حلب - ربما يتساءل الكثيرون عن حرية المرأة هل حقاً المرأة بحاجة إلى حرية، وماذا تعني الحرية بالنسبة إلى المرأة، وقد يتوهم البعض بأن المرأة حصلت على قدر كافي من الحرية لاسيما حرية التعلم والعمل واختيار الزوج، لكن في الحقيقة لو تساءلنا ماذا تعني الحرية للمرأة لتعددت الإجابات عند النساء والرجال معاً.
ليلى محمد طالبة في الصف الحادي عشر تقول: "إن الحرية الحقيقية لدى أي امرأة هي إثبات الوجود وتحقيق العدل والمساواة بين الرجل والمرأة وإعطائها حق الرأي والتعبير عن أي موضوع يتعلق بالمجتمع".
أما الآنسة افين ولات عرفت الحرية الحقيقية للمرأة على أن تحرر المرأة ذهنيتها وعقليتها القديمة حتى تصبح قادرة على اتخاذ قراراتها بنفسها وتكون صاحبة رأي، وتحرر نفسها اجتماعياً من القيود الممارسة عليها والسلطة المفروضة عليها بحجة الدين.
في مجتمعنا يقول بعض الرجال بأنهم يرضون بمنح الحرية للمرأة لكن بحدود وخطوط بيانية يرسمونها لها تحت مسميات وعناوين فضفاضة، حرصاً على اسم العائلة كما يعتقدون، أما بعض الأخر فيقولون بأنه يجب على المرأة أن تعرف ما هي حريتها الحقيقية وتميزها عن الحرية المستطنعة التي فرضتها وصدرتها الأنظمة الرأسمالية عبر وسائلها الإعلامية.
أستاذ الفلسفة رمضان حسين يقول: "الحرية لدى المرأة تكمن في استطاعة المرأة أن توفق بين عواطفها وعقلها، بحيث لا تطغى إحداها على الأخرى وبالتالي تستطيع إدارة حياتها وتصبح أماً ناجحة وسياسية بارزة تعرف ما لها وما عليها.
تفوق الذكر على الأنثى وأثرها على تحرر المرأة
إن المنشأ الأسطوري للسيطرة الأيديولوجية الذكورية يكمن في جملة التحولات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية التي تبلورت في قسم منها بتقليص المجال الحيوي للمرأة وما تبعها من انتقاص لصفاتها الإنسانية وإنزالها منزلة دونية مقابل منزلة الرجل الفوقية.
ونرى بعض المجتمعات التي تعتمد على رواية آدم وحواء التي تفيد بأن حواء ولدت من ضلع آدم وعاشا في الجنة، لكن بسبب فضوليتها للتعرف على شجرة التفاح (المعرفة) قامت بإخراجنا من ذلك النعيم وهذا الشيء حملها المسؤولية وجعلها رمزاً للخطيئة ومقياساً للشر وترسخت هذه المفاهيم في اللاوعي المجتمعي لدى الأمم واستغلها الرجال وفق مصالحهم الشخصية.
الأستاذة كلستان سيدو تشير إلى أن الرجل وجد قوة هائلة وعجيبة لدى المرأة فخاف منها والأنثى هي التي تهب الحياة فحاول دائماً بشتى الوسائل أن يقزم المرأة وأن يضفي عليها صفة الكائن الضعيف الناقص ولقد جاءت قصة آدم وحواء ذريعة مناسبة لتحقيق رغباتهم الذكورية المتسلطة.
افين ولات أشارت إلى أن سبب تفوق الرجل على المرأة تعود بجذورها إلى التاريخ وعهد (Bavik Salarî ) حيث كان يمارس عليها ليس سلطة الزوج أو الأب فحسب بل الدين والمجتمع مما حرمها من الكثير من حقوقها ولكن لو أتيحت لها الفرصة ستستطيع إثبات ذاتها وشخصيتها.
حرية المرأة بين الريف والمدينة
إن الحرية بمفهومها العام تختلف من مكان إلى آخر، لذلك فالحرية لدى المرأة تختلف من الريف إلى المدينة ومن هنا قد نلاحظ معظم الفتيات الريفيات يرغبن بالعيش في المدينة معتقدات أن العادات والتقاليد الريفية هي قيود فرضت عليهن وهي تحد من حريتهن وينظرن إلى المدينة على أنها أقل قيوداً والفتاة تتمتع بالكثير من الحقوق التي لا تتمتع هي بها كمتابعة التعليم الجامعي وحق اختيار شريك حياتها والاطلاع على آخر صرعات الموضة، لكن هل هذه النظرة تكون صحيحة تجاه الحرية من قبل المرأة الريفية لحياتها في المدينة.
