أمريكا تؤكد ومراقبون يستبعدون إجراء انتخابات في ليبيا!

أثارت تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص الى ليبيا، ريتشارد نورلاند، عن الانتخابات الليبية القادمة، ردود أفعال متباينة بينما اعتبرها البعض ضوءاً أخضراً أمريكياً لإجراء الانتخابات.

وقد أعقبت تصريحات المبعوث الأمريكي تصريحات أخرى من قبل مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا عبدالله باتيلي يؤكد اكتمال المراجعة الفنية لقانوني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، رغم الحديث المتواصل عن خلافات بين مجلس النواب المنعقد شرق البلاد، والمجلس الأعلى للدولة المنعقد في الغرب، ويخيم على تلك الأجواء آثار إعصار درنة الذي خلف آلاف القتلى والمصابين.

أجواء معقدة في ليبيا

وتعليقاً على الموقف الأمريكي، يجزم الأستاذ عبدالستار حتيتة، وهو أحد أهم المتخصصين في الملف الليبي، بأن تصريحات مبعوث واشنطن ليست واقعية ولا عملية، موضحاً، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن هناك خلافات جذرية مرتبطة بانتشار الميليشيات والقواعد الأجنبية والغزاة والمرتزقة، وهذه أجواء تجعل من الصعب أن يتم إجراء انتخابات.

وأضاف "حتيتة" أنه بعيداً عن الخلافات التقليدية المرتبطة بالميليشيات وما سبق ذكره، فإن الأمور كانت تسير إلى حد ما بشكل جيد حتى انتقل المهدي البرغثي وزير الدفاع السابق في حكومة طرابلس إلى مدينة بنغازي شرق البلاد، موضحاً أنه أحد المهجرين من الشرق إلى الغرب والمهجرين ملف كبير يحتاج إلى حل، إذ أنه كان قد فر من مسقط رأسه شرق البلاد بعد محاولة انقلاب على خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي في بداية معركة الكرامة التي أطقلها.

وأشار إلى أن المهدي البرغثي عاد إلى بنغازي كمبادرة منه وفي إطار نوع من المصالحة، إلا أن قوات الجيش الوطني الليبي توجهت إلى منزله وحاصرته هو وقبيلته، معرباً عن اعتقاده بأنه في ظل هذه الأجواء لا يمكن أن تتوفر بيئة ملائمة لإجراء انتخابات تجرى في أجواء آمنة ومستقرة تضمن الشفافية والنزاهة.

وأشار الكاتب الصحفي المصري إلى أن الجانب الغربي أيضاً به خلافات كبيرة بين الميليشيات، فبعضها مع الاستقرار ومع إحراء الانتخابات، وميليشيات أخرى ترفض ذلك، لأن من مصلحتها أن يستمر الوضع الحالي فهم يعيشون كأمراء حرب ويتلقون الرواتب والأموال، وإذا جرت انتخابات ستأتي حكومة بالتأكيد لتحاسبهم، ومن ثم فإن هؤلاء سيعرقلون أي جهد لإجراء الانتخابات.

وفي ختام تصريحاته، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، حول الموقف الأمريكي، يرى "حتيتة" – ساخراً – أن الانتخابات لن تجرى في ليبيا إلا عندما ترسل واشنطن طائراتها الحربية وتظهر العين الحمراء لأمراء الحرب في البلاد وتجبرهم على إجراء الانتخابات، كما فعلت وتدخلت عام 2011 للإطاحة بالرئيس الراحل معمر القذافي.

وتكمن أزمة ليبيا في الانقسام الذي ضرب البلاد منذ سنوات، حيث يوجد لديها حكومتان متصارعتان إحداهما في الشرق غير معترف بها دولياً لكنها تحظ بثقة مجلس النواب، وأخرى في الغرب معترف بها دوليا إلا أنها تفتقد ثقة نفس المجلس، وقد ارتبطت حالة الانقسام السياسي بصراعات مسلحة تداخلت فيها أطراف دولية لا سيما تركيا.

أطراف دولية ومصالح ضيقة

بدوره، يقول الدكتور حسين الشارف الأكاديمي والمحلل السياسي الليبي، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن التصريحات الأمريكية لا أعتقد أنها تعني شيء، فالوضع في ليبيا فيه الكثير من التعقيدات التي تحول دون إجراء الانتخابات، لا سيما الميليشيات التي تريد الإمساك بتلابيب السلطة، وهناك بالتأكيد أطراف أخرى دولية داعمة لها ولا تريد أن ينتهي الوضع لصالح الاستقرار بسبب مصالحها.

وأضاف "الشارف" أن الشرق الليبي أبدى دائماً الدعم لأي خطوات من شأنها حل الأزمة السياسية في ليبيا والذهاب نحو الانتخابات والخروج من هذه المرحلة، لكن المشكلة تأتي دائماً من الغرب الليبي، لأن هذه الأطراف مرتهنة لأجندات خارجية ومصالح ضيقة خاصة بها وليس لمصلحة الوطن، وما لم يتم التخلي عن تلك الأجندات والمصالح الضيقة لن تكون هناك أية انتخابات.