قمة بوتين وشي بينغ..هل أصبح تحالف العملاقين كابوس للغرب

جاءت أول زيارة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد إعادة انتخابه إلى الحليف التقليدي الصين لتحمل العديد من الرسائل لأمريكا وحلفائها.

حملت  القمة التي جمعت كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ العديد من  الرسائل للغرب، فهي أول زيارة لبوتين بعد إعادة انتخابه رئيساً للبلاد وفي ظل التقدم الروسي في جبهة دونيتسك  و خاركوف في اوكرانيا، لتكرس ثنائية "شي-بوتين"، حيث اجتمعا ٤٠ مرة منذ عام ٢٠١٠، فماذا حملت القمة تلك المرة وهل أصبح تحالف العملاقين الكابوس الذي يهدد الغرب.

كشف دينيس كوركودينوف، رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي، والمحلل السياسي الروسي، أنه لكون روسيا والصين دولتين صديقتين لبعضهما البعض وأقرب جيران، فإن روسيا والصين تعتمدان في سياستهما الخارجية على مبادئ عدم الانحياز مع التحالفات العدائية والتعايش السلمي والاستقرار العالمي. وبالإضافة إلى ذلك، فإن زعماء بلداننا متفقون بالإجماع على ضرورة إنشاء نموذج جديد للعلاقات الدولية، يختلف جذرياً عن الأساليب التي تم تطبيقها خلال الحرب الباردة.
 
وأكد كوركودينوف في تصريح خاص لوكالة فرات، أنه تكمن أهمية الزيارة الرسمية التي قام بها فلاديمير بوتين إلى بكين مباشرة بعد إعادة انتخابه كرئيس للدولة الروسية، في المقام الأول، في حقيقة أن الصين وروسيا متقاربتان للغاية في تقييمات هما بالواقع الجيوسياسي الحديث و تدركان نفس القدر من الأهمية. الجدوى الاستراتيجية لتوطيد والصداقة بين الدول.
 
وأضاف رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي، أنه أظهر فلاديمير بوتين وشي جين بينغ، من خلال اجتماع منظم عشية ما يسمى بـ “قمة السلام” المقرر عقدها في سويسرا في يونيو 2024، بوضوح أنهما بعيدان تمامًا عن المظاهر المدمرة للسياسة الغربية و أنهما لاعبان دوليان مستقلان. الذين يستخدمون شكل الاجتماعات مع بعضهم البعض كدليل لمواصلة تعزيز التعاون الاستراتيجي، وخلق زخم جديد للتعاون.

واوضح كوركودينوف، أنه تحظى العلاقات بين روسيا والصين اليوم بأهمية أساسية في السياسة الخارجية الروسية، وتعد الصين في الظروف الحالية أحد الشركاء والحلفاء الرئيسيين لروسيا، وإن اقتصاد البلدين يكمل كل منهما الآخر بشكل جيد، والتهديدات الصادرة عن كتلة الناتو تدفع البلدين إلى إنشاء تحالف دفاعي، وفي الوقت نفسه، أصبح النمو السريع للعلاقات الاقتصادية الروسية الصينية في السنوات الأخيرة أساسًا جديًا لتطبيع العلاقات السياسية وتطويرها. 

وبين رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي، تعتبر روسيا أن التوافق بين التوجهين الأساسيين للبلدين في التعامل مع القضايا الرئيسية في السياسة العالمية هو أحد المكونات الأساسية للاستقرار الإقليمي والعالمي، وعلى هذا الأساس، ستعمل روسيا على تطوير تفاعل السياسة الخارجية مع الصين في مختلف المجالات، بما في ذلك إيجاد إجابات للتحديات والتهديدات الجديدة، وحل المشاكل الإقليمية والعالمية الملحة، والتعاون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وبريكس، وقمة شرق آسيا، ومنظمة شانغهاي للتعاون وغيرها. جمعيات متعددة الأطراف.
 
