حذرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية الدول العربية الساعية للتطبيع مع رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى تعلم الدرس مما يجري في السودان، إذ قالت الكاتبة كيم غطاس إن ما يجري في السودان يشكل درسا للمسؤولين العرب الذين يشقون طريقهم الآن إلى دمشق من أجل التطبيع مع الأسد، لأن المساومة مع الطغاة محكوم عليها بالفشل.
وكانت الدول العربية قد تقدمت بمبادرة عبر الأردن لتطبيع العلاقات مع النظام السوري وتقديم المليارات للمساهمة في عمليات إعادة الإعمار، شريطة أن يفتح بشار الأسد حوار حقيقيا وجادا مع المعارضة السورية يساعد في حل سياسي للأزمة، إلى جانب إرسال قوات عربية تؤمن العودة الآمنة للاجئين السوريين، وأن يعمل النظام على تقليص علاقته بإيران.
ملايين السوريين يشعرون بالخيانة من التقارب العربي مع بشار
واعتبرت كيم غطاس أن زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، إلى دمشق الأسبوع الماضي، وهي أول زيارة لمسؤول سعودي منذ عام 2011، جعلت ملايين السوريين يشعرون بأنهم تعرضوا للخيانة بسبب هذا التقارب السعودي مع الأسد، الذي كان سعيدا بالزيارة.
ولفتت الكاتبة، وفق ما نقل موقع "بي بي سي"، إلى أن المعلقين الذين يشيدون عادة بالسياسات السعودية التزموا الصمت بعد زيارة الأمير فيصل سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو في وسائل الإعلام.
زيارة وزير الخارجية السعودي وعودة دمشق للجامعة العربية
واستقبل بشار الأسد الثلاثاء الماضي وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الذي وصل إلى دمشق في أول زيارة رسمية سعودية إلى سوريا منذ القطيعة بين الدولتين مع بدء النزاع في سوريا قبل 12 عاماً.
وأكد الأسد خلال اللقاء أن العلاقات السليمة بين سوريا والمملكة وهي الحالة الطبيعية التي يجب للأمور أن تكون، مشيراً إلى أن هذه العلاقات لا تشكل مصلحة للبلدين فقط، وإنما تعكس مصلحة عربية وإقليمية أيضاً، حسبما نقلته وكالة الأنباء السورية.
وتأتي الزيارة بعد زيارة من قبل وزير خارجية حكومة دمشق فيصل المقداد إلى المملكة ضمن سلسلة من الزيارات المتبادلة مع دول عربية، وسط تحركات بشأن عودة "دمشق" إلى مقعدها الشاغر في جامعة الدول العربية منذ عام 2011.
وكانت السعودية قد استضافت مؤخرا اجتماعا خليجيا في مدينة جدة ضم كذلك وزراء خارجية مصر والأردن والعراق لمناقشة عودة سوريا إلى الجامعة العربية ودعوة الأسد للمشاركة في قمة الرياض الشهر المقبل، إلا أن المجتمعين لم يتوصلوا لاتفاق، في ظل معارضة عدد من الدول العربية لهكذا تحرك وعلى رأسهم قطر والمغرب والكويت.
صالح مسلم: الدرس يجب أن يأخذ من ممارسات كل الأنظمة الاستبدادية
في هذا السياق، يقول الأستاذ صالح مسلم الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري إن تجربة السودان ليست فقط التي تدعو إلى تعلم الدرس من السير العربي خلف التطبيع مع حكومة دمشق، وإنما الممارسات السابقة لكل الأنظمة الاستبدادية تدل على ذلك، بما فيها ممارسة النظام السوري نفسه عندما سحب كل قواته للحفاظ على سلطته في المركز تاركاً الإرهابيين يفتكون بالشعب السوري.
وأضاف "مسلم"، في تصريحات خاصة لوكالة فرات للأنباء: "ولهذا أعتقد أنه يجب الحذر في التعامل مع النظام السوري، بل وإرغامه على إلقاء خطوات عملية واحترام إرادة الشعب السوري قبل الإقدام على أية خطوات عملية نحو التطبيع، لأننا نؤمن بأن خدمة النظام شيء وخدمة الشعب السوري شيء آخر".
شكوك حول التزام النظام السوري ببنود المبادرة العربية
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية شككت في تقرير سابق حول إمكانية نجاح المبادرة الأردنية المقدمة إلى النظام السوري، والذي لم يبد جدية في مسألة الذهاب نحو الحوار السياسي مع المعارضة، حتى في المرات السابقة، كما أنه لم يبد مرونة في مسألة دخول قوات عربية لتأمين عودة اللاجئين السوريين.
في هذا السياق، يقول حازم العبيدي المحلل السياسي العراقي إن الشعب السوري لا يقبل باستمرار بشار الأسد في السلطة لأنه في واقع الأمر "سفاح ومجرم حرب"، كما أنه لن يقدر على التخلي عن إيران أو الابتعاد عنها كما تدعو المبادرة العربية، لأن استمراره حتى الآن مدين فيه بالفضل لطهران وللآلة العسكرية الروسية.
وأضاف "العبيدي"، في اتصال لوكالة فرات للأنباء، أن العرب يضيعون الوقت مع بشار الأسد، وحتى لو كان هنا تقارب عربي سوري فأعتقد أنه سيكون فقط في إطار مجرد علاقات رسمية.