فابريزيو دي سانكتيس: لدينا ذلك التاريخ الذي سيشتت هذه الموجات السوداء المحيطة بأوروبا

قال الأمين العام للاتحاد الوطني لأنصار إيطاليا، فابريزيو دي سانكتيس: إن "الاتحاد الأوروبي قائم على الاقتصاد، لا على الديمقراطية وحقوق الإنسان، لكن رغم كل شيء، لدينا تاريخ من النضال ضد الفاشية لتشتيت هذه الموجة السوداء".

حققت الأحزاب اليمينية المتطرفة مكاسب كبيرة في العديد من الدول الأوروبية في انتخابات البرلمان الأوروبي التي أُجريت في الفترة ما بين 6 - 9 حزيران الجاري، ورغم أن حزب الشعب الأوروبي، وهو حزب يميني معتدل، قد حافظ على موقعه وفقاً لنتائج الانتخابات الأخيرة، إلا إن فوز اليمين المتطرف في فرنسا وألمانيا وإيطاليا يثير قلقاً كبيراً بشأن مستقبل الاتحاد الأوروبي.

 

"سياسات الاتحاد الأوروبي كانت سبباً في تعزيز اليمين المتطرف"

وتحدث الأمين العام للاتحاد الوطني لأنصار إيطاليا (ANPI)، فابريزيو دي سانتكيس، عن هذه القضية، وأشار إلى أنهم يربطون قوة اليمين المتطرف في أوروبا بعدة أسباب، وقال: "أولاً، الظروف المعيشية في أوروبا تزداد صعوبة وقسوة مع مرور الوقت، وعادة ما تفقد الحكومات ثقلها الانتخابي، ويفوز اليمين المتطرف، الذي يتكون عموماً من أحزاب المعارضة، بالكثير من الأصوات الجديدة، كما تكتسب أحزاب اليمين المتطرف قوة في البرتغال والدنمارك وفنلندا والسويد، إنهم يحرزون تقدماً في فرنسا على وجه الخصوص، المشكلة الأكبر هي إيطاليا وفرنسا، وفي ألمانيا، وعلى الرغم من أنهم لم يتطوروا بنفس الطريقة، فقد أصبحوا ثاني أكبر حزب للنازيين الجدد بعد الحزب الاشتراكي الديمقراطي.

ثانياً، نعتقد أن سياسات حلف شمال الأطلسي (الناتو) تجاه أوروبا تؤثر على هذا الوضع، عندما يتعلق الأمر بمستقبل الاتحاد الأوروبي، يصبح الناتو عقبة كبيرة، لأن الناتو يجبر الاتحاد الأوروبي على إنفاق 2% من دخله الوطني على الأسلحة، على سبيل المثال، هذا رقم كبير بالنسبة لإيطاليا، يعني 10 سنوات من الاستهلاك اليومي بأرقام عالية جداً، ولهذا السبب، حذرت وكالة موديز (Moody's) للتصنيف الائتماني من احتمال حدوث صراعات اجتماعية في إيطاليا خلال السنوات القليلة المقبلة، ويخلف هذا الوضع أيضاً عواقب مهمة في ألمانيا، حيث ينفق الحزب الاشتراكي الديمقراطي مئات المليارات من الدولارات على الأسلحة.
وكل هذه تغييرات خطيرة بالنسبة لمستقبل الاتحاد الأوروبي، هناك أسلحة أكثر بكثير مما هو موجود من أجل حماية الطبيعة، وإن نتائج الانتخابات سوف تحرك البرلمان الأوروبي قليلاً نحو اليمين، فالانتخابات المقبلة في فرنسا لها معنى كبير، ومن المتوقع أن تحدث تغييرات كبيرة بعد هذه الانتخابات".

"اليمين المتطرف يتغذى على سلبيات المجتمع"

وأشار دي سانكتيس إلى أن اليمين المتطرف يتغذى على السلبيات الناشئة في المجتمع، وقال: "ليس من الغريب أن نقول إن أوروبا ساهمت في صعود اليمين المتطرف بسياساتها التقشفية، حيث تظهر كل هذه السياسات التقشفية والسياسات الليبرالية أن القيم التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية، وهي نضال الشعب ضد الفاشية والفاشية النازية والوعد بالرخاء لجميع الشعوب والصداقة بين الأمم، قد تم نسيانها.

نحن نواجه حالياً حالة بطالة مرتفعة، خاصة في جنوب إيطاليا وإسبانيا والعديد من البلدان الأخرى، وحتى فرنسا وألمانيا تعانيان من مشاكل اقتصادية كبيرة، وتبدو أوروبا، بسياستها الحربية والتسليح الشامل، منظمة لخدمة مصالح النخب الصغيرة، وكما نرى في إيطاليا، فمن الواضح أن الصعوبات الشديدة في الحياة اليومية تسمح لليمين المتطرف بالاستفادة منها، ومع ذلك، لا ينبغي أن ننسى أن اليمين المتطرف لا يستطيع حل مشاكل التوظيف والتعليم والسلام والصحة.

"لدينا تاريخ سيعكس هذا المسار"

وأكد دي سانكتيس أنهم لديهم التاريخ والأدوات اللازمة لعكس هذا الاتجاه وهذه الموجة السوداء التي تجتاح أوروبا، وقال: "نصف الناخبين في أوروبا لم يصوتوا، وهذا وضع مقلق للغاية، وفي إيطاليا، لم يدلي ما يقرب من نصف الناخبين لأول مرة بأصواتهم، مما يشير إلى انعدام الثقة بالسياسة، وتبدو المؤسسات بعيدة جداً عن الناس، نحن نصوّت للبرلمان، لكن البرلمان لا يصدر القوانين دون موافقة المجلس الأوروبي، إن المجلس الأوروبي هو الذي يتولى إدارة السياسة في أوروبا، وهذا ليس ديمقراطياً على الإطلاق، لكننا اليوم لدينا بالتأكيد فرصة لاستعادة السيطرة، وإعادة إطلاق سياسة مناهضة الفاشية ورفاهية الشعب، وخلق التضامن الحقيقي مع الشعوب المضطهدة.

"لا ينبغي لأوروبا أن تغير سياستها الداخلية فحسب، بل الخارجية أيضاً"

أفكر بشكل خاص في الشعب الكردي، يجب أن نمارس ضغطاً حقيقياً على تركيا فيما يتعلق بوضع عبدالله أوجلان الذي أصبح رمزاً، واليوم، لا نعرف حتى ما إذا كان السيد أوجلان حياً أم لا، فهو لم يلتقِ بعائلته أو محاميه منذ سنوات، وهذه فضيحة عالمية لا يمكن أن نسكت عنها، وسنواصل النضال من أجل الحصول على أخبار من عبدالله أوجلان ومن أجل ممارسة حقوقه الإنسانية، ولا ينبغي لأوروبا أن تغير سياستها الداخلية فحسب، بل أيضاً سياستها الدولية من خلال دعم الشعوب وحركات الحرية التي تضطهدها الأنظمة الاستبدادية، فالتغيير ضروري للغاية في أوروبا".

غداً: العزلة في إمرالي