تفاهمات السويد وتركيا بشأن الناتو تثير مخاوف الكرد

تثير تفاهمات السويد وتركيا حول انضمام الأولى الى الناتو، مخاوف الكرد في السويد، حيث أبدى فرع منظمة العفو الدولية ـ السويد، ملاحظات اتجاه ما تثيره تلك التطورات لدى الكرد.

وخلال قمة حلف الناتو التي تنتهي اليوم صرح أمين عام الحلف ينس ستولتنبرج بأن تركيا أزالت اعتراضها على عضوية السويد، على أن يحيل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأمر إلى البرلمان، وذلك مقابل مواصلة العاصمتين التعاون معاً في ملف مكافحة الإرهاب ودعم السويد لعضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي والمضي قدماً في تنفيذ مذكرة مشتركة بين تركيا والسويد وفنلندا.

التصريحات تزيد من مخاوف الكرد

وقالت مادلين سيدليتز، المستشارة القانونية في الفرع السويدي لمنظمة العفو الدولية، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام أمريكية، إن المنظمة لم تتمكن أبداً من معرفة من كان في الواقع معرضًاً لخطر إعادته من السويد، لكن مثل هذه التصريحات بثت الخوف في نفوس عديد من الأشخاص.

وذكرت تقارير عدة أن الرئيس التركي قدم إلى السويد قائمة تضم 130 مطلوباً غالبيتهم من الكرد وبعض أتباع حركة الخدمة التي يتزعمها الداعية التركي فتح الله جولن والذي تلصق بها سلطات "أردوغان" تهمة التدبير لمحاولة الانقلاب المزعومة عام 2016، والتي أعقبتها حملة اعتقالات لا مثيل لها في التاريخ التركي الحديث، بحسب كثير من التقارير الحقوقية الدولية.

وتعليقاً على تلك التطورات، حذر شيار علي ممثل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في السويد، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء، من خطورة المساومات التي يقوم بها الرئيس التركي، والذي حتى الآن حصل من خلالها على مردود جيد على المستويين الداخلي والخارجي مستغلاً في ذلك مسألة الطلب السويدي للعضوية في حلف الناتو.

وأوضح السياسي الكردي السوري أن "أردوغان" استفاد من ورقة عضوية السويد خلال فترة الانتخابات الرئاسية التي جرت في مايو، وكذلك في الأزمة الاقتصادية التي تمر بها بلاده، كما أنه استطاع أن يعيد مرة أخرى إمكانية شراء أسلحة من السويد وفنلندا والذي كان متوقفاً في إطار الرفض لاحتلال تركيا مناطق في الشمال السوري.

ولفت "علي" إلى أن السلطات السويدية كذلك قامت بتسليم بعض الأشخاص لنظيرتها التركية، قائلاً إنه رغم أن هذا العدد قليل ولا يتجاوز 4 أشخاص، إلا أنه خلق حالة من الذهول وسط الجالية الكردية بصفة خاصة وحالة من الخوف والريبة والشك، كما أن السويديين بهذه التفاهمات تنازلوا عن كثير من المباديء لصالح "أردوغان" وغيروا قانون الإرهاب إلى قانون جديد يحد من حرية الصحافة والتعبير.

وأشار ممثل الإدارة الذاتية في السويد أن الرئيس التركي استطاع من خلال اجتماع حلف الناتو الحصول على  ضمانات من جميع أعضاء "الناتو" بخلق مجموعة لمكافحة ومتابعة الإرهاب، والإرهاب بالنسبة لـ"أردوغان" يعني المجموعات الكردية في الداخل والخارج وخاصة السويد التي بها جالية كبيرة من الكرد وتلعب دوراً مميزاً في التواصل مع الحكومة السويدية وموجودين في البرلمان السويدي، والأحزاب السويدية إلى جانب الرأي العام السويدي لديهم تعاطف كبير مع القضية الكردية.

وقال شيار علي إن الرئيس التركي يواصل ضغطه ويعمل على وقف هذه الأمور والحد من التعاطف السويدي مع القضية الكردية، وأعتقد أنه نجح بدرجة ما وقد بذل عملاً شاقاً من أجل ذلك، معرباً عن أسفه تجاه قرارات الحكومة اليمينية الجديدة في السويد والتي يرى أنها تعاملت بشكل سيء مع الكرد والأحزاب الكردية.

تفاهمات أخرى

وتحدث السياسي الكردي السوري عن مسألة الطلب التركي المفاجيء بأن يكون دعم طلب عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي بين شروط الموافقة على عضوية السويد بالناتو، وقال إنه قد تم الاتفاق على العمل لإدخال "أنقرة" في الاتحاد الأوروبي أو إعادة النظر في المشروع التركي لدخول الاتحاد، وقد تعهدت "ستوكهولم" بدعم الطلب التركي.

وأضاف أن التفاهمات شملت كذلك بعض الأمور التجارية والتعامل في المجالات الاستخباراتية بين السويد وتركيا، والأخيرة ودول حلف الناتو جميعاً، معتبراً أن "أردوغان" قد نجح حتى الآن في هذا الملف عبر المساومات، أما بالنسبة لحصوله على طائرات "إف 16" من الولايات المتحدة، فإن هذا أمر يعود إلى الكونجرس، لكن الرئيس جو بايدن وعد بأنه سيساعد "أنقرة" للحصول على هذه الصفقة، لا سيما أن "أنقرة" عضو مهم في الناتو وحليف لـ"واشنطن" وخصوصاً في ظل الحرب الروسية الأوكرانية.
الكرد ووكالة الاستخبارات السويدية

بدوره، يقول المحامي ميران كاكاي الذي يعمل في ملف المهاجرين بالسويد وخاصة المجتمع الكردي، إن كثير من موكليه يشعرون بالقلق بعد الإعلان عن تلك التفاهمات بين السويد وتركيا، وعما إذا كانت تلك التفاهمات ستؤثر على قضاياهم مع مجلس الهجرة السويدي.

وأضاف، في تصريحات لشبكة "إن بي آر" الأمريكية، أنه بعد الآن ستتدخل وكالة الاستخبارات السويدية بشكل متزايد في دراسة القضايا وطلبات اللجوء التي يكون طرفها كردياً من تركيا، وقد يتم رفض الطلب إذا قالت إن هذا الشخص مصنف أو قد يصنف على أنه يشكل تهديداً أمنياً.

وقال المحامي السويدية الذي ينحدر من أصل كردي إن السويد لديها باع طويل في دعم القضية الكردية وقبول طلبات اللجوء الكردية، بما في ذلك والده، خلال الثمانينات والتسعينات إلا أنه يرى أن هناك تحول متسارع في سلوك السلطات السويدية مع تزايد أعداد الأشخاص الذين يتم ترحيلهم، مشيراً إلى أن الأمر وصل إلى أن بعض موكليه يسألونه ما إذا كان يمكنهم المشاركة في احتفالات نوروز أم لا.