ثورة "المرأة، الحياة، الحرية" في إيران

قبل عام، تعرضت جينا أميني، التي اعتقلتها ما تسمى بــ "شرطة الأخلاق"، للتعذيب والاغتيال في مركز الشرطة، وبعد اغتيال جينا أميني، بدأت أهم التحركات الاحتجاجية في تاريخ إيران.

اعتقلت المرأة الكردية من شرق كردستان، جينا أميني، وتعرضت للتعذيب حتى الموت قبل عام، وذلك بادعاء أنها انتهكت قواعد اللباس الإسلامي الإلزامي في إيران، وألقي القبض على جينا أميني في الثالث عشر من شهر أيلول لعام 2022، واغتيلت في السادس عشر من شهر أيلول.

وبعد هذا الحدث، بدأت أكبر الثورات في إيران وعُرفت هذه الثورة التي قادتها النساء باسم ثورة "المرأة، الحياة، الحرية"، وقد رفعت النساء الإيرانيات ذات الشعار بلغتهم الإيرانية "Zan, Zendegî, Azadî" للتعبير عن تضامنهم مع الثورة.

 سنتحدث في الجزء الأول من ملفنا عن كيفية اغتيال جينا أميني، ثم كيف كانت الأنشطة الأولية في إيران.

إنهم يكذبون بقولهم "لقد أصيب جندي"

جاءت جينا أميني إلى طهران مع عائلتها واعتقلتها شرطة الأخلاق في الثالث عشر من شهر أيلول لعام 2022، وبحجة أنها لم تمتثل "لمعايير اللباس الإسلامي الإلزامي"، اعتقلت من قبل شرطة الأخلاق وتم اقتيادها إلى مركز احتجاز فوزارا، وإلى جانب جينا أميني، كانت هناك نساء أخريات تم اعتقالهن لنفس السبب، في تلك الليلة كان كياراش أميني شقيق جينا إميني أمام مركز الاحتجاز وكان ينتظر أخته.

أخبر شقيق جينا إيران ويرا عن تلك الليلة، قائلاً إن الشرطة هاجمتهم برذاذ الفلفل أمام مركز الشرطة، وقال: "عندما أتيت إلى المبنى، كان هناك حوالي 70-60 شخصاً يقفون هناك لمساعدة النساء المعتقلات، وعندما أطلق سراح بعض النساء، فجأة سُمع صراخ، ذهبنا جميعاً إلى باب المبنى، لكنهم لم يفتحوا الباب، فجأة هاجمتنا الشرطة بالغاز المسيل للدموع، وبسبب هجومهم، أسودّ وأزرقّ جسدي من الضرب، وأحترقت عيني لليلة كاملة، وبعد خمس دقائق من هذا الحادث، غادرت سيارة إسعاف المبنى، وكل امرأة أطلقت سراحها كانت تقول "لقد قُتل شخص ما"، كنت أعرض صورة جينا على النساء، قال أحدهم من الداخل إنها جينا، لقد تعرضت للصدمة والخوف، سألت جنديا عما حدث، كذب وقال لي: "أصيب جندي". كانت جينا داخل سيارة الإسعاف تلك، لم أصدق ذلك، ركضت إلى المستشفى".

لم يكن هناك سوى ساعتين بين اعتقالها ونقلها إلى المستشفى

تم نقل جينا أميني إلى مستشفى "كِسرة" وادعوا أنها تعاني من مشكلة في القلب، ومع ذلك، تحدث شقيقها كياراش أميني لإيران ويرا عن الوضع: "رأيت بأم عيني أن وجه جينا كان منتفخاً وقدماها زرقاء وسوداء، لم يكن لدي ما أخسره، كنت في الطابق الأرضي من المبنى، "كانت أختي مستلقية في الطابق العلوي، ولم يكن هناك سوى ساعتين بين اعتقالها ونقلها إلى المستشفى".

كانت في الغيبوبة لمدة ثلاثة أيام

توفيت جينا أميني بعد ثلاثة أيام من دخولها في غيبوبة في السادس عشر من شهر أيلول لعام 2022، وأعلن مركز الاحتجاز في بيان لها، أن جينا سقطت على الأرض بسبب مرض في القلب وعندما تم القبض عليها توفيت بعد يومين من دخولها في غيبوبة، لكن الشهود ذكروا أنهم ضربوا جينا وضربوا رأسها بجانب سيارة الشرطة، كما تمت مشاركة المعلومات الموجودة في المستشفى من قبل مجموعة من النشطاء. وذكرت قناة تدعى "إيران انترناشيونال" أن الوثائق الطبية وصلت إلى أيديهم من خلال مجموعة من نشطاء الهاكرز، وذكرت القناة في الخبر أن جينا تعرضت لضربة قوية على رأسها، وكسر جزء من الجانب الأيمن من رأسها، وقال أهلها وأطباؤها إنها تعرضت للضرب على رأسها عدة مرات، وذكرت عائلة أميني أن ابنتهم لم تكن تعاني من مرض القلب من قبل.

