمد شوقي أميرا للشعراء، احتفى به عندما سمع أنه عراقي وجاء للترحيب به وبسؤاله عن العراق وعن الكرد ومدينة السليمانية، وعندما سأله أحد أعضاء الوفود المشاركة عن سر الاهتمام بالوفد العراقي قال: "إنهم من أبناء جلدتي ومن أرض أجدادي لكوني من أصول ترجع إلى تلك الأرض وخاصة كوني كردياً لأن جدي محمد هاجر منها إلى مصر".

التحق أحمد شوقي بمدرسة الشيخ صالح بحي الحنفي ثم انتقل لمدرسة الخديوي الثانوية ونجح فيها وتفوق ثم حصل على شهادة الحقوق ثم شهادة فن الترجمة، وعين موظفا في القصر، وفي عام 1891 أوفده الخديوي إلى فرنسا لدراسة الحقوق والأدب الفرنسي، وبعد أن أتم دراسته في جامعة مونبلييه وباريس عاد لمصر عام 1893 عاد لمصر.

انتدبه الخديوي لينوب عن حكومته في مؤتمر المستشرقين في مدينة جنيف الفرنسية، وفيه ألقى شوقي قصيدته كبار الحوادث في وادي النيل، وكان شوقي يصاحب الخديوي في تركيا وأنعم عليه السلطان عبد الحميد الثاني برتبة بيك ومنحه رتبة صاحب السعادة
نفي أحمد شوقي بعد خلع عباس حلمي الثاني عام 1914 إلى إسبانيا، وبقي بها لمدة خمس سنوات حتى عاد إلى مصر عام 1920، واستقبله أهلها استقبال الفاتحين.

كان شوقي من الشعراء الوطنيين ولذلك بايعه شعراء مصر والعرب في حفل كبير أقيم في دار الأوبرا المصرية عام 1927 أميراً للشعراء وحضر الحفل أعلام الفكر في العالم العربي، تحت رئاسة رئيس الوزراء المصري في ذلك الوقت سعد زغلول.

وكتب شوقي بجوار قصائده سبع مسرحيات وهي مصرع كليوباترا، مجنون ليلي، عنترة، قمبيز، أميرة الاندلس، الست هدي، علي بيه الكبير، ورحل أحمد شوقي عن عالمنا في 13 تشرين الأول عام 1932، ودعته مصر كلها شبابا وشيوخا وانتقل إلى مثواه الأخير في مقبرته في السيدة عائشة بالقاهرة.

وكشف دكتور محمد حمزة العميد السابق لكلية الآثار بالقاهرة، ان مقبرة أمير الشعراء أحمد شوقي تأسست عام 1336 هجرياً، 1918 ميلادياً، وهي نفس الفترة التي كان أحمد شوقي منفيا خارج مصر وجاء في نص الإنشاء الذي يعلو مدخل مقبرته أنه من تأسيس كريمات المرحوم حسين باشا شاهين، ويعد هذا النص التأسيسي من النصوص النادرة المكتوبة بتلك الطريقة، نظراً للظروف الاستثنائية الذي كتب فيها.

وأكد حمزة في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء (ANF)، ان تلك المقبرة بها عدد من التراكيب في غاية الإبداع والتميز المعماري ومن تلك التراكيب مقبرة شاهين بيك، وزوجته فطنت وابنته إقبال شاهين، وابنه حسين باشا شاهين، بجانب تراكيب أخرى مثل تركيبة يحيى مسعود بك وأحمد محمد محرز بك. ويقبع بجوار تلك التراكيب تركيبة أمير الشعراء أحمد شوقي، وهي ذات أربعة أعمدة ويعلوها صف من المقرنصات ويتوسطها خطوط عربية ضمت أمير الشعراء أحمد شوقي بيك وفوقها توفي إلى رحمة الله بخط عربي بديع.