انتخابات الرئاسة الأمريكية.. ماذا بعد انسحاب جو بايدن؟
ما كان قبل أشهر مستحيلاً أصبح واقعاً، وها هو الرئيس الأمريكي جو بايدن رضخ أمام ضغوط فرضتها عليه قواه العقلية وينسحب من سباق البيت الأبيض.
ما كان قبل أشهر مستحيلاً أصبح واقعاً، وها هو الرئيس الأمريكي جو بايدن رضخ أمام ضغوط فرضتها عليه قواه العقلية وينسحب من سباق البيت الأبيض.
فعقب فترة من الانتقادات والضغوط نتيجة قدراته العقلية التي وضعته في مواقف محرجة كثيرة، لم يجد بايدن أمامه سوى الانسحاب من سباق البيت الأبيض، وذلك بعد تعالي الأصوات داخل حزبه الديمقراطي التي كانت ترى أن استمرار ترشح الرئيس الحالي هو السكين الذي يمسك به الخصم الجمهوري دونالد ترامب لطعن الديمقراطيين.
ورغم أن الحسابات قد تكون صعبة في أجواء غير مسبوقة على الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لكن يبدو أن ترامب الرئيس السابق لديه ثقة كبيرة في الفوز بالولاية الثانية، خاصة عندما صرح بأن هزيمة كامالا هاريس نائبة الرئيس بايدن والمرشحة المحتملة لخلافته ستكون أسهل من الفوز على الرئيس الحالي لو كان قد استكمل السباق الرئاسي.
هل كان متوقعاً؟
"كنت أتوقع هذا القرار منذ سنة"، بتلك العبارة استهل المحلل السياسي والإعلامي الأمريكي الدكتور مايكل مورجان الحديث مع وكالة فرات للأنباء (ANF) حول قرار بايدن بالانسحاب من استكمال السباق نحو البيت الأبيض، مضيفاً أن ترشحه كان من باب حفظ ماء الوجه لدى الرئيس الحالي ليقول إنه قادر على الترشح واستكمال سباق الرئاسة، لكن يبدو أنه خدع في نفسه وأكمل السباق حتى هذه المرحلة.
وقال مورجان إن بايدن كان يجب عليه الانسحاب قبل ذلك وكان عليه الانسحاب قبل أغسطس\آب لإعلان المرشح البديل، لافتاً إلى أن الأسبوع الماضي شهد ضغوطاً كبيرة من قبل الرئيس الأسبق باراك أوباما والسيناتور جاك تشومر زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ بالكونجرس على بايدن وخاصة بعد المناظرة الأخيرة مع دونالد ترامب التي أظهرت أن بايدن يعاني من مشكلات ذهنية كبيرة جداً تحول دون ترشحه لفترة رئاسية ثانية.
وأعرب مورجان عن اعتقاده بأن بايدن واجه ضغوطاً إعلامية كبيرة للغاية، لدرجة أن شبكة سي إن إن انتقدته وقالت إنه قدراته العقلية تحتم عليه التنحي، لأن غير ذلك فإن الحزب الديمقراطي سيخسر ليس الانتخابات الرئاسية فقط، بل سيخسر كذلك انتخابات الكونجرس ومجلس الشيوخ.
وقال المحلل السياسي الأمريكي، في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء، إنه من المتوقع ألا يكمل الرئيس بايدن الفترة المتبقية من مدته الرئاسية، وستكمل بدلاً منه نائبته كاملا هاريس، وستكون هذه الفترة التي ستدير بها البلاد دعاية لها لخوض سباق البيت الأبيض بدلًا من الرئيس جو بايدن الذي أعلن انسحابه، لكنه يؤكد أن هذا الأمر مجرد توقع.
وقال الرئيس بايدن في بيان: "لقد كان أعظم شرف في حياتي أن أخدم كرئيسكم. وبينما كنت أعتزم السعي لإعادة انتخابي، أعتقد أنه من مصلحة حزبي وبلدي أن أتنحى وأركز فقط على أداء واجباتي كرئيس للفترة المتبقية من ولايتي"، مضيفًا أنه سيتحدث إلى الأمة في وقت لاحق هذا الأسبوع بشأن قراره.
وتتجه الأنظار إلى هاريس نائبة الرئيس كخيار أكثر بديهية، فهي التي رافقت بايدن منذ أدائه اليمين الدستورية في يناير/كانون الثاني 2021، وهي في وضعية جيدة لتكون حاملة لواء الحزب الديموقراطي، لكن هناك مخاوف بشأن قدرتها على هزيمة ترامب الذي سبق وهزم هيلاري كلينتون الأقوى من هاريس كثيراً، فضلاً عن أن الأخيرة سيدة وليست من البيض وهذه أمور لها حساباتها في قرارات الناخب الأمريكي.
هذا هو موقف الديمقراطيين
بدوره، يقول الدكتور مهدي عفيفي القيادي بالحزب الديمقراطي الأمريكي، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن انسحاب بايدن في هذه الفترة من الطبيعي أن يتيح لكامالا هاريس أن تتولى إدارة منصبه، وفق الدستور، ثم يأتي الاجتماع الانتخابي للحزب الديمقراطي ليتم تقرير من سيتم ترشيحه لاستكمال سباق الرئاسة.
وأوضح أن هذا يأتي إما من خلال تقديم هاريس بشكل مباشر كمرشحة للرئاسة من قبل الحزب أو حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم، والطريقة الثانية أن تكون هناك مناقشات داخل أروقة الحزب وهذا ما تريده نانسي بيلوسي والتي ترى ضرورة التأني في اختيار من يخلف بايدن ومن يكون قادراً على هزيمة دونالد ترامب.
وأكد عفيفي أن قرار التنحي من قبل بايدن كان ضرورة لتجنب أي انشقاقات داخل الحزب الديمقراطي، مشيراً إلى أن تعرض ترامب لإطلاق النار والسقطات التي وقع فيها بايدن عجلت بقرار الأخير، لكنه يعتبر أنه من السابق لأوانه الحكم بأن الأمور كلها تصب في صالح ترامب قائلاً إن الوقت لا يزال مبكراً.
وليست هناك قاعدة تحتم أن يكون نائب الرئيس هو المرشح البديل في حال حدث طارئ للمرشح الرئيسي، ولهذا فإن الأنظار تتجه إلى جافين نيوسوم حاكم ولاية كاليفورنيا صاحب الـ 56 عاماً، والذي لم يخف طموحاته في الترشح حال انسحاب جو بايدن، لكنه كان يترك الحديث انتظاراً لقرار الرئيس الحالي.
كما أن هناك صوتاً نسائيا آخر يزاحم هاريس ونيوسوم في الحصول على بطاقة ترشيح الحزب الديمقراطي وهي جريتشن ويتمر حاكمة ولاية ميشيجان البالغة من العمر 52 عاماً، والتي كانت من أشد المنتقدين لجو بايدن، كما أن ولايته ذات مكانة حاسمة في انتخابات الرئاسة المقرر انعقادها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.