ذهب ليدفن جثمان والدته فسجن سنتين ونصف.. شهادة مروعة لناج من سجون الاحتلال التركي

لم يخطر في بال الشاب العفريني محمد أن رحلته الى عفرين المحتلة لدفن جثمان والدته، ستقوده إلى أقبية سجون الاحتلال التركي ومرتزقته لمدة سنتين ونصف ليصبح شاهداً على الكثير من الجرائم والانتهاكات بحقهم.

بدلاً من أن يقوم محمد وهو أب لأربعة اطفال بدفن جثمان والدته التي توفيت قهراً، أصبح الشاب الأربعيني "إرهابياً من حزب العمال الكردستاني" بحسب الاستخبارات التركية ومرتزقتها، وهي تهمة توجه الى المواطنين الكرد من أهالي المقاطعة المحتلة من السكان الاصليين.

 ومع خروجه من غياهب أقبية تلك السجون وإبصاره للنور الذي حرم منه هو ومن معه في السجن لمدة سنتين ونصف وعودته الى الشهباء منذ مدة قصيرة، يروي "محمد" لمراسل وكالة فرات للأنباء قصصاً مرعبة حول صنوف التعذيب والمعاناة في تلك السجون.

بداية الاختطاف

 

بصوت خافت، يستذكر محمد بداية اختطافه على يد مجموعات مرتزقة تابعة لدولة الاحتلال التركي في إحدى القرى أثناء محاولته العبور الى عفرين المحتلة، لكن تلك المجموعات أودعته السجن بعد إجباره على ارتداء الزي العسكري وقيامهم بتصويره واتهامه بالانتماء لحزب العمال الكردستاني وقدومه من جبال قنديل، ومنذ ذلك اليوم بدأت رحلة محمد في التنقل بين السجون والمعتقلات في عفرين المحتلة وتركيا.

تنقل في بداية اعتقاله بين سجون ماراته وسجن راجو السيئ الصيت، حيث أودع أولاً في سجن ماراته ومن ثم سجن راجو، ثم نقل إلى سجن في مدينة كلس التركية، ليتم ترحيله إلى فرع للاستخبارات التركية في قرية كفرجنة الواقعة في عفرين المحتلة وأخيراً إطلاق سراحه بعد سنتين ونصف مع مهلة مؤلمة طلب منه خلالها بمغادرة مدينته خلال ست ساعات فقط تحت طائلة المسائلة والتحقيق والسجن.

ويروي محمد لوكالة فرات للأنباء تفاصيلاً مروعة حول يومياته في السجن والتي بدأت اولى فتراتها بالتعذيب ثلاثة اشهر متواصلة مارس خلالها السجانون بحقه اشد انواع التعذيب والشتم (انتم الكرد كفار وخنازير وقتلكم حلال) والصعق بالكهرباء والبلنغو (آلة للتعذيب توجد بكثرة في سجون عفرين) من دون أيّ شفقة ورحمة وباستخدام اساليب اخرى بشعة تتحفظ وكالة فرات للأنباء عن ذكرها لأسباب مهنية وأخلاقية، مع عملية تجويع وتعطيش تستمر لعدة أيام لفرض اليأس والاستسلام عليهم، مستذكراً تهديد المحققين الاتراك له بإخراج جثمان والدته وابناء اخيه من القبر واحراقها امامه.

ويقول محمد إنه كان شاهداً على حالات كثيرة لسجناء كرد عانوا من الظلم والانتهاكات والتصفية كونهم كُرداً، مستدركاً "يكفي ان تكون كردياً لكي يتم اختطافك وتعذيبك وقتلك"، ومن تلك الحالات اتهام مسن بقتل عنصر من المرتزقة واجباره على الاعتراف بذلك من خلال تعليق ابنته امامه على البلنغو.

ويستذكر محمد كيف كان يسمع اصوات النساء والاطفال في السجون ليلاً جراء تعرضهم للتعذيب.

ولادة جديدة ورسالة

بعد سنتين ونصف عاد محمد من رحلة الموت التي نجا منها وكان يمني نفسه بدفن جثمان والدته ورؤية مدينته حيث يصف خروجه بالمعجزة والولادة مجدداً، رغم معاناته واصابته بالعديد من الامراض (الكلى، هشاشة العظام) والتي أصبح يعاني منها جراء ظروف اعتقاله القاسية، موجهاً رسالة إلى المجتمع الدولي لإنقاذ عفرين وشعبها الذين يواجهون الموت يومياً بحسب تعبيره.

ارقام المختطفين

وإن كانت النجاة مصير محمد، فإن الالاف من المختطفين والمختفين قسرياً يواجهون مصيراً مجهولاً في سجون ومعتقلات الدولة التركية ومرتزقتها في عفرين المحتلة وتركيا، بحسب منظمات حقوقية.

وتؤكد العديد من الشهادات المروعة إن الكثير منهم قضوا تحت التعذيب منذ بداية الاحتلال التركي لمقاطعة عفرين عام 2018 وحتى تاريخ يومنا هذا.