تفاصيل إخلاء اليونان بالقوة مأوى تاريخي للكرد الفارين من جحيم النظام التركي

نشر مركز ستوكهولم للحريات تقريراً أمس في غاية الخطورة يكشف عن قيام الشرطة اليونانية بالقوة بإخلاء مبنى بالقرب من العاصمة "أثينا"، حيث يعيش اللاجئون الكرد الذين فروا من تركيا منذ عقود، كاستجابة من سلطات اليونان لمطالب من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

والخطوة بشكل أو بآخر تعبر عن الضغوط الكبيرة التي يقوم بها النظام الديكتاتوري في تركيا لمحاصرة كل معارضيه في الداخل والخارج، وخصوصاً المكون الكردي، إذ يطالب الدول الأوروبية بوقف الفعاليات الكردية والضغط على المعارضين بل ويطالب بترحيل بعضهم وتسليمهم إلى السلطات التركية.

هدم المبنى لإرضاء أردوغان

وأعلنت الشرطة اليونانية في بيان أنها نقلت 26 رجلاً و 8 نساء و 19 طفلاً من مدينة لافريو الساحلية إلى منشآت أخرى تديرها وزارة الهجرة اليونانية، وأشار المسؤولون إلى أن المبنى، الذي كان يؤوي في الأصل لاجئين من الاتحاد السوفيتي السابق في عام 1947 قبل استخدامه في الثمانينيات لإيواء الكرد الفارين من تركيا، من المقرر هدمه.

وبينما زعم ديميتريس لوكاس رئيس بلدية لافريو أن الهدم يأتي خوفاً من إمكانية حدوث زلزال سيدمر هذا المبنى ويكون سبباً في إزهاق الأرواح، قال المركز الكردستاني الديمقراطي، وهو مجموعة تمثل اللاجئين الكرد ثقافياً في اليونان، إن "جيشاً" من 300 ضابط شرطة برفقة المدعي العام نقل السكان إلى مخيم للمهاجرين في ملكاسا بالقرب من أثينا.

كما زعم رئيس البلدية أن العملية تمت بهدوء، إلا أن المركز قال إن اللاجئين الكرد تم إيقاظهم واعتقالهم، ولم يكن لديهم حتى الوقت لأخذ ملابسهم، مضيفاً أن اليونان أغلقت الملجأ لإرضاء تركيا، التي ادعت لسنوات أن هذا المكان كان مركزاً لتدريب الكرد على أعمال مسلحة، وفق المزاعم التركية.

ادعاءات تركية كاذبة

في هذا السياق، يقول إبراهيم مسلم ممثل حزب الاتحاد الديمقراطي السوري في اليونان، في تصريحات خاصة لوكالة فرات للأنباء، إن هذا المبنى هو أقدم مخيم لاستقبال اللاجئين وهو في قلب مدينة لافريو وعلى مدار عشرات السنين مر به عديد من اللاجئين لكنه كان بمثابة بيت للكرد الذين يمرون من هنا خلال رحلتهم للهجرة.

وأضاف "مسلم" أن هذا المأوى مر من خلاله أسماء بارزة مثل المخرج الكردي الراحل يلماز جوني والذي أقام فترة في هذا الملجأ، لافتاً إلى أن النظام التركي كان يطالب السلطات اليونانية دائماً بإغلاقه ويزعم كذباً أن الكرد يتلقون فيه تدريبات عسكرية وما شابه ذلك.

وتابع السياسي الكردي اليوناني أن هذه الإدعاءات التركية في حقيقة الأمر كاذبة، فهذا الملجأ كان عبارة عن مبنى سكني وسط مدينة لافريو يأوي اللاجئين الكرد ويسكن به الأطفال والنساء، وأنا شخياً كنت أذهب بين الفترة والأخرى إلى هذا المخيم أو الملجأ وأقدم بعض المساعدات خاصة الطبية.

تمويل المخيم

وقال "مسلم"، في سياق حديثه لوكالة فرات، إن السلطات اليونانية منذ فترة كانت تريد إخلائه، كما أنه خلال الفترة الأخيرة لم يكن يتلقى أي دعم من الدولة اليونانية أو المؤسسات الرسمية في الدولة، ومن ثم كان يعتمد في تمويله على المساعدات التي تقدمها المنظمات الإنسانية غير الحكومية.

وأضاف أنه كان يتم تمويله أيضاً من خلال الدعم الذي يجمعه الشعب اليوناني، إذ كان اليونانيون يذهبون إلى المخيم لتقديم المساعدات إلى المقيمين فيه بشكل مباشر، معرباً عن اعتقاده بأنه تلبية لدعوة الحكومة التركية، فإن الحكومة اليونانية الجديدة قررت إغلاق هذا المخيم ونقلوا اللاجئين إلى مخيمات أخرى.

وفي ختام تصريحاته، قال "مسلم" إنه بهذه الخطوة وللأسف تم إسدال الستار على مخيم يعتبر تاريخي، وله أهمية كبيرة في ذاكرة اللاجئين الكرد، والذي – كما سبق وذكرت – فإن هناك آلاف الكرد مروا من هذا المعسكر الذي قررت السلطات إخلائه وهدمه.

ضغوط النظام التركي

ويبذل النظام التركي جهوداً كبيرة خلال الفترات الماضية لتضييق الخناق على المكون الكردي، إذ أنه يشن حملة اعتقالات واسعة النطاق في الداخل لا سيما قبيل انتخابات مايو التي فاز بها "أردوغان" بالرئاسة وعادة ما تكون التهمة جاهزة وهي ممارسة الدعاية الإرهابية.

كما أن النظام التركي يطالب بعض الدول الأوروبية بتسليم عشرات الكرد، من ذلك ما تحدثت عنه وسائل إعلام أوروبية بأن "أردوغان" قدم قائمة من 130 شخص إلى السويد وطلب منها ترحيلهم إلى تركيا لدعم الطلب السويدي لعضوية حلف شمال الأطلسي "الناتو"، موضحة أن غالبية أسماء تلك القائمة من الكرد.