وبينما شهدت قمة السيسي – البرهان تأكيد الأول على دور مصر الراسخ في دعم استقرار السودان وأمنه ووحدة وسلامة أراضيه، أكد الثاني أن القوات المسلحة السودانية لا تسعى إلى الاستمرار في السلطة، وإنما يسعى الجيش إلى إجراء انتخابات في أقرب وقت وأن يختار الشعب السوداني من سيحكمه، لكن إذا كانت الأمور هكذا فلماذا لا يزال الوضع في السودان متعثرًا؟، وهذا أحد الأسئلة الرئيسية التي تسيطر على مراقبي الأوضاع هناك.
هذا ما تريده مصر
في هذا السياق، يقول السفير صلاح حليمة نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء، إن زيارة الفريق عبدالفتاح البرهان تأتي في ظل المعارك التي تهدد سلامة السودان ووحدة أراضيه، وما قد استتبع ذلك من حديث بعض الدول عن إمكانية التدخل العسكري كدولة كينيا التي زعمت أن هناك حالة فراع أمني ويمكنها أن ترسل قوات إلى الأراضي السودانية، وهو المقترح الذي لاقى معارضة شديدة.
وأضاف «حليمة» أن الزيارة ركزت بصفة أساسية على دعم مسار الحل السياسي للأزمة وأن يمتلك السودانيون أنفسهم زمام المبادرة وليس أي طرف آخر، وهذا هو التحرك الذي عملت عليه مصر سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي أو الدولي، ومن أبرز تلك المسارات مسار آلية دول الجوار السوداني الذي كان بمبادرة مصرية، وكلل باجتماع وزراء الخارجية في تشاد والذي تمخض عنه خارطة طريق تتعلق بالمسارات السياسية والأمنية والعسكرية وكذلك محور إعادة البناء.
وتابع الدبلوماسي المصري أن هذه التحركات الغرض منها خلق توافق سوداني على نقل السلطة إلى حكومة مدنية تكون مهمتها عقد انتخابات، ويتم بعدها اختيار شكل الحكم المناسب وفق ما يقبله السودانيون أنفسهم، والبرهان نفسه تحدث بعبارات تعكس الموقف المصري بحديثه عن اجتماع شامل لكافة القوى السياسية وكان الحديث عن المسار السياسي له أولوية في مباحثات الرئيس السيسي والبرهان.
وبسؤاله عما قد يراه البعض انحيازَا من القاهرة تجاه البرهان بدليل عدم استقبال محمد حمدان دقلوا "حميدتي" قائد قوات الدعم السريع، يقول السفير صلاح حليمة إن هذا أمر غير منطقي، لأن القاهرة استقبلت الفريق عبدالفتاح البرهان بوصفه رئيس السودان حاليًا وممثل المؤسسات الشرعية، بينما قوات الدعم السريع ليس لها أي وضع قانوني ورئيس الدولة السودانية يراها ميليشيات وليس كذلك جزء من القوات المسلحة، لافتًا إلى أنه في الوقت ذاته فإن مصر منذ بداية الأزمة ولديها اتصالات مع الطرفين الرئيسيين في الأزمة السودانية، وبالتالي المزاعم بأن القاهرة منحازة لطرف على حساب طرف أمر ليس في محله.
مربط الفرس في أزمة السودان
بدوره، يقول همام الفاتح المحلل السياسي السوداني، لوكالة فرات للأنباء، إن المشكلة في السودان تكمن في تعنت أطراف الأزمة، موضحًا أن كل طريف منشغل بتحقيق مكاسبه السياسية فقط، أو على الأقل ألا يظهر بأنه هو من هزم، وهنا مكمن الأزمة، وبين هذا وذاك فإن الشعب السوداني هو الخاسر الأكبر.
وأضاف "الفاتح" أن هناك مبادرات تقدم وتم التوافق على هدن من قبل كان يمكن أن يتم عبرها حوار سياسي جاد، لكن المشكلة الحقيقية هي في التعنت في هذا الصراع بين الفريق عبدالفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو رئيس قوات الدعم السريع، وطالما هذا التعنت مستمرًا سيبقى الحال على ما هو عليه.
وخلال اللقاء، أكد الرئيس المصري أن القاهرة ستبذل كل ما في وسعها بالتعاون مع كافة الأطراف لوقف نزيف الدم السوداني، كما طالب الأطراف المتحاربة بوقف التصعيد والبدء في مفاوضات لإنهاء القتال، وإطلاق حوار جامع للأطراف السودانية.