تم تنفيذ الفعالية الأولى في مدينة سقز بشرق كردستان

بعد استشهاد جينا أميني، أقيم النشاط الأول في مدينة سقز في شرق كردستان، حيث توجه الناس إلى الساحات واغتيل شخص واحد بسبب هجوم قوات الأمن الإيرانية.

بسبب ضغوط الدولة الإيرانية، تم الدعوة إلى إضراب واحتجاجات عامة في شرق كردستان، وكان حزب الحياة الحرة الكردستاني (PJAK) وجمعية الحرية والديمقراطية في شرق كردستان (KODAR)  قد دعا للمشاركة في الإضراب العام في اليوم التاسع عشر من شهر أيلول وتحت شعارات "المرأة، الحياة، الحرية" و"الشهداء لا يموتون" ضد مقتل جينا أميني على يد الحكومة الإيرانية، ودعا الاحزاب التابعة للحزب الشيوعي الإيراني-كردستاني ومجموعة من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والناشطين السياسيين في شرق كردستان إلى الانضمام إلى الإضراب، وبناءً على هذه الدعوة، بدأ الإضراب العام في عموم شرق كردستان، وشاركت مدن سقز وسنه وشينو وبوكان وبانه في الإضراب.

في الأيام الستة الأولى، فقد سبعة عشر شخصاً حياتهم

وبحسب خبر صحيفة لوموند التي رفعت معلوماتها إلى مصادر رسمية في الثاني والعشرين من شهر أيلول لعام 2022، بأن سبعة عشر شخصاً فقدو حياتهم في المظاهرات خلال ستة أيام فقط، كما ذكرت السلطات الإيرانية أن سبعة عشر شخصاً، بينهم متظاهرون وأفراد من الشرطة، فقدوا حياتهم في الاحتجاجات خلال ستة أيام، وكما تم حظر خدمة "Instagram – "WhatsApp في الثاني والعشرين من شهر أيلول.

وأعلنت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية (IHR)، وهي منظمة معارضة مقرها في أوسلو، أن 31 مدنياً على الأقل فقدو أرواحهم على يد قوات الأمن.

وفي الاحتجاجات التي استمرت لأشهر، أحرقت صور الزعيم الديني آية الله علي هامان وهتف شعار "الموت للديكتاتور"، وألقت النساء الحجاب من على رؤوسهن، وأحرقنه، وبالتالي أدانت النساء القانون الذي يفرض غطاء الرأس، وكما تم تنفيذ العمليات في الشمال الغربي من قبل الكرد وفي الجنوب الشرقي من قبل البلوش.

524 شخصاً فقدوا حياتهم

بعد استشهاد جينا أميني، خرجت النساء في العديد من أنحاء العالم إلى الشوارع وخاصة في إيران، وذكرت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان في (HRANA)، ومقرها طهران، أنه حتى الخامس عشر من شهر كانون الثاني لعام 2023، قُتل 524 شخصاً في المظاهرات في إيران، وبحسب بيانات نشطاء حقوق الإنسان في (HRANA)،  فإن 71 من الضحايا كانوا من الأطفال، كما كان من بينهم 68 من أفراد الأمن، وأفادت الوكالة أنه حتى الخامس عشر من شهر كانون الثاني لعام 2023، تم اعتقال 19401 شخصاً بسبب المظاهرات ومن بينهم 713 طالباً.

أدانت المحاكم 724 شخصاً بحجة أن لهم صلة بالمظاهرات، وحكم عليهم بالسجن لمدة إجمالية بلغت 11,721 شهراً، بالإضافة إلى شنق أربعة متظاهرين، ذكرت نشطاء حقوق الإنسان في (HRANA) أنه في الفترة الممتدة ما بين السابع عشر من شهر أيلول لعام  2022إلى السابع من شهر أيلول 2022، تم تنظيم 82 يوماً من الاحتجاجات والمظاهرات في جميع أنحاء البلاد، وكما تم تنظيم الاحتجاجات في 31 مقاطعة و160  مدينة و143  جامعة كبرى.

الجزء الثاني: نضال المرأة الإيرانية والمرأة في شرق كردستان من أجل الحرية وآخر الأوضاع في إيران.