واوضحت ضياء محيرز، أبرز تلك الانتهاكات ومسؤولية طرفي الحرب عنها، وإلى نص الحوار:
كيف بدا عمل اللجنة الوطنية بالتحقيق فى ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان؟
في الواقع بدأت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان أعمالها في الرصد والتوثيق والتحقيق في جميع أشكال انتهاكات حقوق الإنسان التي اُرتكبت على الأراضي اليمنية بالمخالفة للقوانين الوطنية والمواثيق الدولية من قبل جميع الأطراف، في عام 2016م، لكن قرار تشكيلها كان في وقت مبكرا عن النزاع الدائر حاليا، حيث شكلت بموجب القرار الجمهوري رقم (140) لسنة 2012م وتعديلاته، وبموجب توصيات قرارات مجلس الأمن الدولي ومنها القرار رقم "2051" لسنة 2012م والقرار رقم " 2140 " لسنة 2014م وكذا قرارات مجلس حقوق الإنسان المتعلقة بوضع حقوق الإنسان في اليمن منذ عام 2011م.
وتحظى اللجنة باهتمام دولي وتحظى بتوصيات متكررة من مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في جنيف تتعلق بدعم استمرار اللجنة الوطنية وحث جميع الأطراف على التعاون معها في انجاز مهامها في التحقيق بكافة الانتهاكات، وكان آخرها القرار رقم (28) في دورة المجلس رقم ( 54 )، الصادر يوم الخميس 12 أكتوبر2023م.
وتمارس اللجنة عملها وفق المنهجية والمعايير، والمبادئ المعمول بها في لجان التحقيق الدولية المماثلة ومن أهمها: الشفافية، والاستقلالية، والحياد، والموضوعية، والمهنية، والسرية؛ وفي اطار التشريعات الوطنية والعهود والمواثيق المصادق عليها من قبل الجمهورية اليمنية.
وماهي أبرز الصعوبات التي تواجهها اللجنة؟
وكأي عمل حقوقي يهدف إلى رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الانسان تواجه اللجنة صعوبات عدة وتحديات، سعت اللجنة جاهدة طوال الأعوام المنصرمة على تذليلها في سبيل الوصول إلى كافة الضحايا والرصد والتوثيق والتحقيق في الانتهاكات المرتكبة وإحالة ما ثبت منها وفق القوانين الوطنية والدولية المنطبقة على كل واقعة إلى النائب العام للجمهورية لاستكمال التحقيقات تمهيدا لإجراء محاكمات قضائية، وبما يضمن مساءلة مرتكبي الانتهاكات وجبر ضرر الضحايا.
ويبلغ إجمالي الانتهاكات التي قامت اللجنة برصدها وتوثيقها خلال فترة عملها ابتداء من يناير 2016 م وحتى تاريخ صدور تقريرها الأخير( الحادي عشر) عدد ( 25511 ) واقعة انتهاك، وبلغ اجمالي عدد الضحايا فيها (48866 ) ضحية.
ما هي ابرز الانتهاكات التي تواجهكم في أماكن الحرب؟
اللجنة الوطنية للتحقيق ترصد وتوثق في العديد من انتهاكات حقوق الإنسان، تشمل زراعة الألغام والعبوات الناسفة، و قتل وإصابة المدنيين، والاعتداء على الأعيان والطواقم الطبية والأعيان الدينية والثقافية والتاريخية، والتهجير القسري، وتجنيد الأطفال، وتفجير المنازل، والتدمير والأضرار بالممتلكات العامة والخاصة، والاعتداء على السلامة الجسدية، والاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، والقتل خارج نطاق القانون، والتعذيب، والمنع من الحركة والتنقل ، الاعتداء على المدارس والتجمعات السلمية، والاعتداء على الصحفيين وسائل الإعلام، والمحاكمات الغير قانونية، إعاقة المساعدات الإنسانية والاستيلاء عليها، والاعتداء على المنظمات والنقابات، والتعسف الإداري، والاغتصاب والعنف الجنسي، وقصف الطائرات الأمريكية من غير طيار، وإرهاب المدنيين وإثارة الرعب، واستخدام المواطنين دروع بشرية، والمساس بحرية الرأي والمعتقد.
وتجد اللجنة صعوبات تتعلق بالتحقيق في بعض القضايا كحالات الاغتصاب الجنسي لصعوبة ادلاء الضحايا والشهود بأقوالهم في هذه القضايا لخصوصيتها وتعلقها بالعار المجتمعي.
