وقالت المنظمة في تقرير لها، الاثنين، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، "في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا تزال العديد من النساء والفتيات تعانين في حياتهن من الواقع اليومي للعنف في المنزل أو في الشارع"، مشيرة إلى أنه "كان لارتفاع نسبة العنف الأسري خلال عمليات الإغلاق الشامل، بسبب وباء كوفيد-19، عواقب كارثية".
وخلال الوباء، أبلغت منظمات حقوق النساء وخطوط الهاتف المخصصة لطالبات المساعدة، ومراكز ضحايا العنف الأسري، في بعض بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما في ذلك: الجزائر، والعراق، والأردن، والمغرب، وتونس، عن زيادة الاتصالات لطلب المساعدة، أو تسجيل ارتفاع في حالات العنف الأسري، وفقا للمنظمة.
ففي الجزائر، على سبيل المثال، سجل مركز الإعلام والتوثيق لحقوق الطفل والمرأة أثناء عملية الإغلاق الشامل بسبب الوباء ما لا يقل عن 39 حالة قتل، أو "اعتداء وضرب متعمد" أدت إلى الوفاة؛ وحذرت مجموعات حقوق المرأة من أن الرقم الحقيقي للحالات من المحتمل أن يكون أعلى من ذلك.
تقدم تشريعي.. لكن الواقع له رأي آخر
ورأت منظمة العفو الدولية، أنه في حين حققت المرأة في الشرق الأوسط، تقدما محدودا لحقوق النساء، في السنوات الأخيرة، ولا سيما من خلال الإصلاحات التشريعية التي تلغي القوانين التمييزية المجحفة؛ فقد طمست الحكومات هذا التقدم.
ففي جميع أنحاء المغرب الغربي، تم إدخال أحكام قانونية لمكافحة العنف ضد النساء، بما في ذلك قانون تاريخي لعام 2017 في تونس لحماية المرأة من جميع أشكال العنف ضدها.
ومع ذلك، فقد طغى على هذه المكاسب استمرار العنف والتمييز المجحف الذي تواجهه النساء، لا سيما في مسائل الزواج، والميراث، وحضانة الأطفال، وقد قوضها ضعف تنفيذ الإصلاحات، واستمرار حرمان النساء من دورهن الفاعل وقدرتهن على تمثيل أنفسهن، وفقا لتقرير المنظمة.
أما في ليبيا، فقد واجهت النساء والفتيات التعرض للاعتداء البدني، والاغتيال، والاختطاف، والعنف الجنسي، وكذلك حملات التشهير، والإساءة عبر الإنترنت، على أيدي الميليشيات والجماعات المسلحة.
ومؤخراً، في نوفمبر 2020، قُتلت المحامية الليبية حنان البرعصي بالرصاص في بنغازي، بعد أن انتقدت فساد أفراد تابعين للجماعات المسلحة في شرق ليبيا.
وبالمثل، قتل مسلحون في العراق رهام يعقوب، وهي ناشطة معروفة بتنظيم احتجاجات محلية في البصرة في أغسطس 2020.
وفي مصر، أدت حملة على الإنترنت ضد التحرش الجنسي والعنف، قامت بها ناشطات نسويات شابات، إلى القبض، في أغسطس 2020، على العديد من الرجال المتهمين بالاغتصاب.
وتقول المنظمة إنه رغم موافقة السلطات المصرية على نص قانوني يسمح للمدعين العامين بعدم الكشف عن هوية ضحايا العنف الجنسي، استمرت الملاحقات القضائية وحملات الاعتقال ضد الضحايا والشهود، الذين أدلوا بإفاداتهم في مثل هذه الحالات، أو تحدثوا عن العنف الجنسي.
وفي 2020، تمت مقاضاة ما لا يقل عن تسع من المؤثرات على وسائل التواصل الاجتماعي بتهمة "الاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية"بسبب مقاطع فيديو بثثنها على تيك توك، في مصر.
كما انخرطت وسائل الإعلام الموالية للحكومة في حملة تشهير شرسة ضد النساء من ضحايا العنف الجنسي وأنصارهن، وفقا للتقرير.
وأما في إيران، فقد واصلت شرطة "الآداب" إنفاذ قوانين ارتداء الحجاب الإلزامي التمييزية والمهينة التي تعرض النساء والفتيات للمضايقات اليومية، والاعتداءات العنيفة.
الاستهزاء بحقوق الضحايا
وتقول المنظمة إن النساء اللاتي يتقدمن ببلاغات عن سوء المعاملة في بعض بلدان الشرق الأوسط، يواجهن عقبات خطيرة للوصول إلى سبل العدالة.
ففي ليبيا، يصبحن عرضة للاعتقال بتهمة "الزنا"، وفي حالة اللاجئات والمهاجرات، فلا تجرؤ الضحايا على البوح بأي قضايا ذات علاقة بعناصر الشرطة خوفاً من الاعتقال والترحيل.
وأفادت المنظمة أن النساء في الأردن عن خوفهن من احتجازهن في الملاجئ بسبب الإبلاغ عن العنف المرتكب ضدهن.
وعلى الرغم من الإصلاحات التي أجريت، يواصل نظام ولاية الرجل في السعودية تمكين أولياء الأمر الذكور من إدامة العنف ضد المرأة، ولا يوفّر لهن الحماية من العنف الجنسي والبدني، وفقا للتقرير.
فعلى سبيل المثال، "لا تزال النساء اللاتي يعانين من العنف الأسري بحاجة إلى إذن من ولي الأمر لمغادرة الملاجئ".
وفي حين ألغت العديد من الدول النصوص القانونية التي تمكن المغتصبين من الإفلات من الملاحقة القضائية من خلال الزواج من ضحيتهم؛ فإن القانون لايزال قائماً في عدد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقالت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، هبة مرايف: "إن عدم كفاية الإجراءات الحكومية لتوفير الحماية للنساء من العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، والتصدي للإفلات من العقاب، قد أدى إلى إدامة هذا الشكل من أشكال الإساءة".
وطالبت مرايف السلطات بإدانة جميع أشكال العنف ضد المرأة بشكل علني وتفكيك الهياكل التمييزية المجحفة التي تسهل مثل هذه الإساءة، مثل نظام ولاية الرجل.
وأكدت مرايف ضرورة ضمان حماية حقوق الضحايا، وتمكينهن من الوصول إلى سبل العدالة بأمان، ومحاسبة الجناة.