بعملها أثبتت أن الاعاقة بالفكر وليست بالجسد
أرادت أن تثبت للجميع أن الإعاقة ليست في الجسد إنما في الفكر لكن مرضها منعها من متابعة دراستها،
أرادت أن تثبت للجميع أن الإعاقة ليست في الجسد إنما في الفكر لكن مرضها منعها من متابعة دراستها،
أرادت أن تثبت للجميع أن الإعاقة ليست في الجسد إنما في الفكر لكن مرضها منعها من متابعة دراستها، وبعد أن ظلت جليسة في المنزل وأهلها بأمس الحاجة إلى من يؤمن قوتهم اليومي أبت أن تقف مكتوفة الأيدي فقررت العمل لمساعدة أهالها رغم إعاقتها ومرضها، ففتحت كشكاً صغيراً على الطريق العام.
شيلان علي أحمد البالغة من العمر 19 عاما من حي قناة السويس بمدينة قامشلو والأبنة الصغرى لعائلة خليل أحمد المؤلفة من 4 شباب و4 بنات، وهي منذ أن فتحت عينيها على هذه الحياة وجدت نفسها تعاني من إعاقة في قدميها ولا تستطيع المشي عليهما بشكل طبيعي كما يفعل بقية الأطفال، ومع مرور الزمن رضت أحمد بوضعها وتعودت عليه وأصبح المرض جزءً لا يتجزأ منها كما قالت.
ولكن المرض لم يتركها بحالها لأنها كلما كبرت كلما ازداد الألم في قدميها وأصبحت حالتها أكثر سوءً وخاصة عندما كانت تذهب إلى المدرسة حتى أن وصلت إلى مرحلة لا تستطيع فيها المشي، فاضطررت لترك الدراسة التي كانت تحبها وتعشقها.
وتقول أحمد عن سبب عشقها وحبها للدراسة “كنت أفكر بأنني استطيع من خلال الدراسة الإثبات للجميع بأن الإعاقة ليست في الجسد إنما الإعاقة في العقل والتفكير، ولكن سبحان الله حتى هذه لم استطع إدراكها وازدادت حالتي الصحية سوءاً فأجريت لقدمي خلال 4 أعوم 6 عمليات جراحية وبقيت لأكثر من عامين طريحة الفراش أعاني الألم والمرض”.
وخلال هذه الفترة كان أخوتها الشباب الـ 4 تزوجوا وانتقلوا للعيش منفصلين عنهم وانشغل كل منهم بإعالة عائلته، فلم يبقى في المنزل سوى شيلان وأخواتها الـ3 ووالدها البالغ من العمر 78 عاماً ووالدتها التي تبلغ 74 عاماً فوجدت شيلان نفسها وجهاً لوجه أمام شبح الحاجة والفقر الشديد، فضربت عرض الحائط العادات والتقاليد، وقررت العمل لمساعدة أهلها حتى لا يمدوا أيديهم لأحد وينتظروا الصدقة منهم.
وبما أن العائلة تسكن في حي قناة السويس وعلى مقربة من الطريق العام ومن مدارس الحي الإعدادية والابتدائية، فقررت أن تفتح محلاً لبيع اللوازم المدرسية من قرطاسية وحلوى وبعض ألعاب الأطفال فيها، فعرضت فكرتها على والدها وأخوتها ولاقت القبول لديهم فقدم والدها كل ما بحوزته من نقود وكذلك ساعدها أخوتها الشباب الأربعة، وقاموا بشراء الكشك المصنوع من الحديد وثبتوه بالأرض على الرصيف بعد حصولهم على طلب الموافقة من دار الشعب التابع للحي وباشرت شيلان للعمل في هذا الكشك.
وعن سبب اختيارها العمل في المحل “الكشك ” قالت أحمد “ماذا عسى لفتاة خضعت لـ 6 عمليات جراحية ولم تتابع تعليمها أن تفعل لتساعد أهلها؟”.
وتفتح أحمد محلها مع توجه الطلبة إلى مدارس الحي في حوالي الساعة 7:00 وتبقى فيه حتى الساعة 13.00 لتتوجه إلى منزلها لاستراحة الغداء وبعدها تعود مجدداً لفتح المحل من جديد، وقبل مغيب الشمس تغلق محلها وتعود مع والدها العجوز الذي في الكثير من الأحيان يأتي ليصطحبها معه إلى المنزل بعد أن يجلس معها لساعات في محلها الصغير.
وتشير أحمد أنها تحصل يومياً على مردود يتراوح بين 500 إلى 1000 ليرة وهذا المبلغ يكفي عائلتها لتأمين قوتهم اليومي.
وعملها هذا ساعدها في بناء علاقات جديدة في المجتمع وخاصة مع طالبات المرحلة الإعدادية وكذلك طلبة الابتدائي من أبناء الحي فتقول “أحياناً عندما أكون مريضة ولا أفتح المحل أو أتأخر في فتح المحل وبعد خروجي من المنزل باتجاه المحل كل الأطفال يتوجهون صوبي ويجتمعون حولي ويسألوني عن سبب تأخري أو غيابي ويطمئنون على صحتي فينتابني حينها شعور رائع”.
وعن نظرة المجتمع لعمل المرأة قالت أحمد “للمرأة حق العمل مثل الرجل لأنها لا تقل عنه أهمية وخاصة في ظل الظروف والأحداث الجارية والغلاء الفاحش للأسعار، وأنا فخورة بالعمل الذي أقوم به فمن جهة أساعد أهلي ومن جهة أخرى أملأ وقت فراغي، كما تعلمت من عملي كيفية التعامل مع الناس كل بحسب أسلوبه وتعامله وكذلك عرفت معنى ولذة أن يحصل إنسان على ثمرة كدحه وتعبه ونظرة الوالدين التي تقول لي بدون أن يتكلموا عن إعطائها معنى كبير لما أفعله وفخرهم واعتزازهم بعملي، ربما يكون بسيطاً جداً بالنسبة لبعض الناس الذين يملكون الملايين لكنها بالنسبة لنا تعني عملاً كبيراً يستحق التقدير والاحترام ويؤمننا من مد يدنا للغير”.