كيف ترون انتهاكات جماعة الحوثي واستهدافها للمدنيين؟
منذ اندلاع النزاع في اليمن واللجنة الوطنية للتحقيق حريصة على الرصد المتواصل لما يحدث من انتهاكات لحقوق الانسان والمرتكبة من كافة الأطراف المنخرطة في النزاع، وبحسب تقارير اللجنة فإن جماعة الحوثي تسجل أعلى مستويات الانتهاكات ضد المدنيين حتى في فترة الهدنة المعلنة منذ الأول من ابريل 2022م بعد تعيين المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ واعلانه عن توصله بموافقة الأطراف اليمنية إلى هدنة إنسانية لمدة شهرين، تشمل وقف كافة العمليات العسكرية
الجوية والبرية والبحرية، يترافق ذلك مع فتح مطار صنعاء والسماح بدخول السفن المحملة بالنفط إلى ميناء الحديدة، والبدء بمشاورات فتح الطرق في محافظة تعز ومعابرها، إضافة إلى تسهيل حركة المواطنين عبر الطرق الرئيسية الأخرى المغلقة.
ومازالت الهدنة مستمرة ضمنيا، لكن تقارير اللجنة تشير إلى حدوث تجاوزات من جماعة الحوثي وخرق الهدنة بأعمال القصف للمنشآت كاستهداف ميناء الضبة في محافظة حضرموت في شهري أكتوبر ونوفمبر 2022 م، والذي تسبب في وقف تصدير النفط من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية. وقصف وقنص للمدنيين في أحياء مناطق سكنية كثيرة في محافظة تعز والحديدة ومأرب، واسفرت هذه الأعمال عن سقوط مئات من الضحايا على مرأى ومسمع المجتمع الدولي. وعلى الرغم من تنفيذ معظم مطالب جماعة الحوثي؛ إلا أنها ترفض حتى الآن فتح الطرق والمعابر وتسمح بمرور المدنيين مما أدى إلى مضاعفة معاناتهم.
كيف ترين استخدام بعض الأطراف لتجنيد الأطفال؟ والنتائج الكارثية المترتبة على ذلك؟
وفيما يتعلق بتجنيد الأطفال والذي نعتبره الانتهاك الأخطر الذي تمارسه جماعة الحوثي وتكاد تنفرد به عن باقي الأطراف، وعلى الرغم من توقيع الحوثيون خطة عمل مع "الأمم المتحدة"، تعهدوا بموجبها بإنهاء تجنيد الأطفال واستخدامهم كجنود، إلا أن اللجنة رصدت تزايد مستمر في تجنيد الأطفال وتركهم مقاعد الدراسة وانخراطهم في الأعمال القتالية، ومازالت الجماعة مستمرة في إقامة معسكرات صيفية تعقد فيها دورات الدينية (طائفية) يتم فيها حشد أفكارهم واقناعهم بالمذهب الشيعي، كما يتم التغرير بهم بأنهم سيجاهدون ضد اليهود والنصارى على خُطى الجهاد لتحرير القدس.
ومن ثم تدريبهم على القتال وتجنيدهم والزج بهم في الجبهات. كما تستخدم الجماعة وسائل أخرى للاستدراج والإغراء بوعد الأطفال منحهم سلاحا شخصيا وراتب ورتبا عسكرية، كما تلجأ إلى ابتزاز اهاليهم بمنحهم المساعدات الغذائية الشهرية (السلة الغذائية) والتهديد بقطعها عنهم في حال رفضهم السماح لأولادهم بالقتال، أو استخدام أسلوب الإرغام (الاختطاف). كما تستخدم وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة الحكومية في مناطق سيطرتها والإذاعة المدرسية والمنهج الدراسي والزوامل (الأغاني الشعبية) الحماسية ولوحات الإعلانات في الشوارع في إغواء الأطفال للالتحاق بمعسكراتها.
ونلمس ارتفاع عدد الضحايا الأطفال الذين تم تجنيدهم في تقرير اللجنة الأخير الذي يغطي فترة محددة من 1/ 8/ 2022 م وحتى 31 / 7/ 2023م رصدت اللجنة عدد ( 116) طفل تم تجنيدهم.
كيف ترون استخدام الألغام في اليمن والجرائم التي يسببها؟ وهل مجهودات التحالف كافية لإزالتها؟
تنفرد أيضا جماعة الحوثي بزرع الألغام الفردية والالغام الخاصة بالمركبات في انتهاك صارخ لـ"اتفاقية حظر الألغام" لعام 1997، والتي تعد اليمن طرف فيها. ومازالت جماعة الحوثي تمارس هذا الانتهاك الذي يمثل تهديد مباشر على حياة المدنيين خاصة الأطفال، ويتسبب أما في القتل أو التشويه الجسدي والنفسي.