وأشار كوركودينوف إلى  أنه تعد الصين اليوم الدولة الرائدة اقتصاديًا في العالم، والرائدة عالميًا في إنتاج معظم أنواع المنتجات الصناعية، وأكبر مصدر في العالم، من حيث وتيرة وحجم التنمية الاقتصادية، فإن الصين قابلة للمقارنة مع روسيا، وبالتالي، نتيجة لهذا التعاون النشط بين موسكو وبكين، والذي تم تأكيد تطوره خلال الاجتماع الأخير بين فلاديمير بوتين وشي جين بينغ، كلا البلدين سوف يعززون موقفهم كشركاء متساوين، ويزودون بعضهم البعض بالموارد اللازمة لتنفيذ ممرات النقل.
 
وتابع رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي، أنه عندما قرر رئيس الدولة الروسية، فلاديمير بوتين، فور تنصيبه، أن يقوم أولاً بزيارة بكين في زيارة رسمية، أكد الكرملين بشكل لا لبس فيه ليس فقط على أن هذا الاجتماع يجب أن يعقد عشية "قمة السلام" المقرر عقده في يونيو/حزيران 2024 في سويسرا، لكن ينبغي أيضا أن تتفق روسيا والصين على موقفهما الجديدة بشأن "الملف الأوكراني". 

وأردف كوركودينوف، أنه في هذا السياق، حدد قادة البلاد مجموعة كاملة من القضايا المترابطة المتعلقة بتحويل نهج السياسة الخارجية، وتحديد الأولويات المستقبلية والمجالات الرئيسية للنشاط العسكري السياسي. بطبيعة الحال، كان من المهم بشكل أساسي بالنسبة لفلاديمير بوتين وشي جين بينغ أن يُظهِرا سلامة الاتفاقيات الروسية الصينية بشأن حل الصراع في أوكرانيا، وخاصة على خلفية العملية العسكرية الروسية التي بلغت ذروتها في اتجاه خاركوف، وكان من الضروري أيضًا إجراء تقييم شامل وشامل للتعاون العسكري بين الدول ونتائجه - سواء الخبرة المتراكمة أو الإمكانات، فضلاً عن المشاكل الناشئة وأنواع العجز المختلفة.
 
ولفت رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي، أنه كان من المهم للغاية بالنسبة لبكين أن تحدد دورها المستقبلي على المسار الأوكراني بعد الانتهاء من عملية خاركوف، لكن الشيء الرئيسي كان الموافقة على اتجاهات ومعايير واعدة للمشاركة المؤسسية والعملياتية في عملية توفير الدعم والمساعدة لروسيا،وعلاوة على ذلك، نحن لا نتحدث كثيراً عن التحسين التقليدي للإمكانات العسكرية الروسية وآلياتها، بقدر ما نتحدث عن إيجاد إجابة للسؤال الرئيسي - أين وإلى أي مهام يجب إعادة توجيه نشاط الصين في "الملف الأوكراني".
 
وفي هذا الصدد، بعد القمة الروسية الصينية، لن تضعف العقوبات المفروضة على موسكو وبكين فحسب، بل ستصبح أكثر صرامة، كما هو متوقع. وفي كل الأحوال، تعتبر واشنطن تعزيز مواقف روسيا والصين على الساحة الدولية تهديدا حقيقيا للأمن، بحسب كوركودينوف. 

بينما كشفت الإعلامية والصحفية الصينية سعاد ياي تشين، أن الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للصين ولقائه مع نظيره الصيني شي جين بينغ لها أهمية كبيرة في مواصلة تطوير العلاقة بين البلدين الصيني والروسي وكذلك تأثير هام في تغير النظام الدولي.

وأكدت تشين في تصريح خاص لوكالة فرات، أنه من حيث العلاقة الصينية الروسية، تفيد هذه الزيارة مواصلة ترسيخ الثقة السياسية والاستراتيجية بين البلدين، ما أرست أساسا متينا لتعزيز التعاون بينهما في المجالات المختلفة. 

وأضافت الإعلامية والصحفية الصينية أنه خلال هذه الزيارة، تم توقيع رئيسي البلدين على "البيان المشترك لتعزيز شراكة التنسيق الاستراتيجية الشاملة بين الصين وروسيا في العصر الجديد" وسلسلة من اتفاقيات التعاون بين البلدين في مجالات الاقتصاد والتجارة والثقافة والإعلام وحماية البيئة وغيرها، الأمر الذي ساهم في وضع خطط جديدة ولعب دور قيادي لتوسيع التعاون بين الصين وروسيا في مختلف المجالات. 

