حسكة - المرأة الكردية منذ القدم وهي منبع التراث الكردي وهذا ما أبرزته من خلال ما تقوم بها من أعمال تنقش بها ذاكرة الفلكلور الكردي وتحافظ عليه من كل تزيف، مقابل كل ما يتعرض له من محاولات تحريفه في يومنا الراهن.
النسوة الكرديات لا يزلن مرتبطات بتراثهن وفلكلورهن الشعبي، ولديهن هوايات يحبن القيام بها وممارستهن بشكل مستمر. هذا الارتباط يكون عفوياً ولكنه يحمل في طياته عمقاً تاريخياً يمتد لآلاف السنين. تلك الهواية تُنقل من جيل إلى آخر، فمن الأم إلى الابنة.
وبدرية امرأة تمارس مهنة التطريز اليدوي واستطاعت المحافظة على هذه المهنة التي ورثتها عن امها، فتعتبر خير مثال على ذلك الارتباط وتقول "بدرية" عن كيفية تعلمها: "تعلمت هذه المهنة من أمي وأختي الكبرى منذ أن كان عمري خمسة عشر عاماً، فكن يعملن أمامي فأحببت هذه المهنة وحاولت تقليدهن في العديد من المرات حتى احترفتها، وتعلمي لم يكن لأسباب اقتصادية ولكن هناك الكثير من النسوة اللواتي يتدبرن معيشة عوائلهن من خلال من تنتج أيديهن من تطريزات. وبالأساس هذه الأعمال في أيامنا كانت تقوم بها الفتيات لتؤمن متطلبات الزواج وهو ما يسمى بالجهيز عندنا أما الآن فالوضع مختلف حيث كل شيء يُشترى جاهزاً".
ما تستعمله بدرية من أدوات بسيطة جداً، ولكن إتقانها وجودة ما تنتجه لا تستطيع أحدث الأدوات في يومنا من الوصول له. فالخيط والصنارة الخاصة بها والإبرة والخرز ذات الألوان المختلفة تُبدع كل ما يعجز أي رسام وأحدث آلة عن القيام بها. ألوان مختارة بدقة كبيرة وأشكال قامت بدرية بصنعها في جلستنا معها لتنتج يداها محيطاً لما ترتديه النسوة الكرد من كتان والمعروف بارتدائه في العديد من المناسبات الوطنية وغيرها.
أما عن المدة التي تستغرقها كل قطعة فتشير بأن صناعة كل قطعة تتطلب يوم أو يومين كحد أقصى، وذلك إن لم يكن امامها عمل آخر تقوم به، وهناك بعض القطع يطول صنعها سنة كاملة لما لها من دقة التفاصيل.
وعن مدى الإقبال الشعبي على هكذا منتجات تقول: "عملي في تناقص مستمر فإقبال الناس بات ضئيلاً وهذا بسبب تكنولوجيا العصر التي علمتهم على كل ما هو جاهز، بالإضافة لعدم اهتمام الناس بما يتعلق بالتراث".
وفي الختام تمنت قائلة: "أرجو أن تعود هذه العادات المحببة من قبل شعبنا إلى مجتمعنا لما لها من فوائد حيث تبعد الكثيرين عن طريق الخطأ وتطور روح الجماعة في مجتمعنا".