وقد استقت المرأة الكردية نجاح تجربتها من أفكار القائد عبدالله أوجلان، الذي آمن بفكرة المرأة الحرة كنواة للمجتمع الحر، وضرورة تخليص النساء من القيود السلطوية والذكورية، والإيمان التام بأن المرأة تقف على قدم المساواة مع الرجل، وقادرة على مشاركته في كافة مناحي الحياة الإنسانية.

وتجمع بعض الشخصيات النسائية المصرية على أهمية وقيمة ومكانة تجربة المرأة الكردية، التي يمكن ببساطة العودة إلى الوراء قليلاً والنظر إلى ما قامت به خلال محاربة الإرهاب، وتنظيم داعش الإرهابي، وكيف وقفت المرأة على قدم المساواة مع الرجل، عانت ما عانى وشاركته كذلك نشوة النصر.

تجربة فريدة من نوعها

تقول الدكتورة فرناز عطية أستاذة العلوم السياسية في مصر إن تجربة المرأة الكردية فريدة من نوعها، وقد ظهرت بوضوح عندما تمت ترجمة أفكار السيد عبدالله أوجلان على أرض الواقع في شمال وشرق سوريا والتي قامت على أساس فكرة الحرية والديمقراطية وأيضا ثورة المرأة والحياة التشاركية.

وأضافت، في تصريحات خاصة لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن ثورة المرأة التي ظهرت في شمال شرق سوريا أدت إلى حرية المرأة انطلاقاً من فكر أوجلان الذي يرى أن الأمة الحرة أساسها المجتمع الحر الذي يبدأ بالفرد الحر والأسرة الحرة والأخيرة نواتها المرأة الحرة، وبالتالي عنصر الحرية كان اللبنة الأولى التي بنيت عليها ثورة المرأة في روجافا.

ولفتت الدكتورة فرناز عطية إلى أن المرأة الكردية حرصت على تطوير مكتسبات ثورتها من خلال التواجد في المجتمع في كل المناحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولهذا استطاعت أن تجسد هذا النموذج على أرض الواقع من خلال مؤتمر "ستار" في شمال شرق سوريا الذي عقد لأول مرة في 15 يناير/كانون الثاني عام 2005، ليتم الإعلان عن هذه الاتحاد الذي وحد النساء في كافة المناحي، رداً على ممارسات النظام الحاكم في سوريا.

وقالت إن النساء تجتمعن تحت مظلة هذا المؤتمر بصرف النظر عن الاختلافات الدينية والعرقية أو المذهبية، على أساس نموذج الأمة الديمقراطية الذي يقوم على فكرة تحرير المرأة وحل مشكلاتها الاجتماعية والنضال من أجل حريتها في جميع المجالات وتخليصها من كل الأفكار الذكورية والتعصب الجنسوي في كل مجالات الحياة ومناهضة الاستعباد بكافة أشكاله.

أثر عظيم لأفكار أوجلان

وقالت الدكتور فرناز عطية إن فكر أوجلان له عظيم الأثر في إثراء أفكار النساء وهيكلة التنظيمات النسوية الفاعلة خاصة في شمال شرق سوريا التي تسعى لتحقيق حرية المرأة والمساواة والحياة التشاركية، وهو أمر يختلف اختلافاً كلياً عما تنادي به الحركات النسوية الغربية من تنافس واحتدام صراع بين المرأة والرجل، وإنما أوجلان أكد أن هناك تشارك وحياة تشاركية بين المرأة والرجل في بناء المجتمع الحر، وقبلها الأسرة الحرة وصولاً إلى الأمة الحرة الديمقراطية.

وأضافت أن السيد أوجلان تحدث عن المرأة والقمع الرأسمالي والاستغلال الذي تتعرض له، ونادى بتمكينها اجتماعياً، فقد ناقش وضعها في الأسرة والعائلة وضرورة تخلصها من السلطوية والسلطة الأبوية، وذكر أن نواة الأسرة الديمقراطية هي المرأة الحرة التي تستطيع التخلص من القيود الذهنية الذكورية السلطوية المتسلطة وتنتقل إلى رحب الحياة المشتركة، مؤكداً أن الحياة لا تستقيم دون التعايش بين الجنسين، هذا بالطبع إلى جانب حديثه الكبير عن التمكين السياسي للمرأة وأن تكون على قدم المساواة مع الرجل وأنها لا تقل عنه.

وأشارت كذلك إلى أن أوجلان تحدث عن حق المرأة في حرية الرأي والتعبير، وحقها في الدفاع الذاتي والذي وفقاً له نظام لدى جميع الكائنات في الكون للحفاظ على وجودها، وبالتالي أكد على الدور الكبير للمرأة في هذا الأمر، إذ أنه يرى أن الدفاع الذاتي وظيفة شاملة لا يستثنى منها أحد على أساس النوع أو الجنس لحماية قيمها على قدم المساواة مع الرجل، مشددة على أن كل ذلك يؤكد أن تجربة المرأة الكردية فريدة من نوعها.

دعوة لاستلهام تجرية المرأة الكردية

بدورها، تقول الدكتورة هبة سعيد وهي إعلامية مصرية، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن تجربة المرأة الكردية من التجارب التي يجب التوقف عندها كثيراً، فقد تحملت الشدائد مثلما تحمل الرجال، وقد كانت المواجهة مع الإرهاب خير دليل على قوة بأسها وصبرها وجلادتها.

وأضافت أن المرأة الكردية عانت ما عانت من الإرهاب والتنكيل والتشريد والاحتجاز، وكما كانت شريكاً في المعاناة كانت شريكاً في الانتصار على الإرهاب، لافتة إلى أنها شخصياً لديها إعجاباً بمكانة المرأة في الفكر الكردي، لدرجة أننا تقريبا نجدها في كل المناصب تناصف الرجل فيها.

ودعت الإعلامية المصرية هبة سعيد مختلف الدول والمجتمعات الحضارية إلى استلهام تجربة المرأة الكردية، كنموذج في النضال والنضج والقدرة على المشاركة في كافة هموم الوطن، وتحمل الصعاب من أجل الحرية، مشيرة في هذا السياق إلى أنه لا تقدم أو نهوض لمجتمع لا يعترف بقيمة ومكانة المرأة لديه.