ضريح المشير شاهين الكينج..أيقونة الفخامة لوزير حربية مصر ذو الأصول الكردية الذي ضرب المثل في الوفاء

يبهرك ضريح شاهين باشا الكينج سردار الجيش المصري ووزير الحربية للخديوي ذو الأصول الكردية الذي نجح في أن يصل لقيادة الجيش المصري ويضرب أروع الأمثلة في الوفاء والاخلاص لرئيسه بفخامته ويدخل في قلبك الرهبة والاجلال منذ أن تطئ قدميك نهاية خط ترام ١٣.

كشفت درية عوني، الباحثة الكردية، والتى عملت فى وكالة الأنباء الفرنسية لمدة أربعين عامًا،  أن المشير شاهين بأسا ابن علي أغا الكردي الأصل المعروف بلقب كنج، وهو كان وزير الحربية المصري في عصر أسرة محمد علي، بدأ قدوم شاهين باشا إلى مصر في عهد وإليها محمد علي باشا عندما أخذه والده إلى هناك ومنها ذهب في بعثة لدراسة العلوم العسكرية في مدرسة سان سير في باريس وعندما عاد التحق بالجيش المصري وشارك في حروب محمد علي ضد الوهابيين في الحجازوهناك ظهرت شجاعته

 وأكدت عوني في كتابها "الكرد في مصر عبر العصور"، أنه تقدم شاهين باشا في الرتب حتي وصل إلى رتبة قائممقام في عهد الوالي عباس وشارك في حرب القرم سنة ١٨٥٣ إلى ١٨٥٥ وهي الحملة التي أرسلت لمساندة الجيش العثماني،

جاءت الانطلاقة الحقيقية لشاهين باشا في عهد الخديوي اسماعيل حيث عين محافظا للقاهرة سنة ١٨٦٦ ثم اوفده الخديوي اسماعيل إلى بعثة عسكرية في فرنسا رقي بعدها إلى رتبة فريق وهناك حضر عرضاً عسكرياً أقامه الامبراطور نابليون الثالث في باريس وعندما عاد للقاهرة اوفده الخديوي إسماعيل إلى السودان للتحقيق في تمرد قام به الجنود السودانيين في كسلا وسواكن،

عينه الخديوي اسماعيل في منصب وزير الحربية في ١٨٦٩، في عام ١٨٧١ كانت رحلته الثانية إلى السودان للتفتيش في السودان الشرقي وفي عام ١٨٧٥ أسندت إليه إدارة سكة حديد السودان التي تقرر مد خطوطها إلى وادي حلفا إلى دونقلة في السودان.

وتدرج مرة أخرى شاهين باشا في الرتب العسكرية حتي وصل إلى رتبة مشير ثم عاد يتولي وزارة الحربية في وزارة محمد شريف باشا عام ١٨٧٩ ولكن هذه المرة تم خلع الخديوي إسماعيل ونفيه فذهب معه إلى نابولي وإيطاليا، وتوفي هناك في عام ١٨٨٤ثم عاد جثمانه ودفن في مصر.

كشف حسني جعفر، الباحث في الآثار الإسلامية وصاحب مدونة مصر المحروسة،  أن لقب كينج موجود في اسم شاهين باشا يعني الفتي وهو اسم على مسمى بسبب ما أبداه من شجاعة وجرأة واقدام

وأكد جعفر في تصريح خاص لوكالة فرات، أنه كان موقف الخديو توفيق  منه حيا نفس موقفه منه ميتاً رغم أن شاهين باشا من رجال مصر الذين أبلوا بلاء حسناً ولعل السبب الرئيسي في ذلك هو أنه كان يناصر ضباط الثورة العرابية، ولما مات عادت جدته من أوروبا بشفاعة من إنجلترا لدى الخديو توفيق ليقبل دخول جثته إلى مصر، ولكنه لم يحتفل بجنازته ولم يشيعه أحد من قريب ولا بعيد، مما جعل الناس تتحدث عن هذا الإجراء الغريب، وكتب عنه الصحفي محمود عزمي قائلا: "حسب الخديو توفيق إذ يأمر بعدم الاحتفال رسمياً بمن كان يحمل رتبة المشير العسكرية لأنه كان من أنصار أبيه إسماعيل".

