شهدت الساعات الماضية توتراً بين روسيا وتركيا، إثر عودة الرئيس الأوكراني من زيارة إلى الأراضي التركية وبرفقته 5 من قادة أزوف بالمخالفة لاتفاق تبادل أسرى، مما دفع الرئاسة الروسية إلى الاحتجاج الرسمي ضد ما اعتبرته خرقاً للاتفاقات المبرمة.
واعتبر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن "عودة قادة كتيبة آزوف من تركيا إلى أوكرانيا هي خرق مباشر جديد لشروط اتفاقات مبرمة"، مؤكداً أن هذه المخالفة تتحمل مسؤوليتها "أنقرة" كما كييف؛ لأن الاتفاق الذي أفرجت بموجبه روسيا عن هؤلاء العام الماضي، كان ينص على بقائهم في تركيا إلى أن تنتهي الحرب.
احتياج روسيا وتركيا لبعضهما البعض
وتعليقا على هذه الأجواء، يقول الدكتور نبيل رشوان الخبير في الشأن الروسي، لوكالة فرات للأنباء، إن الأمر لن يرتقي إلى حدوث توترات كبيرة بين تركيا وروسيا في ظل حاجة الطرفين لبعضهما البعض خلال الفترة الحالية، موضحاً أن ما حدث هو إخلال من تركيا بشأن اتفاق أنهى أزمة مصنع أزوف ستال، عندما انتهى الحصار الروسي للمصنع مقابل خروج عناصر من كتيبة أزوف واستضافتهم في تركيا على ألا يعودوا إلى أوكرانيا إلا بعد انتهاء الحرب كشرط لتبادل الأسرى.
وأضاف "رشوان" أن "أنقرة" ومع زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى تركيا عاد ومعه خمسة من مقاتلي تلك الكتيبة، وهو الأمر الذي أدانته موسكو، لكن في رأيي أن "أردوغان" ربما يكون أخل بهذا الاتفاق، لأنه يخشى من وجود هذه العناصر داخل تركيا والتي قد تطول فترة تواجدهم في ظل تواصل الحرب.
ضغوط ومخاوف
وربط المتحدث باسم الرئاسة الروسية عودة عناصر كتيبة أزوف ستال بـ"فشل الهجوم المضاد"، الذي بدأته كييف مطلع يونيو لاستعادة أراضٍ تسيطر عليها روسيا في شرق أوكرانيا وجنوبها، ورغبة أنقرة في إظهار "تضامنها" مع "كييف" قبيل قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" في ليتوانيا الأسبوع المقبل، زاعماً أن هناك ضغوطاً كبيرة مورست على تركيا قبل القمة.
لكن الدكتور نبيل رشوان لديه رأي آخر بشأن خطوة تركيا، إذ قال إن عناصر كتيبة أزوف مثل المرتزقة يشبهون إلى حد كبير مجموعات "فاجنر" الروسية، وبالتالي ربما خشى النظام التركي أن يكون تواجد هؤلاء سبباً في بعض القلاقل مستقبلاً، مضيفاً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعرف أن الرئيس التركي متقلب المزاج وبالتالي خطوة كهذه لن تزعجه كثيراً في ظل احتياجهما لبعض كما ذكرت.
وأوضح "رشوان" أن تركيا بحاجة إلى روسيا في مسألة محطة أكوبو للطاقة النووية التي تشرف "موسكو" على إنشائها، كما أن "أنقرة" ستلجأ إلى "موسكو" قريباً للتفاهم بشأن اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية، كذلك روسيا لديها خطوط الغاز التي تمر عبر الأراضي التركية والتي اكتسبت أهمية مع التضييق الغربي على صادرات الغاز الروسي.
وفي ختام تصريحاته، قال "رشوان" إن احتياج روسيا وتركيا لبعضهما قد ظهر بوضوح خلال الانتخابات التركية التي جرت في مايو، وبالتالي مثل هذه الأمور تحدث من وقت لآخر بينهما، والجانب الروسي يعرف جيدأً طباع الرئيس التركي أردوغان، حتى أن بيان الرئاسة الروسية أشار إلى وجود ضعوط على تركيا.
تفاصيل اتفاق تبادل الأسرى
واشتهرت كتيبة "آزوف"، وهي وحدة أنشأها متطوعون عام 2014 قبل أن تدمج بالجيش الأوكراني، بالدفاع عن مدينة ماريوبول الساحلية في جنوب شرق البلاد التي احتلتها روسيا بعد حصار استمر لشهور.
وفي مايو من عام 2022 استسلم آخر المدافعين عن مدينة ماريوبول والذين كانوا متحصنين داخل مصنع أزوفستال بعد أسابيع من القتال العنيف والقصف، وقد تدخل الرئيس التركي لإبرام اتفاق تم في سبتمبر 2022 بموجبه الإفراج عن 55 أسير حرب روسي مقابل 215 أوكرانيا لدى موسكو بينهم 5 من قادة كتيبة أزوف تم الاتفاق على انتقالهم إلى تركيا.
وفي أغسطس من عام 2022 أصدر القضاء الروسي قراراً بتصنيف مجموعة كتيبة أزوف جماعة إرهابية محظورة، إذ تتهم موسكو وكذلك الإعلام الروسي تلك الكتيبة بأنها جماعة نازية تجمل أفكاراً قومية متشددة، كما تتهمها بارتكاب عديد من جرائم الحرب، وهو الأمر الذي ينفيه الجانب الأوكراني في المقابل.
محادثات بعد خطوة أنقرة
وعلى خلفية تلك الخطوة التركية، تحدث وزيرا خارجية روسيا وتركيا عبر الهاتف أمس، وقالت وزارتا الخارجية الروسية والتركية إن سيرجي لافروف وهاكان فيدان ناقشا الوضع في أوكرانيا ، بالإضافة إلى اتفاقية تصدير الحبوب في البحر الأسود التي رفعت الحصار الروسي الفعلي عن الموانئ الأوكرانية العام الماضي.
وهددت موسكو بالانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب عندما يحين موعد تجديده في 17 يوليو، قائلة إن مطالب تسهيل مبيعات الحبوب والأسمدة الخاصة بها لم يتم الوفاء بها، فيما قال الرئيس التركي يوم السبت إنه يضغط على روسيا لتمديد الاتفاق الذي توسطت فيه أنقرة والأمم المتحدة العام الماضي لمدة ثلاثة أشهر على الأقل.
وقالت الوزارة الروسية إن الجانبين ركزا على التطورات الأخيرة في أوكرانيا، بما في ذلك عودة أنقرة للقادة المحتجزين لوحدة آزوف الأوكرانية، التي دافعت عن مصنع للصلب في مدينة ماريوبول الساحلية الأوكرانية العام الماضي.