اسمها عدلة بكر، صراعاتها الاجتماعية بدأت من داخل العائلة، حيث منعت من الدراسة بحجة إن “من المعيب أن تدرس المرأة” عاشت صراعات الحياة الزوجية عن قرب وبدأت برحلتها النضالية ضد هذه التناقضات، ومع انطلاق مقاومة كوباني اختارت لنفسها طريقاً جديدة.
ولدت عدلة بكر عام 1978 في حي كانيا كردان في مدينة كوباني، وبسبب موقف عائلتها من المرأة واعتبار دراسة المرأة في المدارس عيباً لم ترتد عدلة المدرسة، ومثلها كمثل معظم الفتيات الكرد أمضت طفولتها وشبابها بين جدران منزل والدها حتى بلغت الـ 18.
طريق جديدة
تعرفت عدلة في بداية شبابها على حركة حرية كردستان عن طريق عائلتها مما شكل بالنسبة لها طريقاً جديدة نحو حياة جديدة، فانضمت إلى النشاطات والفعاليات الاجتماعية، كانت تعشق ليالي عيد النوروز عندما كانت تشارك في إشعال النيران والاحتفال، واستمرت في نضالها الاجتماعي حتى بداية انطلاق ثورة روج آفا.
بداية الصراع والبحث عن الحقيقة
عدلة تتابع نضالها من جهة، ومن الجهة الأخرى يزداد توقها للخوض في تناقضات الحياة وصراعاتها فتبدأ رحلتها في البحث عن الحقيقة، كما تبدأ في التعمق في حقيقة العلاقات الزوجية من خلال متابعة تجارب المحيطين بها سواء والديها أو اشقائها. الرجال الذين نصبوا أنفسهم أوصياء عليها لا يسمحون لها بشق طريقها الخاص في الحياة ويحالون إعاقتها. مما زاد من حقدها ونفورها من الزواج. ومهما حاول المحيطين بها فرض الزواج عليها إلا أن عدلة تقاوم إرادتهم وترفض الزواج.
النضال ضد النظام البعثي
وبموازاة نضالها وتصديها للذهنية الرجعية، تناضل عدلة ايضاً ضد النظام البعثي اثناء متابعتها لنشاطاتها الاجتماعية، وتقول عدلة في ذلك “كنا نلجأ إلى مختلف الأساليب والسبل حتى نتمكن من عقد اجتماع، فمثلاً كنا ندعي إننا ذاهبون إلى نزهة، فنحمل طعامنا معنا ونعقد اجتماعنا في البرية، كان رجال الأمن يرقبوننا لكننا لم نكن نتيح لهم المجال للشك فينا ومنعنا. تعرضنا مرات عديدة للملاحقات من قبل رجال الأمن إلا أن ذلك لم يمنعنا من مواصلة النضال، ورغم كل محاولات الشرطة والأمن لمنع احتفالات نوروز إلا أننا كنا نحتفل كل عام، كنا نشعل النار فوق تلة مشتنور ونحتفل هناك. وكنت أسأل نفسي على الدوام ’متى سنتخلص من رجال الأمن والشرطية ونتمكن من متابعة نضالنا بحرية‘.
مرحلة الثورة ومقاومة كوباني
عدلة التي تنفست الصعداء وهي تشهد تحرير مدينة كوباني من النظام البعثي إبان ثورة 19 تموز، قررت الانفصال نهائياً عن عائلتها والتفرغ للثورة بشكل كامل، وبعد فترة انضمت إلى فعاليات تنظيم اتحاد ستار.
عدلة واحدة النساء اللواتي شهدن وتابعن مقاومة كوباني منذ اليوم الأول وحتى الآن، فبعد اشتداد المعارك توقفت فعاليات تنظيم اتحاد ستار، فشاركت عدلة مع العديد من النساء في إعداد الطعام لمقاتلي وحدات حماية الشعب والمرأة في الجبهات. كما كانت تساعد في معالجة الجرحى من مقاتلي وحدات حماية الشعب بالإضافة إلى المساهمة في فعاليات مؤسسة عوائل الشهداء، ورغم كل الظروف إلا أنها لم تترك كوباني.
ومع اشتداد المعارك واقترابها من المدينة اضطرت عدلة إلى الخروج من كوباني إلى باكور كردستان بكثير من الألم واللوعة، إلا أنها تعرضت للاعتقال من قبل الشرطة التركية وتم توقيفها لمدة 8 أيام، وبعد أن أطلق سراحها وفي نفس الليلة عادت إلى كوباني، وهكذا فإن رحلة خروجها وابتعادها عن كوباني لم تدم سوى 8 أيام.
وظلت تعد الطعام يومياً للمقاتلين في الجبهات وتعالج الجرحى حتى تم تحرير المدينة، وبعد تحرير المدينة وعودة الأهالي وبدء فعاليات تنظيم اتحاد ستار عادت عدلة إلى نشاطها السابق ضمن تنظيم اتحاد ستار.