أردوغان يبتز أوروبا وأمريكا..هل تأتي عضوية السويد بالناتو على حساب الكرد؟

انطلقت اليوم في ليتوانيا أعمال قمة حلف شمال الأطلسي والتي استبقها الرئيس التركي بجملة من الابتزازات للدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية للموافقة على عضوية السويد بالحلف، خصوصاً ما يتعلق منها بالموقف من المكون الكردي وبعض مطالبه في هذا الملف.

ويعرقل النظام التركي عضوية ستوكهولم في الحلف الأطلسي، مطالباً إياها بضغوط على التجمعات الكردية وتسليم بعض الناشطين الكرد ومحاولة جعل أوروبا تتغاضى عن حروبه ضد الكرد، إلى جانب دعم عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن حصولها على طائرات "إف 16" من واشنطن.

ابتزاز تركي على حساب الناتو

وأعلن أمين عام حلف الناتو ينس ستولتنبرج أن الرئيس التركي رفع اعتراضاته أمام عضوية السويد وأن الأمر سيحيله إلى البرلمان التركي في تغير معاكس لموقف "أردوغان"، لافتاً إلى أن السويد وتركيا ستعملان معاً في مجال مكافحة الإرهاب وستدعم مسألة عضوية "أنقرة" في الاتحاد الأوروبي إلى جانب تعيين الحلف منسق خاص جديد لمكافحة الإرهاب.

في هذا السياق، تقول سينم محمد ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في الولايات المتحدة إن قمة الناتو لها أهمية من حيث تأمين الردع والأمن لدول الحلف ومن خلال توسعته والعمل لمواجهة التحديات في ظل المتغيرات الدولية والسياسية والتحالفات الجديدة .

وأضافت أن "الولايات المتحدة تطلب من تركيا الموافقة لانضمام السويد للحلف وذلك لحماية أمنها، لكن تركيا تفرض شروطاً لذلك وهي تخص الكرد في السويد ومع أن السويد قامت بتنفيذ بعض الطلبات وقامت بتغيير قانون الإرهاب، إلا أن تركيا لا تزال تقوم بالمقايضات بهذا الشأن".

وأوضحت السياسية الكردية السورية أن تركيا تطلب الآن قبل انضمام السويد إلى الحلف أن عليهم ان يناقشوا انضمام "أنقرة" للاتحاد الأوروبي ومن بعدها يتم تمهيد الطريق لانضمام السويد للناتو، وهذا يدل على أن النظام التركي يضع مصالحه في المقام الأول كأولوية على مصالح الحلف. 

ورأت سينم محمد أن تركيا تقوم بوضع الشروط لابتزاز الأطراف للحصول على مكاسب لها، كما أعربت عن اعتقادها بأن السويد يمكن أن تتنازل عن بعض الأمور في سبيل انضمامها للحلف، وذلك من أجل حماية أمنها وخصوصاً في ظل الوضع الأمني الآن والحرب الروسية الأوكرانية .

وفي حتام تصريحاتها، لوكالة فرات، قالت ممثل مجلس سوريا الديمقراطية في أمريكا إنه رغم كل ذلك تبقى السويد دولة تؤمن بالقيم الديمقراطية، معربة عن أملها أن لا تكون قراراتها على حساب القيم الديمقراطية والإنسانية التي تتميز بها، مشددة على أن تركيا تحاول بشتى الأساليب الضغط على السويد لتحقيق ما تريده بالشأن الكردي.

وكانت تقارير غربية عديدة ذكرت أن النظام التركي سلم إلى السويد قائمة تضم 130 اسماً تطالب "أنقرة" السلطات السويدية بتسليمهم إلىها على رأسهم ناشطون كرد وبعض الشخصيات التي تتبع حركة الخدمة التي يقودها الداعية التركي فتح الله جولن والذي يتهمه "أردوغان" أنه خلف محاولة الانقلاب المزعومة عام 2016.

اعتراضات بالكونجرس

وإذا كانت السويد قد لا تستجيب بدرجة كبيرة للمطالب التركية، فإن الوضع قد يختلف قليلاً بالنسبة لمسألة حصول تركيا على طائرات إف 16، إذ تقول هديل عويس الباحثة السورية المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط بواشنطن إن منح تركيا الطائرات بات أمراً ممكناً جداً، حيث نجد أن هناك انفتاح من قبل إدارة الرئيس جو بايدن على مسألة منح تركيا هذه الطائرات المقاتلة.

وأضافت "عويس"، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء، أن العقبة تكمن في الكونجرس، حيث توجد معارضة من عدد من الأعضاء لهذه الصفقة، ولكن بالطبع مع وجود ملف انضمام السويد على طاولة مفاوضات الناتو تزداد إمكانية منح تركيا المقاتلات والموافقة عليها من قبل الكونجرس لتمرير عضوية السويد في الحلف.

ولفتت الباحثة السياسية السورية إلى أنه بعد فوز أردوغان في الانتخابات التي جرت في مايو الماضي ترى واشنطن أن الرئيس التركي بات أمراً واقعاً خلال السنوات القادمة، وبالتالي هناك ميل نحو التعامل معه وان كان هناك خلافات معه على سياسته الخارجية.

وتقدمت السويد وفنلندا بطلب للحصول على عضوية الناتو العام الماضي، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وفي قمة الناتو في مدريد العام الماضي، حدد مسؤولون من تركيا إلى السويد وفنلندا الخطوات التي من شأنها تأمين دعم تركيا، إذ أنه لقبول عضوية دولة جديدة بالحلف يجب أن يوافق جميع الأعضاء.

وفي الأشهر الأخيرة، بذلت السويد جهوداً لتلبية مطالب تركيا، وتعديل دستورها، وإقرار تشريعات جديدة لمكافحة الإرهاب، والموافقة على تسليم العديد من الأتراك المتهمين بارتكاب جرائم في تركيا، لكن المحاكم السويدية منعت عمليات تسليم أخرى، وقال المسؤولون السويديون إنهم لا يستطيعون تجاوز تدابير حماية حرية التعبير في بلادهم.

شرط مفاجئ

لكن أردوغان استبق القمة كذلك بالحديث عن شرط جديد لعضوية السويد في الحلف وهو أن تنضم بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، حيث أصيبت مفاوضات العضوية بالجمود منذ سنوات والتي كانت أطلقت عام 2005، إذ تشهد العلاقات بين أنقرة والدول الأوربية توترات كبيرة لا سيما بعد الانتهاكات التي ارتكبها النظام التركي عقب محاولة الانقلاب المزعومة.

وحول ما إذا كانت الدول الأوروبية يمكن أن تدعم حرب أردوغان ضد الكرد مقابل عضوية السويد في الناتو، يرى محمد فتحي الشريف الباحث السياسي أن هذا الأمر صعب، مضيفاً، في تصريحات لوكالة فرات، أن الرئيس التركي يريد تحقيق أقصى قدر من المكاسب الممكنة بخصوص عضوية السويد.

واستدرك: "لكن في الوقت ذاته الدول الأوروبية لن تعطيه كل ما يريده، لأنه لديه كثير من المشكلات والخلافات، كما أن الأمر ليس بيد الاتحاد الأوروبي وحده بل بيد عديد من الأطراف التي تتداخل مصالحها، ولا يمكن أن تدعم جماح أردوغان تجاه الكرد".