وقد سقط أكثر من 500 ألف قتيل في سوريا منذ بداء الاحتجاجات ضد بشار الأسد عام 2011، والتي تحولت جراء قمع النظام لاحقا إلى حرب أهلية كانت سببا كذلك في فرار ملايين السوريين بين لاجئين ونازحين إلى جانب أعداد كبيرة من المصابين.
انتهاكات لا حصر لها
وفي إطار تفاصيل الدعوى، ذكر البيان أن كندا ومملكة هولندا قدمتا طلباً مشتركاً لإقامة دعوى ضد الرئيس السوري بشار الأسد أمام محكمة العدل الدولية، وهي الجهاز القضائي الرئيسي والأعلى للأمم المتحدة، بشأن انتهاكات من قبل النظام السوري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من دروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة المدرجة في إطار اتفاقية مناهضة التعذيب.
وأكدت كندا وهولندا في طلبهما أن النظام السوري ارتكب انتهاكات لا حصر لها للقانون الدولي، ابتداءً من عام 2011 على الأقل، بقمعه العنيف للمظاهرات المدنية، واستمرار ذلك مع تحول الوضع في سوريا إلى نزاع مسلح طويل الأمد.
استخدام الأسلحة الكيميائية
ووفقا لمقدمي الدعوى، تشمل هذه الانتهاكات استخدام التعذيب وغيره من دروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بما في ذلك المعاملة المقيتة للمحتجزين، والظروف اللاإنسانية في أماكن الاحتجاز، والاختفاء القسري، والعنف الجنسي والعنف القائم على أساس النوع والعنف ضد الأطفال.
ويدعي مقدمو الدعوى، وفق بيان محكمة العدل الدولية، أن هذه الانتهاكات تشمل أيضاً استخدام الأسلحة الكيميائية التي كانت في الواقع ممارسة بغيضة بشكل خاص لتخويف السكان المدنيين ومعاقبتهم، مما أدى إلى عديد من الوفيات والإصابات والمعاناة الجسدية والعقلية الشديدة.
الأساس القانوني للدعوى
وتستند كندا وهولندا في هذه الدعوى على أساس اختصاص المحكمة بالمادة 36، الفقرة 1 من النظام الأساسي للمحكمة والمادة 30 الفقرة 1 من اتفاقية مناهضة التعذيب، التي تعد سوريا طرفاً فيها.
وجنبا إلى جنب مع هذه الدعوى، قدمت كندا وهولندا طلباً للإشارة إلى ضرورة اتخاذ تدابير مؤقتة تلزم بها النظام السوري، عملاً بالمادة 41 من النظام الأساسي للمحكمة والمواد 73 و 74 و 75 من لائحة المحكمة، بحماية السوريين من التعذيب وحماية حياة الأفراد وسلامتهم الجسدية والعقلية داخل سوريا الذين يتعرضون حالياً أو معرضين لخطر التعذيب وغيره من دروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
كما طلبتا إلزام النظام السوري بتدابير عاجلة مثل الإفراج عن جميع المحتجزين تعسفيا في البلاد، وأن يسمح للمراقبين الدوليين بدخول سجون النظام للوقوف على الوضع هناك. ويقول البيان إنه عملاً بالمادة 74 من لائحة المحكمة، فإنه يكون لطلب الإشارة بالتدابير الطارئة الأولوية على جميع القضايا الأخرى.
وترى كندا وهولندا إن هناك كثير من الأدلة على أن نظام بشار الأسد ارتكب عديداً من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بحق المواطنين السوريين وعلى نطاق واسع، ومن ثم فإن الدعوى تأتي في إطار أنه لا يحب أن يمر الأمر دون مسائلة النظام عما ارتقفه بحق شعبه.
وقد تأخذ الدعاوى التي تقام أمام محكمة العدل الدولية فترات طويلة تتجاوز سنوات للتوصل إلى حكم نهائي، إلا أن الاستجابة للطلب الخاص باتخاذ تدابير طارئة لمنع النظام السوري من مواصلة الانتهاكات التي يقوم بها قد يمكن الإعلان عنها خلال أسابيع.
مجرم حرب يجب محاسبته
وتعليقا على تلك الدعوى، قال حازم العبيدي المحلل السياسي العراقي والكاتب الصحفي، لوكالة فرات للأنباء، إن بشار الأسد مجرم حرب يجب محاسبته ومحاكمته، وحتى لو أفلت من المحاسبة أمام تلك المحاكم فإن هذا لن يغير من الواقع شيء وهو أنه سيبقى في نظر كل الشعوب الحرة مجرم حرب.
وأضاف العبيدي: "أن بشار الأسد ارتكب كل دروب وأنواع الجرائم التي يمكن تصنيفها بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ليس لشيء إلا للحفاظ على مقعده بالسلطة، وتحول الأمر لاحقاً في الحقيقة إلى قمع من أجل الحفاظ على مكانة الطائفة العلوية المتحالفة مع إيران".
وأبدى "العبيدي" استنكاره لمحاولات إعادة تعويم النظام السوري إقليميا ودوليا، مشيراً إلى عودته لجامعة الدول العربية، قائلا إنه في الوقت الذي يجب محاكمة بشار الأسد على جرائمه بحق الشعب السوري تتحرك دول عربية لمنحه الشرعية الدولية.