وقال السيسي إن الأوضاع الإقليمية في شرق المتوسط والشرق الأوسط ومنطقة الساحل الأفريقي "حظيت بأولوية كبيرة خلال مناقشاتنا المطولة، في ضوء ما تمثله من تحديات جمة ومخاطر متصاعدة على الأمن القومي لبلدينا ومصالحنا المتبادلة، واتفقنا على أهمية تصدي المجتمع الدولي للسياسات العدوانية والاستفزازية التي تنتهجها قوى إقليمية لا تحترم مبادئ القانون الدولي وحسن الجوار وتدعم المنظمات الإرهابية وتعمل على تأجيج الصراعات في المنطقة."
وبدوره، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إنه تحدث مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن مشكلة الإرهاب، وما تعاني منه المنطقة، معقبا: "ننسق مع مصر لمكافحة الإرهاب". وأضاف "ماكرون" خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال زيارته لباريس، أن هناك تعاون بين مصر وفرنسا لمواجهة العمليات الإرهابية التي تضرب العالم.
وشدد الرئيس الفرنسي، على أنهم يسيرون في الاتجاه الصحيح لحل الأزمة الليبية ومشكلة البحر المتوسط، والتصدي لأي محاولة من الدول الأخرى لاختراق أمن دول البحر المتوسط، وأصر على إرادة فرنسا في وقف إطلاق النار بالنسبة لملف ليبيبا.
قال الرئيس الفرنسي إنه لن يربط مبيعات الأسلحة الفرنسية لمصر بسجلها في حقوق الإنسان لأنه لا يريد إضعاف قدرة القاهرة على محاربة الإرهاب في المنطقة، في تصريح من المرجح أن يثير غضب منتقديه.
وأكد الرئيس المصري ضرورة استمرار المساعي النشطة لتسوية النزاعات الإقليمية بصورة سلمية استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية، وتوافقنا على أهمية تهيئة المناخ الملائم لاستئناف عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بما يتفق مع المرجعيات المتفق عليها ومبدأ حل الدولتين بما يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967 عاصمتها القدس الشرقية، و"شددنا على أن الحل السياسي الشامل في ليبيا الذي يعالج كافة جوانب الأزمة هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار لهذا البلد الشقيق والحفاظ على وحدته الإقليمية، وأكدنا على ضرورة تفكيك الميليشيات المسلحة وخروج كافة القوات الأجنبية من ليبيا تنفيذاً لما تم الاتفاق عليه خلال اجتماعات اللجنة العسكرية "5 + 5". كما تم تناول آخر تطورات مفاوضات سد النهضة والمساعي المصرية الرامية للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ومتوازن للملء والتشغيل يراعي مصالح مصر والسودان وإثيوبيا."
وقال السيسي خلال كلمة بالمؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره الفرنسي: "ولقد اتسمت المحادثات المنفردة والموسعة اليوم مع صديقي الرئيس "ماكرون" بالصراحة والشفافية، وعكست مدى تقارب وجهات النظر بيننا حول الكثير من الملفات والقضايا الثنائية والإقليمية، حيث استعرضنا وبصورة تفصيلية كافة أواصر التعاون، خاصةً الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وكيفية تطويرها لترتقي إلى مستوى العلاقات السياسية المتميزة بين بلدينا، التي شهدت كذلك قوة دفع واضحة في السنوات الأخيرة."
وتابع السيسي "على جانب آخر؛ فلقد كانت المحادثات فرصة مهمة لتأكيد ضرورة العمل المشترك لتشجيع نشر قيم التسامح والاعتدال والتعايش المشترك بين الأديان والحضارات والشعوب، ومحاربة ظواهر التطرف والإرهاب وكراهية الآخر والعنصرية، بما يساهم في تعزيز الحوار بين أصحاب الأديان والثقافات المختلفة. كما أكدت على ضرورة عدم ربط الإرهاب بأي دين، وعدم الإساءة للرموز والمعتقدات المقدسة، وأهمية التمييز الكامل بين الإسلام كديانة سماوية عظيمة وبين ممارسات بعض العناصر المتطرفة التي تنتسب اسماً للإسلام وتسعى لاستغلاله لتبرير جرائمها الإرهابية. وفي هذا السياق، تناولنا أيضاً جهودنا الجارية لصياغة آلية جماعية دولية للتصدي لخطاب الكراهية والتطرف، بمشاركة المؤسسات الدينية من جميع الأطراف بهدف نشر قيم السلام الإنساني وترسيخ أسس التسامح وفكر التعايش السلمي بين الشعوب جميعاً."
