لكن التقرير، الذي نشر عبر موقع المجلس الأطلسي الأمريكي وهو مؤسسة بحثية شهيرة، يرى أن تقديرات العرب خاطئة فيما يتعلق بالتصدي للنفوذ الإيراني في سوريا، وأنه مهما كان الدعم العربي المقدم للنظام، فإنه لن يستطيع الابتعاد طواعية عن إيران التي تعتبر سوريا المقاطعة 35، كما أن بشار الأسد تحول إلى مجرد حاكم مقاطعة أو بلدية تابع للنظام الإيراني.
قد يلقى مصير رفيق الحريري أو علي عبد الله صالح
ويذهب التحليل الأمريكي إلى أبعد من ذلك، إذ يرى أن بشار الأسد يدرك طبيعة النظام الإيراني ولن يقدم على أي عمل من شأنه تقويض مصالح طهران، كما أنه من المؤكد أن تاريخ طهران في التعامل مع المرؤوسين المتمردين سوف يردعه، لأنه إن فعل ذلك فإنه يخاطر بروحه وقد يتم تصفيته لأنه خرج عن الخط الإيراني.
وقال تقرير المجلس الأطلسي الأمريكي كذلك إن مصيره قد يكون كما فعل حزب الله المدعوم من إيران مع رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الراحل الذي تم اغتياله لعدم تقديمه تنازلات كافية لهم، أو قد يكون خيار طهران هو الطريق الذي اختاره وكلائها في اليمن أي جماعة الحوثيين فيما يتعلق بعلي عبد الله صالح الرئيس اليمني الراحل الذي أعلن الحوثيين أنه خائن وأحلوا دمه وقتلوه بعد أن تحالف معهم وقرر الابتعاد عنهم خلال المواجهة مع القوات التي تقودها السعودية والإمارات.
لا يمكن الاعتماد على روسيا
يواصل التقرير كذلك الحديث عن خيارات العرب لتقليص النفوذ الإيراني، فيقول إنه لا يمكن الاعتماد على روسيا، الفاعل الآخر الذي له نفوذ في سوريا، لتقويض سيطرة إيران على البلاد، نظرا لأن طهران لن تغادر البلاد بإرادتها، وإذا أرادت موسكو ذلك فإن الوضع سيكون مختلفا، لأنه سيتعين عليها هنا محاربة إيران وهي خصم أقوى من المعارضة السورية التي نجحت موسكو في سحقها من قبل.
يقول التقرير أيضا إنه في الواقع وحتى قبل تورطها في أوكرانيا، تراجعت القوات الروسية مرارا وتكرارا في مواجهة إيران ووكلائها في سوريا، مما يدل على أن من له اليد العليا على الأراضي السورية هم الإيرانيون. ويضيف التقرير أن عبثية المراهنة على روسيا لاستعادة استقلال الأسد عن إيران تتفاقم بسبب حقيقة أنه، للقيام بذلك، سيتعين على موسكو تحويل قواتها البرية إلى سوريا لمحاربة حليف كان لا غنى عنه في تلك الحرب، وهذه عبثية متفاقمة لأن هذا يعني دفع روسيا قواتها البرية بعيدا عن الحرب التي تعتبرها وجودية في أوكرانيا، حيث أصبح الجيش الروسي الآن في مستنقع، في إشارة من التقرير بأن هذا لن يحدث وأن الأولوية لروسيا حاليا في أوكرانيا.
تأهيل الأسد لن يؤدي إلا إلى مزيد من الوحشية
من جهة أخرى، انتقدت مجلة فورين أفيرز الأمريكية، في تقرير حديث، عودة حكومة دمشق إلى الجامعة العربية، وقالت إن إعادة تأهيل بشار الأسد لن تؤدي إلا إلى تشجيعه على مزيد من الوحشية في سوريا، بل وأيضا تشجع الوحشية في أماكن أخرى، في إشارة إلى غيره من النظم الاستبدادية. ولفتت المجلة إلى أنه بعد سنوات عديدة من المراوغة والتنافر قررت الدول العربية إعادة دمشق والعودة بها إلى الحظيرة العربية، حيث أعلن وزراء الخارجية العرب في وقت سابق من هذا الشهر أنه سيتم إعادة قبول سوريا في جامعة الدول العربية، المنظمة الإقليمية التي علقت عضوية البلاد في عام 2011، حتى شارك في القمة العربية الأخيرة بجدة.
وأشارت إلى أنه عندما تم تعليق عضوية النظام السوري في ذلك الوقت، أصبح نظام الأسد منبوذا في المنطقة بسبب حملته الوحشية على الانتفاضة الشعبية في البلاد، والتي أودت في النهاية بحياة ما يقرب من نصف مليون وتشريد 13 مليون شخص آخر، أما الآن فقد انتهت فترة النبذ العربي هذه، لكن تأهيل النظام لن يؤدي إلا إلى مزيد من الوحشية.