مدن مصر تنتفض دعماً لفلسطين وتفوض "السيسي" لاتخاذ ما يلزم لحماية الأمن القومي

شهدت محافظات مصر خروج حشود غير مسبوقة بعد صلاة الجمعة اليوم، للتعبير عن دعمهم للفلسطينيين ورفضاً لما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي تجاه سكان قطاع غزة، معبرين عن دعمهم لأي إجراءات يتخذها الرئيس السيسي لحاية الأمن القومي المصري.

وقد حملت كلمة الرئيس المصري أمس الأول خلال لقاء مع المستشار الألماني أولاف شولتس عديداً من الرسائل التي يمكن وصفها أنه في غاية الخطورة، خاصة عندما اعتبر أن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي قد يؤثر على السلام بين القاهرة وتل أبيب، وأن مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء يعني جر مصر إلى حرب مع إسرائيل.

رسائل للداخل والخارج

في هذا السياق، يقول اللواء عادل العمدة المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، في اتصال هاتفي مع وكالة فرات للأنباء (ANF)، إن كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي حملت عديداً من الرسائل ليس للداخل المصري فقط بل للعالم كله، ولكل شعوب العالم المحبة للسلام بما في ذلك الشعب الإسرائيلي، لكي يضطلع كل منا بمسؤولياته تجاه ما يحدث في قطاع غزة.

وأضاف أن الرئيس المصري أكد على 4 رسائل في غاية الأهمية أولهم أن الأمن القومي المصري خط أحمر لا يمس ولا يمكن لأحد الاقتراب منه، والرسالة الثانية أنه غير مسموح لمصر بأن تكون ملجأ لأي أحد بهذه الطريقة التي تريدها إسرائيل والرفض التام لتهجير الفلسطينيين لأن هذا يعني تصفية القضية والقضاء عليها، والرسالة الرابعة أنه لا مرور لأي أجانب من معبر رفح إلا بدخول المساعدات للقطاع، معتبراً أن الحشود التي خرجت هي دعم ووقوف من الشعب خلف القيادة السياسية.

خطاب بلغة الغرب

بدوره، يقول أحمد رفعت الكاتب الصحفي والمحلل السياسي إن كلمة الرئيس السيسي كانت واضحة ومحددة وتخاطب اللغة التى يفهمها الغرب بحديثه عن المدنيين والمثال الذى ضربه فيما يتعلق بصحراء النقب، وهذا الحديث يوضح أن الأمر كبير وخطير وأكبر من مسألة محاربة متطرفين في غزة كما يدعي الإسرائيليين، لأنه لو كان الأمر كذلك فلينقلوهم إلى صحراء النقب وليس إلى سيناء.

وأضاف رفعت، في اتصال هاتفي مع وكالة فرات للأنباء (ANF)، أنه رغم كل ذلك فنحن أمام إسرار مصري ضد فكرة التهجير من أجل بقاء القضية الفلسطينية كما هى، لأن المخطط باختصار هو نقل أهالي غزة إلى سيناء ونقل أبناء الضفة الغربية إلى الأردن وبعد ذلك يأتي الدور على عرب 48 رغم حصولهم على الجنسية الإسرائيلية، ولكن سيتم طردهم بحجه أنهم ليسوا يهوداً بل عرباً مسلمين ومسيحيين.

وقال الكاتب الصحفي المصري إن عرب 48 رغم حصولهم على الجنسية لكنهم يحافظون على هويتهم وسقط منهم على سبيل المثال 6 شهداء فى 2022، وهذا رقم قياسي مقارنة بعدد الشهداء فى 2022 والذي كان 232  منهم 171 فى الضفة الغربية و53 فى غزة و6 من عرب 48، وهذا رقم كبير ويعنى أنهم يقاومون برغم حصولهم على الجنسية الإسرائيلية بالإكراه.

السلام على المحك

وتابع إنه إذا حدث ذلك وتم تصفية فلسطين من الفلسطينيين ستكون هناك مشكلات متعلقة بالحدود مع لبنان والأردن وفلسطين، وبالتالي سيصبح الأمر ليس مجرد قضية فلسطين فقط، وبالتالي نحن نصنع خط دفاع متقدم بحيث لا تصل الأمور لمسائل صعبة، وإذا وصلت الأمور لهذا فإن السلام مع إسرائيل على المحك، وهذا بالطبع نبه له سيادة الرئيس، لأن بمخططات إسرائيل سيكون السلام صعباً أو غير موجود، وبالتالي نحن كمصر لن ننتظر حتى يحدث ذلك لإثبات موقفنا، لذلك كان حديث الرئيس السيسي عن إمكانية الدعوة لخروج الحشود المصرية والذين خرجوا بالفعل.

وأوضح رفعت أنه كان من الممكن وجود تفويض مع قبل البرلمان أو من الأحزاب، لكن كعادة الرئيس فى أى أزمة اللجوء إلى الشعب المصرى مباشرة بالرغم من امتلاك هذه المؤسسات صلاحيات دستورية، لكن الرئيس يبحث عن ماهو أفضل واللغة التى  يفهمها العالم هي لغة الجماهير وخروجهم بشكل مباشر، فعندما يرى العالم الملايين تقف خلف القيادة يدركوا مدى تماسك مصر وإصرارها على موقفها.

استمرارية معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل

بدوره، يقول الدكتور طارق فهمي الخبير في شؤون الشرق الأوسط، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه يرى أن حديث الرئيس السيسي حمل رسالة سياسية استراتجية أمنية، وهى من حيث التوقيت مهمه لإطلاقها للتأكيد على مخاوفه من استمرار عملية السلام، ولأول مرة يقال في مصر إنه هناك خوف على معاهدة السلام، وهذا يعني رسالة لإسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة بأن هناك تخوف بشأن استمرار معاهدة السلام.

وأوضح فهمي أن حديث الرئيس السيسي هذا جاء ليحمل الولايات المتحدة وإسرائيل أى تطورات جارية فى هذا الملف لأول مرة، وهو في ذلك يشير إلى سيناء ومسألة تبادل الأراضى بين العرب وإسرائيل، وبالتالي فإن الأمر يمضي فى سياقين الأول حرص مصر على استمرار عملية السلام بينا وبين إسرائيل، والثاني عدم تحميل مصر مسؤولية إخفاق عملية السلام.