الأستاذ رمضان حسين يقول: "باتت المرأة في الريف والمدينة تقريباً متساويتان في درجة العلم والوعي وحتى العادات والتقاليد أصبحت من بعضها وذلك بفضل تفعيل دور المرأة في المجتمع من خلال المؤسسات المهتمة بشؤون المرأة "دار المرأة" سواء في الريف والمدينة.
المرأة و الديانات السماوية
من المعروف أن الدين جاء لنصرة الإنسان لكن بعض حملة الدين أساؤوا إلى دياناتهم فشوهوا تعاليمها وسخروها لخدمة مصالحهم الشخصية، وكانت المرأة الضحية الأبرز من تلك المصالح والأبخس ثمناً حيث كان هؤلاء ينظرون إلى المرأة على أنها ناقصة عقلاً وديناً بالرغم أن الديانات السماوية أعطت مكانة هامة للمرأة التي تمثلت في شخصية مريم العذراء، ويقال أن أحد الخلفاء العباسيين عندما أصبحت شجرة الدر ملكة مصر أرسل إليها رسالة قال فيها "إن كانت مصر قد خلت من الرجال لتحكم امرأة أرسلت إليكم رجالاً".
الأستاذة كلستان سيدو أشارت إلى أن الديانات تحد من حرية المرأة فمثلاً في الديانة اليهودية لا يسمح للمرأة دراسة الكتاب المقدس واللاهوت ولا دخول أماكن العبادة.
وهناك رأي لسيدة خملين عفرين إذ قالت: "إن الأديان التوحيدية قد أنصفت حرية المرأة لأن كل ديانة أعطتهن الحرية بشكل مختلف فالمرأة ضاعت بين هذه الحريات البعض منهن تقيدن بالعادات والتقاليد وأنحرمن من الحريات، و البعض الآخر فهمن الحرية بشكل صحيح والبعض الآخر أخذت الحرية بشكل خاطئ فأصبحت سلعة مسلية لكل رجل فاسد".
المرأة الكردية وكفاحها لنيل حريتها
المرأة الكردية بدأت بنضالها منذ بدأ النضال الثوري من أجل التحرر من سيطرة العادات الرجعية التي وضعتها الأنظمة السياسية المستبدة التي لا تتناسب مع واقعها، فبدأت بالنضال من أجل التخلص من هيمنة المجتمع الذكوري عليها حيث كان الرجل الأناني لا يراعي حاجات المرأة كإنسان، فالمرأة كانت تسحق كي يستمد الرجل من هذا الانسحاق وهم تحقيق الذات.
المرأة في كردستان انخرطت بالنشاط السياسي فكانت شريكة الرجل في ساحات القتال وعملت على إشعال روح القومية والوطنية وإذكاء نار الثورة لدى الشعب.
افين ولات تقول: "إن الحركة التحررية الكردية أعطت المرأة دوراً كبيراً وضرورة المشاركة في قيادة وبناء المجتمع الديمقراطي، ومنحت هذه الفرصة بطريقة شاملة عن طريق تشجيع المرأة لتجد مفتاح حريتها وتمارس دورها السياسي والعسكري وهذه خطوة إيجابية نحو التحرر".
إن المرأة هي العالم الداخلي يجب العمل على تحريرها وإعطائها كل حقوقها فتحرير المرأة الكردية هي تحرير لكردستان كلها.
الأستاذة عليا شيخو نوهت إلى أن تحقيق المرأة لحريتها تبدأ بمنحها نفسها أولاً حقها الطبيعي في مشاركة صنع القرار سواء المتعلق بمجتمعها العائلي أو مجتمعها المدني وتطلق لنفسها العنان في الثقة بمقدراتها ومكنوناتها فهي الضلع الناظم في الحضارة الإنسانية".
ولابد للمرأة أن تثقف نفسها وتعرف أن دورها لا يقتصر فقط على تربية الأطفال فحسب بل تستطيع فعل الكثير ويجب أن تعلم الطريق الوحيد للوصول إلى حريتها هو الكفاح والنضال والتسلح بالعلم والمعرفة ووحدهما كفيلان بزيادة الوعي والإرادة الحرة لديها وبذلك تثبت أن دورها لا يقل أهمية عن دور الرجل في مجالات الحياة كافة، أما الرجل فيجب عليه احترام حقوق المرأة لأنها تمثل نصف المجتمع وتربي النصف الآخر فهي المجتمع كله وإفراغ المرأة من مسؤوليتها ما هو إلا إفراغ لشخصيتها من كيان الإنسان وجوهره.