وتطرق الباحث في الآثار الإسلامية، إلى قبته الفخمة الموجودة في مقابر الإمام الشافعي وتحديداً في اخر خط ترام ١٣، بشارع الإمام الشافعي، وهي مبنية على الطراز التركي "مشابهة لقبة مسجد سراي الجل ومحمد علي في القلعة"، وقد انشئت في سنة وفاته، صاحب شاهين باشا ولي نعمته وبقي ملازما له حتى وفاته وبعدها أراد أن يعود إلى مصر فمنع بحجة أنه ينتمي لدولة أجنبية دون علم الدولة العلية "العثمانية" فبقي في منفاه حتى مات.

لم تقتصر القبة على المشير شاهين باشا، ولكنها ضمت عدد من أسرته مثل ابناؤه محرم باشا شاهين وعلي بك شاهين، ومنيرة هانم شاهين، وشفيقة هانم وفاطمة هانم المتوفاة سنة ١٩٢١، حيث تزوجت عائشة شاهين من محمد شاكر باشا معتوق بن محمد علي الصغير، بينما ابنه محرم شاهين فتزوج من الأميرة جميلة فاضل بنت الخديو إسماعيل، ورزق منها اسماعيل ورزق، وتزوج بعدها جلسن هانم  ابنة رئيس الوزراء محمد شريف، وتوفي محرم شاهين سنة ١٩١٧

بينما علي بك شاهين فتزوج بهية هانم راتب ابنة الأميرة نعيمة بنت الأمير اسماعيل داوود بن محمد علي باشا، كما  تزوج شاهين باشا من كريمة المرحوم سليم باشا الحجازي ولعل هذا هو السر في أن عائلة كليهما مدفونان بنفس الضريح.

ويعتبر من أبرز أعلام عائلة حجازي باشا المدفونين في قبة المشير هو  لطيف باشا سليم الحجازي هو ابن سليم الحجازي احد قاده الجيش المصري في عصر محمد علي باشا وهو ينحدر من حكام القبرديون من منطقه القوقاز تخرج لطيف باشا من مدرسه اركان الحرب واصبح مدرسا في المدارس الحربيه ثم مفتشا في وزاره المعارف ثم مديرا لمديريه الفيوم ثم رئيسا فخريا للمحكمه المختلطه وكان احد زعماء الجيش الذين صاروا على وزاره مبارك باشا في فبراير عام 1879 في عهد الخديوي اسماعيل وكان من مناصري الحركه الوطنيه ومن انصار الزعيم مصطفى كامل وشهد بدايات تاسيس الحزب الوطني كجمعيه السريه في صالون لطيف باشا عام 1893 وكان من محب العلم والمشتغلين به وواسع الإطلاع ووجدت بعد وفاته مكتبة كبيرة بها العديد من الكتب الندره وتوفي عام 1907 وترك من الأبناء فؤاد لطيف حجازي وجلال سليم الحجازي وبهية سليم الحجازي.

تميزت التراكيب الرخاميه التي تحتويها ضريح شاهين باشا كينج بالزخارف النباتيه المورقه وبالكتابات ذات الخط العربي البديع المكتوبه داخل أفاريز زرقاء، ومن امثلة الكتابات ما جاؤ على قبر عائشة هانم حيث كتب : "الفاتحة هذا قبر عائشة هانم كريمة المرحوم شاهين باشا كنج وحرم المرحوم محمد شوقي باشا تغمدها الله برحمته في يوم الجمعة الموافق ١٩ جمادى الآخرة سنة ١٣٣٩ هجريا".