وكان السيسي قد استهل اليوم الأول من زيارته إلى العاصمة الفرنسية باريس بمقابلة جان إيف لودريان وزير خارجية فرنسا، وذلك مساء اليوم الأحد بمقر وزارة الخارجية الفرنسية.
وأضاف المتحدث أن اللقاء تناول التباحث حول عدد من الملفات الإقليمية، خاصةً تطورات الأوضاع في كلٍ من شرق المتوسط وليبيا وسوريا والأزمات في بعض من دول المنطقة، حيث أكد الرئيس السيسي أنه لا سبيل لتسوية تلك الأزمات إلا من خلال الدعم الكامل من المجتمع الدولي لاستعادة المؤسسات الوطنية لتلك الدول من أجل عودتها إلى وضعها الطبيعي وتقويتها لمواجهة التدخلات والأطماع الخارجية ودحر خطر الإرهاب، وتحقيق التوازن بين دول المنطقة.
وأكد الرئيس السيسي حرص مصر على تدعيم الشراكة الاستراتيجية الممتدة مع فرنسا، والتي تمثل ركيزة هامة للحفاظ على الأمن والاستقرار بمنطقة حوض المتوسط والشرق الأوسط، معرباً في هذا الإطار عن التطلع للتنسيق والتشاور مع الجانب الفرنسي خلال الفترة المقبلة بشأن مختلف الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية ذات الاهتمام المشترك، ومؤكداً الأهمية المتنامية في الوقت الراهن لدعم جسور التواصل ومسارات الحوار سعياً نحو تحقيق تفاهم مشترك بين العالمين الإسلامي والأوروبي على نحو من الاحترام المتبادل لخصوصيات كل منهما.
كما التقى الرئيس المصري صباح اليوم بقصر "الإنفاليد" الوطني بباريس مع فلورانس بارلي، وزيرة الدفاع الفرنسية. وأكدت بارلي التطلع لترسيخ الجانب العسكري والأمني في علاقات التعاون بين البلدين، تلك العلاقات التي تمثل ركيزة للاستقرار والامن في منطقة المتوسط خاصة في ضوء الدور الهام والحيوي الذي تقوم به مصر في تحقيق التوازن الاقليمي.
وأكد السيسي من جانبه حرص مصر علي تعزيز العلاقات العسكرية والامنية وبرامج ونظم التسليح مع فرنسا وذلك في إطار علاقة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، خاصة في ضوء التحديات المتصاعدة في منطقتي الشرق الأوسط وشرق المتوسط، الأمر الذي يتطلب تكثيف التنسيق والتشاور بين البلدين من أجل مواجه تلك التحديات.
في سياق ذي صلة بتنامي العلاقات المصرية الأوروبية، اختتم لورد البحرية الأول ورئيس الأركان البحرية البريطاني، الفريق أول توني راداكين، بالأمس زيارته الرسمية القصيرة إلى الإسكندرية.
وهدفت زيارة الإسكندرية، التي تعد الزيارة الأولى لقائد القوات البحرية الملكية والخدمات البحرية بالمملكة المتحدة، إلى تعزيز أواصر التعاون البحري بين المملكة المتحدة ومصر وبحث أوجه الاهتمام المشترك بين القوات البحرية لكلا البلدين.
وخلال زيارته، التقى الفريق أول توني راداكين بقائد القوات البحرية المصرية، الفريق أحمد خالد حسن سعيد، وكان برفقته ملحق الدفاع البريطاني العقيد بالبحرية الملكية ستيفين ديكين. وناقش قائدا القوات البحرية لكلا البلدين الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك آخر التطورات في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، الأمن البحري والأنشطة البحرية الثنائية في المستقبل. وتعقيبا على الزيارة، قال ملحق الدفاع البريطاني العقيد بالبحرية الملكية ستيفين ديكين قائلا: "إن زيارة لورد البحرية الأول وقائد القوات البحرية الملكية البريطانية تعد دليلا آخرا على التطور المتنامي للتعاون البحري بين المملكة المتحدة ومصر وذلك عقب نجاح التدريبات البحرية والبرمائية المشتركة الشهر الماضي. لقد شهدنا مؤخرا زيارات من كلا من وزير القوات المسلحة البريطانية، سفينة القوات البحرية الملكية الرئيسية HMS ALBION، وأحد أحدث السفن بالأسطول البحري البريطاني HMS TRENT. والآن زار مصر أكبر ضابط بحري لدينا. ويأتي الأمن البحري على رأس أجندة التعاون بين البلدين، وبالعمل الجماعي سيصبح بوسعنا أن نواجه التحديات المشتركة".