المناسبة التي علينا تقييمها نحن النساء في هذا الشهر هو يوم الثامن من آذار، عيد المرأة العالمي. فأنا كمقاتلة من وحدات حماية المرأة تقاوم في سبيل بناء حياة حرة يجب أن نجعل من هذا اليوم المقدس يوماً تفنى به كافة أساليب العنف ضد كافة أشكال الهيمنة أجمع .

منذ بداية التاريخ، لعبت المرأة دوراً بارزاً بتطور الحياة الإجتماعية لدى الإنسانْ وتحويله إلى كائنٍ اجتماعي. فقد كانت المرأة الديناميكية الأساسية في تقدم الحياة وتطورها بالعديد من الخصوصيات انطلاقاً من صداقتها وعلاقتها مع الطبيعة. بقيتْ دائماً المرشدة الأساسية والمعلمة بتغير الحياة وإعطائها لوناً باهراً .

لكن عندما نرى بأنَ المرأة قد سُحقتْ تحت وطأة مصالح المجتمع الطبقي على مدى خمسة ألف عام. لتنقطع المرأة جسدياً، روحياً وفكرياً عن جميع أرضيات التقدم على الصعيد المادي والمعنوي والفكري من قبل النظام الذكوري المتسلط.

عالجَ القائد أبو هذا الواقع وطرحهُ للوسطْ بأعمق التحليلات التاريخية والإجتماعية، واعتمد على إعادة تشكيل نمط المرأة والرجل، بالتالي المجتمع أساساً في فلسفته الحرة. على هذا الأساس مارس القائد صراعاً مريراً تجاه هذا الواقع على كافة الأصعدة الأيديولوجية، الفلسفية، السياسية، العسكرية، التنظيمية، الاجتماعية والجسدية وغيرها...

لذا، علينا تقييمْ هذا الشهر وإعطاءهُ المعنى الذي يستحقه من خلال شرحه وتوضيحه بشكل صحيح. كما نعلمْ جميعاً إنَّ أول حدث تاريخي لتأسيس هذا اليوم يعود إلى عام 1857 حين قامتْ مجموعة من النسوة العاملات أمثال كلارا زتكين وروزا لوكسمبورغ في معمل للنسيج في الولايات المتحدة الأميركية بالتظاهر احتجاجاً على سوء أحوالهنَّ المعيشية. بالرغمْ من قمع الشرطة لهنَّ، إلا أنَّ هذه التظاهرات تمكنتْ بعد مرور عامين من تحقيق النجاح في تشكيل أول نقابة نسائية لعاملات معمل النسيج. وفي 8 / آذار عام 1908 انضمتْ أكثر من 15 ألف عاملة لمسيرة نُظمتْ في مدينة (نيويورك) مطالباتٍ بزيادة الأجور وتحسين ظروف العمل والاعتراض على إنجاب الأطفال وحق المرأة في الاقتراح والديمقراطية.

بعد مرورعامٍ من هذا التاريخ في 1909 شاركت ما تقارب 20 - 30 ألف عاملة في إضرابٍ عامٍّ دامَ (13) أسبوعاً واعتُبرَ هذا الإضراب النسائي في تلك الفترة أكبرَ إضرابٍ تحقق، وكان مطلبهنَّ هو تحسين ظروف العمل وزيادة الأجور إضافةً إلى المطالب الأخرى التي قدمتهنَّ في العام الماضي. وهكذا تُعتبر مناسبة 8/ آذار مناسبة ثورية واقعية. خاصةً أنه كان إضراباً عمالياً كبيراً للنساء لينبهنَّ العلم لحقوق المرأة في العمل والمساواة والعدالة في الأجور..

علينا نحن النساء أن نستغل هذا اليوم العالمي للمرأة لتنظيم المظاهرات السلمية والديمقراطية، كذلك لعقد الندوات والمؤتمرات لمراجعة وضع المرأة الكردية ووضع جميع نساء الشرق الأوسط.

ذلك أنَّ يوم 8/ آذار هو اليوم الذي يشهد لما عانته المرأة من مأساة ومعاناة، ويحثنا مرةً أخرى لتطبيق مهامنا كنساء لنحقق حياةً حرة مشتركة صحيحة. لذا، علينا ألا نفكر بأن يوم 8/ آذار يعبر عن نضال المرأة في تحررها من كافة القيود وحسب؛ بل إنما حرية المرأة تعني حرية المجتمع وتحرره من قيود العبودية والظلم أيضاً.

فاعتبار مطالب المرأة كجزءٍ هامٍّ من مطالب المجتمع، وتحقيق حياة حرة مشتركة بين الجنسين إنما تعبر عن المعنى الحقيقي ليوم 8 آذار. فهو اتحادُ قلوب جميع النساء في العالم معاً وإحياء روح مقاومة النساء العاملات في بناء طموحاتهنَّ وآمالهنَّ.

بهذه المناسبة العظيمة، أحيِّ جميع النساء في العالم وعلى رأسها المرأة الكردية وجميع حركات المرأة المنادية للحرية والنضال. كما أهنئ هذا اليوم على قائدنا العظيم عبد الله أوجلان الذي أنار لنا الطريق الصحيح لنضال المرأة من جديد، خاصةً أن حركة المرأة الكردية كانت ثمرة نضال القائد العظيم آبو. لذلك، علينا نحن كحركة المرأة السير على نهج الحرية في جميع الأصعدة، واعتبار استقلالية المرأة أساساً على صعيد الفكر والمشاعر والأحاسيس، وفي جميع القضايا الإجتماعية. على المرأة أنْ تطور نفسها بإعتبارها القوة التي يتحتم أن تنادي وتطالب بالسلام والديمقراطية أكثر من غيرها؛ خاصة أن نهج الحرية والنصر يتقدم على صعيد تنظيم المرأة في أمور عديدة من قبيل عرقلة الهجمات والإعتداءات المستهدفة لتلك المطالب المحقة والعادلة والمبنية على أساس السعي للوصول إلى مجتمع حر وديمقراطي، يستتب فيه الأمن والسلم الدائمين، وحماية القيم الأساسية، رفض ودحر الاستعمار والاستغلال...

كما يجب إحياء مبادئ الحرية على أرض الواقع على أساس الصراع الجنسي والطبقي، وتصعيدها وتطويرها، والكفاح ضد المواقف والمفاهيم الرجعية والتقليدية للوصول إلى بناء فردٍ حر ومجتمع حر ضمن إطار هذا النهج. من هنا يتحتمُ على المرأة التي تُعد القوة الرئيسية للوصول إلى الحضارة الديمقراطية، وانطلاقاً من مبدأ النصر لنْ يحالف أي تطور غيرَ متمحورٍ حول المرأة؛ أنْ تعمل بما تمكنه عليها مكانتها الريادية بهويتها الخاصة بها.

نعمْ، نحنُ النساء ضمن حركة الحرية أصبحنا دعاة الخير، ولنا ثقة كبيرة بأننا سنحول يوم الثامن من آذار يوماً وعيداً لجميع الإنسانية التي تنتظرُ بزوغَ فجر الحرية. كما أننا سنصنعُ من شهر آذار شهراً للمقاومة والإنتقام والوصول إلى حريتنا المغتصبة والالتقاء مع قائدنا أوجلان رسول الحرية والسلام، فباتحاد إرادة النساء وقوتهنَّ سوف نصبح الحقيقة التي تبني وتعمل على سمو الحياة دائماً وتتقدم نحو الأمام.

"سارا رزكار".