وتأتي التصريحات الإيرانية التي اعتبرتها البحرين استفزازية في وقت يفترض وجود سياق من التهدئة بين طهران ودول الخليج العربي، لا سيما بعد اتفاق تطبيع العلاقات مع السعودية وفتح السفارات المتبادل بين الدولتين، وهو ما يفتح الباب للتساؤل حول أهداف إيران من ذلك وما قد يكون لتلك التصريحات من انعكاسات.
16 سبتمبر سبب هذه التصريحات
بدوره، يقول كميل البوشوكة وهو ناشط ومحلل سياسي من الأحواز بإيران إن طهران لديها سياسة خارجية ثابتة لا يستطيع النظام تغييرها، ربما يتراجع عنها بعض الوقت لكن لا يمكن أبدًا أن يغيرها، وهي سياسة تقوم على نشر الفوضى والثورة خارج الحدود الإيرانية والنظام يرى أن شرعيته مستمدة من هذه السياسة.
وأضاف، في تصريح لوكالة فرات للأنباء، أن طهران تعاني من الضغوط جراء أوضاع حقوق الإنسان والسجناء وما يرتكبه النظام من جرائم، وهذا يأتي مع اقتراب ذكرى انتفاضة 16 سبتمبر التي حدثت العام الماضي، وهي بهذه الانتقادات تريد لفت انتباه الإعلام الدولي والعربي عنها ووضع دول الجوار تحت الضغط، أو هكذا تريد.
وقال "البوشوكة" أن إيران انتقدت أوضاع السجناء في البحرين رغم أن أوضاعهم أفضل عشرات المرات من أوضاع من في السجون الإيرانية، وطهران حين تهاجم المنامة فإنها تدرك أن السلطات البحرينية سترد عليها، ويتحول الأمر إلى صراع تصريحات يجعل الإعلام يلتفت له ويبتعد عن الأوضاع الداخلية في إيران.
ويرى الناشط الأحوازي كذلك أن السلطات الإيرانية تعمل دائمًا على شغل شعبها عبر المعارك الخارجية والأوضاع في دول الجوار، في ظل المخاوف من أن يأتي يوم 16 سبتمبر المقبل وبه ما لا يحمد عقباه، مشددًا على أن طهران لا يمكن أن تتراجع عن سياستها الخارجية التي تقوم على دعم الميليشيات في العراق وجماعة الحوثيين في اليمن ودعم المعارضة الطائفية في البحرين.
وفي ختام تصريحاته، قال "البوشوكة" إن حرب التصريحات ستبقى مستمرة بين طهران والمنامة، وإذا اتفقت مع أمريكا بشأن نشاطها النووي واستلمت أموالًا من واشنطن فإنها ستكون في وضع أقوى وستواصل مثل هذه النوعية من التصريحات التي أطلقتها تجاه البحرين، وربما تكون المرة القادمة تجاه المملكة العربية السعودية رغم اتفاق تطبيع العلاقات.
وأعربت وزارة الخارجية البحرينية عن استنكارها الشديد للتصريحات التي صدرت عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بشأن أوضاع السجناء في مملكة البحرين، باعتبارها تدخلاً في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، بحسب بيان رسمي، مشددة على أهمية احترام مبادئ ميثاق الأمم المتحدة التي تدعو إلى حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والعمل بها، وتدعو المسؤولين في إيران إلى تحري الدقة وعدم الانجرار وراء معلومات مغلوطة تسيء إلى العلاقات بين البلدين.
حديث عن سياسات عدوانية
من جهته، يقول عضو مجلس الشورى البحريني السابق فيصل فولاذ، لوكالة فرات للأنباء، إن البحرين دولة عربية وإسلامية، مسالمة بحكم طبيعة شعبها وقيادتها الحكيمة، ولذلك فإنها في طليعة الدول الملتزمة بقيم ومبادىء حقوق الإنسان واحترام المواثيق الدولية وعدم التدخل في شؤون الآخرين، وتطالب في الوقت ذاته التزام الدول الأخرى بنفس المعاملة، مشددًا على أن النأي عن التدخل في شؤون الآخرين، مبدأ أساسي في منهجية تعزيز مسيرة حقوق الإنسان على الساحة الدولية.
وأعرب "فولاذ" وهو أيضًا الأمين العام لجمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان عن تطلع شعب البحرين وإخوانه من أبناء الدول الشقيقة المجاورة إلى علاقات خير وسلام مع إيران، تصب في صالح دول وشعوب المنطقة والمحافظة على ما حققته من مكتسبات في مجال حقوق الإنسان وتؤكد على ضرورة الالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة.
وأشار "فولاذ" إلى التزام نشطاء حقوق الإنسان بميثاق الأمم المتحدة والسعي لإيجاد حلول سلمية وفق الأعراف والمواثيق الدولية، موضحًا أن الهدف الأساسي لهذه اللجنة الدولية، العمل على تعزيز الالتزام بحقوق الإنسان لدى شعوب المنطقة في إطار من التعاون البناء القائم على احترام مبادىء حسن الجوار.
ووصف السياسي البحريني التدخلات الإيرانية بأنها سياسات عدوانية تضرب عرض الحائط بكل الأعراف والقوانين الدولية، ومبادئ حسن الجوار، وآخرها تصريحها الأخير الذي يعبر عن تدخل للنظام الايراني من أجل انتهاك سيادة مملكة البحرين، أو إقحام أنفها في شؤونها أو شؤون أي دولة خليجية، مشددًا على أنه عندما تنتقد وتتدخل ايران في الشؤون الداخلية للبحرين عليها ان تكون مثلا أعلى في الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان لنتعلم منها ونحترم رأيها.
وذكر "فولاذ" أنه خلال المواجهات الأخيرة بين السلطات الإيرانية مع شعبها قتل448 بينهم 60 قاصرًا و24 امرأة، كما جرح أكثر من 10 آلاف، وهناك أكثر من 18 ألف معتقل بينهم 549 طالب، كما تم تنفيذ 13 حكم إعدام، وتعتبر ايران الأعلى عالميًا في عدد الإعدامات منذ عام 1979 والتي بلغ مجموعها 18.068 شخصا، بجانب احتلالها للأحواز وانتهاك حقوق الشعب الأحوازى وثرواته والإعدامات والاعتقالات للشباب الأحوازي.
وتحمل العلاقات بين طهران والمنامة تاريخًا من الأزمات السياسية والدبلوماسية، فقد قطعت البحرين العلاقات الدبلوماسية مع إيران عام 2016 على غرار السعودية عقب تعرض سفارة الرياض في طهران لهجمات، في وقت تنظر المملكة الخليجية بعين الريبة تجاه علاقات الإيرانيين بالمعارضة ذات الطابع الشيعي التي أرادت ذات يوم الإطاحة بالنظام الحاكم في البحرين.