وبينت تشين إن كلا من الصين وروسيا عضوان دائمان في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والأسواق الناشئة الرئيسية، وإنه الخيار الاستراتيجي المشترك لكلا البلدين لتعميق التنسيق الاستراتيجي وتوسيع التعاون متبادل المنفعة ومتابعة الاتجاه التاريخي العام للتعددية القطبية في العالم والعولمة الاقتصادية. لذلك، فيمكن أن نقول إن زيارة الرئيس بوتين للصين ولقائه مع نظيره الصيني شي أسهمت في توطيد الثقة الاستراتيجية بين البلدين وتعزيز عزمهما على تعميق العلاقة والتعاون بين البلدين في مجالات أوسع، من أجل إسعاد شعبيهما ودفع تقدم النظام الدولي على نحو عادل وإنصاف ومتوازن. 
 
وأوضحت الإعلامية والصحفية الصينية،  أن العلاقة الصينية الروسية تتسم ببعض المميزات التي لم تظهر في العلاقات الدولية العامة، وتعتبر نموذجا للعلاقات الدولية بين الدول الكبرى. أولا، لا توجد المواجهة بين البلدين، رغم أنهما من دول الجيران، ويتمتع كل منهما بنفوذ كبير في نطاق العالم، لكن العلاقة بينهما تشهد تعززا مستمرا وتتطور بشكل سلس وخاصة خلال هذه السنوات.

وتابعت تشين، أنه بفضل قيادة التفاعلات المستمرة بين رئيسي البلدين، هناك تقارب ونقاط متشابهة في العديد من القضايا الدولية الساخنة بينهما. ثانيا، هناك تكامل اقتصادي كبير بين البلدين، وتتمتع الصين بأسواق واسعة، أما روسيا فإنها تمتلك موارد طبيعية وافرة. وتتميز الصين بالصناعة والقدرات المتميزة على بناء البينة التحتية، بينما لروسيا أراضي شاسعة، وتملك روسيا إمكانيات كبيرة في تطوير المنشآت الأساسية فيها. فإن مستقبل التعاون بين البلدين كبير وواسع.

وأردفت الإعلامية والصحفية الصينية، أنه تلعب الصين وروسيا دورا هاما في المنظمات الإقليمية والدولية، مثل مجموعة البريكس والأمم المتحدة ومجموعة شانغهاي للتعاون، وكلهما من الأعضاء الدائمة لمجلس الأمن الدولي والاقتصادات الناشئة، فإن تعزيز التعاون والتقارب بينهما مفيد لتنمية العالم.

وأشارت تشين إلى أن الصين تدفع حاليا التحديث الصيني النمط على جميع الجبهات وتتحرك بشكل أسرع لتعزيز القوى الإنتاجية الحديثة النوعية من خلال التنمية عالية الجودة، ما سيضيف محركات جديدة للنمو الاقتصادي العالمي. وإن كلا من الصين وروسيا عضوان دائمان في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والأسواق الناشئة الرئيسية، وإنه الخيار الاستراتيجي المشترك لكلا البلدين لتعميق التنسيق الاستراتيجي وتوسيع التعاون متبادل المنفعة ومتابعة الاتجاه التاريخي العام للتعددية القطبية في العالم والعولمة الاقتصادية.
 
وتطرقت الإعلامية والصحفية الصينية، إلى المخاوف الغربية من العلاقات الروسية الصينية، مبينة أنه تلتزم العلاقة الصينية الروسية بعدم التحالف وعدم المواجهة وعدم الاستهداف لطرف ثالث وعدم التأثر من الطرف الثالث، و بخصوص القضايا المتعلقة بالنظام الدولي، تتمسك الصين وروسيا باحترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي و تعددية الأقطاب في نطاق العالم، كما تدعمان دفع العولمة الاقتصادية وتعارضان حكم العالم بقطب واحد.

