دائرة الصراع تتسع.. عودة للقتال في السودان بعد انتهاء الهدن المؤقتة

تفجرت الأوضاع في السودان في تكرار لنفس السيناريو الذي عقب انتهاء الهدنة السابقة، في مؤشر على أن التفاهم السياسي لا يزال بعيداً، وأن كل طرف في الأزمة لا يزال يتحص خلف مواقفه رافضاً التزحزح عنها.

ويتواصل النزاع في السودان لأكثر من 10 أسابيع فشلت فيها كل محاولات التهدئة باستثناء هدن مؤقتة كانت تشهد انتهاكات، وقد تسببت الحرب في نزوح أكثر من 2.5 مليون شخص من ديارهم، لتهدد دول جوار السودان بتفاقم الأوضاع كذلك لا سيما على الصعيد الاقتصادي.

جبهة جديدة للقتال

وشهدت الساعات الماضية اتساع دائرة الصراع والعنف، إذ قال شهود إن سكان مدينة كادقلي جنوب غرب السودان عاصمة ولاية جنوب كردفان بدأوا بالفرار من المدينة، مع تصاعد حدة التوتر بين الجيش وقوات الدعم السريع، ما يعني أن البلاد أما جبهة جديدة للصراع.

وتكتسب ولاية جنوب كردفان أهمية كونها تضم حقول النفط الرئيسية في البلاد، كما تتشارك في حدودها مع ولاية غرب دارفور وكذلك دولة جنوب السودان، ووصول الصراع إليها سيعني بعداً آخراً في الحرب يتعلق بالسيطرة على ثروات الدولة ومواردها الطبيعية.

ويأتي هذا التحشيد كذلك مع اتهام الجيش السوداني للحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال التي يقودها عبدالعزيز الحلو انتهاك اتفاق لوقف إطلاق النار تم التوصل إليه منذ فترة طويلة، من خلال مهاجمة وحدة تابعة للجيش في كادقلي، إذ أن بعض مناطق ولاية جنوب كردفان تقع تحت سيطرة الحركة الشعبية.

تشاؤم بشأن مستقبل الصراع

في هذا السياق، شدد السفير صلاح حليمة نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية سفير مصر السابق في السودان، في حديث لوكالة فرات للأنباء، على أن الأمور دائما تتجه للتصعيد في السودان بعد كل هدنة، لأن المواقف متباعدة للغاية بين طرفي النزاع، فهناك طرف يرى أنه يحارب من أجل نظام ديمقراطي ويريد القضاء على الطرف الآخر، والأخير يعتبر الأول متمرداً ويرى أنه يدافع عن المؤسسة العسكرية للدولة.

وأضاف "حليمة" أن الاشتباكات تتصاعد عقب كل هدنة لأنه كان يفترض وفق تلك الهدن أن تنسحب قوات الدعم السريع من المرافق والمنشآت الحيوية أولا، لكن هذا لم يحدث، كما أن الحرب في السودان تأخذ طابع حروب المدن ولهذا تتسع وتتجدد الاشتباكات بقوة، وخصوصاً كما قلت إن كل طرف لا يريد التزحزح عن موقفه.

وأعرب مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق عن عدم تفاؤله بإمكانية أن يكون هناك حل في المستقبل القريب للأزمة في السودان، قائلاً إن المواقف متباعدة للغاية وكل طرف متمسك بالقضاء على الطرف الآخر، وبالتالي فإن المخرج الوحيد للأزمة السودانية هو بيد القوى السياسية السودانية التي ترفض عسكرة المشهد في البلاد.

دور القوى السياسية السودانية

وأوضح "حليمة" أنه لا بد أن تقوم هذه القوى السياسية السودانية بإدارة الأزمة وامتلاك زمام المبادرة، وعدم ترك الأمور تستمر في مسارها العسكري هذا، يجب عليهم السعي لتقديم مبادرة بعودة الجيش إلى ثكناته، وقوات الدعم السريع فيجب أن يكون مصيرها إما الدمج في الجيش السوداني أو الحل، وفي كل الأحوال يجب أن تعود تلك القوات العسكرية إلى ثكناتها.

وفي ختام تصريحاته لوكالة فرات، أكد السفير صلاح حليمة مجدداً أنه في ظل التطورات الحالية لا يتصور أن يكون هناك حل قريب للأزمة السودانية، ما لم تلعب القوى السياسية المدنية دوراً، وأيضاً يكون هنا دور لجامعة الدول العربية، خصوصاً وأن المجتمع السوداني غير قابل لعسكرة العملية السياسية.

تأزم الوضع الإنساني

في سياق متصل، أكدت منظمة أطباء بلا حدود غير الحكومية الدولية العاملة في المجال الطبي والإنساني، أن العنف المتفشي والاحتياجات الصحية الضخمة مستمران في السودان لا سيما في الخرطوم ودارفور، مشيرة إلى أن انعدام الأمن يعيق الاستجابة الإنسانية.

 وحذرت المنظمة في أحدث تقرير بشأن الوضع الإنساني من إنه إذا استمر الوضع فسيكون من المستحيل على المنظمة توفير الاستجابة الطبية والإنسانية المناسبة التي يحتاجها السكان بشدة.