كما أوضحت تشين، أنه على صعيد آخر، أكدت الصين لمرار أنها لم تقدم أسلحة ومساعدات عسكرية لروسيا وإنها تلتزم دائما بالموقف الحيادي بشأن الأزمة الأوكرانية وتتمسك بحل الأزمة عبر التسوية السياسية وتبذل جهودها لتهدئة الوضع. لذلك، فإن الانتقادات من الدول الغربية بشأن العلاقة والتعاون بين الصين وروسيا غير مقبولة وغير معقولة. كما أكد البلدان الصيني والروسي أن تعزيز التعاون وتطوير العلاقة بينهما لا يتأثران من الأطراف الثالثة.

بينما كشف إيفان أوس، مستشار السياسة الخارجية في المعهد الوطني الأوكراني للدراسات الاستراتيجية، تأتي زيارة الرئيس الروسي بوتين إلى بكين مع وفد كبير إلى حد ما في لحظة مثيرة للاهتمام للغاية، وقد أعيد انتخاب بوتين مؤخرا رئيسا لروسيا وقام بأول زيارة له للصين.

وأكد أوس في تصريح خاص لوكالة فرات أنه بدأت مفاجآت بوتين بالقرب من طائرته. وفي مطار بكين، لم يكن في استقباله شخصيًا شي جين بينغ أو غيره من مسؤولي الحزب الشيوعي الصيني، ولكن نائب عمدة المدينة، تشن يي تشين،  بالنظر إلى حقيقة أن بوتين أحضر معه حكومته بأكملها تقريبًا، ونصف الإدارة الرئاسية، ورؤساء بنوك الدولة، والأوليغارشية، إهانة بالغة.

وأضاف مستشار السياسة الخارجية في المعهد الوطني الأوكراني للدراسات الاستراتيجية، أنه تعقد قمة الصين وروسيا نفسها ضمن سلسلة من الأحداث المهمة مثل زيارة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن إلى بكين، و زيارة الزعيم الصيني إلى أوروبا وهي فرنسا وصربيا والمجر، وكان رئيس المفوضية الأوروبية حاضرا في الاجتماع في باريس وهكذا، فهم الزعيم الصيني ما هي العقوبات المحتملة التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بسبب مساعدته لروسيا.

وبين أوس، أنه بالنظر إلى أن صادرات البضائع من الصين إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في عام 2023 تجاوزت تريليون دولار أمريكي، وإلى روسيا ما يزيد قليلاً عن 100 مليار دولار أمريكي، فلا يمكن للصين أن تضحي بالعلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لصالح روسيا.

وأوضح مستشار السياسة الخارجية في المعهد الوطني الأوكراني للدراسات الاستراتيجية، أنه في الاجتماع الروسي الصيني، تمت مناقشة إطار جديد للعلاقات التجارية بينهما على الأرجح، وهو الإطار الذي لن يعرض الصين لعقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وبين أوس، أن قمة السلام المقرر عقدها يومي 15-16 يونيو 2024 في سويسرا حول صيغة السلام في أوكرانيا، أما الصين نفسها فقد تلقت الدعوة، لكنها لم تستجب بعد. ومن المثير للاهتمام أنه عشية زيارة بوتين للصين، قال مساعد بوتين للشؤون الدولية، يوري أوشاكوف، إن الصين لن تذهب بالتأكيد إلى سويسرا لحضور القمة، ومع ذلك، في اليوم الأول من زيارة بوتين للصين، قال سكرتيره الصحفي ديمتري بيسكوف إن "مشاركة الصين في القمة حول أوكرانيا لن تسفر عن أي نتائج".

وأشار مستشار السياسة الخارجية في المعهد الوطني الأوكراني للدراسات الاستراتيجية، إلى مناقشة صيغة السلام في السعودية، عندما جلس بجانب مندوب السعودية الذي يرأس الجلسة ممثل الولايات المتحدة (من جهة منه) وممثل الصين (من جهة أخرى)، مما عكس القيادة بين دول الغرب والجنوب العالمي.

وأوضح مستشار السياسة الخارجية في المعهد الوطني الأوكراني للدراسات الاستراتيجية، أنه في غياب الصين، تستطيع الهند أن تأخذ مكانها كدولة رائدة في الجنوب العالمي، و لذا فمن المرجح أن تكون الصين حاضرة في القمة السويسرية، وقد تمت مناقشة ما ستقوله الصين في هذه القمة مع روسيا.