وفي ظل الانتهاكات الحقوقية المتوالية من النظام التركي، يتجه الكثير من المعارضين للنظام التركي إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تعد أحكامها ملزمة لـ"أنقرة"، إلا أن النظام لا يلتزم بتلك الأحكام، وأبرزها الحكم الصادر بحق السياسي الكردي البارز صلاح الدين دميرتاش الرئيس المشترك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي، والذي دعت المحكمة للإفرج عنه.
تفاصيل الوقفة الاحتجاجية
وتحت شعار "العدالة المتأخرة ليست بعدالة"، هتف الآلاف ضد النظام التركي، والذين هرب معظمهم من قمع النظام إلى أنحاء متفرقة من أوروبا، كما نددوا باعتقال عشرات الآلاف ظلماً ورميهم في السجون بما في ذلك أطفال ونساء أبرياء، على نحو يكشف وحشية نظام أردوغان.
ودعا المشاركون في الاحتحاجات الاتحاد الأوروبي إلى بذل مزيد من الضعوط على النظام التركي من أجل تنفيذ الأحكام الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان من أجل إطلاق سراح المعتقلين، والذين تعرضوا لمحاكمات تفتقد إلى النزاهة وأبسط مباديء العدالة.
مسيرة للمقهورين من النظام التركي
في هذا السياق، يقول المحلل السياسي والكاتب الصحفي التركي ياوز أجار، لوكالة فرات للأنباء، إن هذه الوقفة الاحتجاجية ينظمها المقهورون من قبل النظام التركي من أجل التعبير عن الظلم الذي يقع عليهم وعلى ذويهم في تركيا والذي يستمر بشكل يومي، حيث يواصل النظام سياساته في القمع والاعتقال للمعلمين والأكاديميين والأمهات وأطفالهن الرضع.
وأضاف "أجار" أن هذه المسيرة كانت تستهدف كذلك نوعاً من الضغط على المحكمة الأوروبية لحقوق الأنسان، حتى يكون هناك تحرك وتتخذ خطوات فعلية وعملية للدفع بالحكومة التركية إلى تنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة والتي تعطيلها يمس بجوهر العدالة.
وقال المحلل السياسي التركي إن تحقيق العدالة في تركيا وصل إلى طريق مسدودة، وهؤلاء المظلومين ينتظرون تنفيذ أحكام المحكمة الأوروبية، وللأسف هناك مئات من الأحكام التي صدرت عن المحكمة، ولكن النظام التركي لا يطبق تلك الأحكام رغم أن أنقرة عضو في هذه المحكمة، وبالتالي مطالبة بتطبيق الأحكام الصادرة منها.
سجل حقوقي أسود
ورغم تشدق النظام التركي بالديمقراطية وحماية كرامة المواطنين والحقوق والحريات، إلا أن تركيا تمتلك واحدة من أسوأ السجلات الحقوقية في المنطقة والعالم، حيث سجن وشرد عشرات الآلاف على مدار السنوات الماضية إما بسبب معارضتهم النظام وقمعه، أو أن هؤلاء من عوائل من يشتبه أنهم معارضين، خصوصاً منذ محاولة الانقلاب المزعومة التي وقعت عام 2016.
وأكدت الدول الأوروبية مراراً غضبها من سياسات النظام التركي القمعية والتي تستهدف بصفة أساسية المكون الكردي، وكذلك أتباع حركة "الخدمة" بقيادة فتح الله جولن، إلى جانب اعتقال الصحفيين والمحامين، حيث تعد تركيا واحدة من أكبر السجون للصحفيين في العالم، وفق الكثير من تصنيفات المؤسسات الدولية المعنية بحرية الصحافة.
شكوك حول نزاهة القضاء التركي
ووفق تقرير سابق لصحيفة "أحوال" التركية المعارضة، يواجه النظام القضائي التركي انتقادات كبيرة، حيث تقبل المحاكم التركية بشكل منهجي لوائح الاتهام الزائفة وتحتجز وتدين دون أدلة دامغة على نشاط إجرامي لأفراد وجماعات تعتبرها حكومة أردوغان معارضين سياسيين. ومن بين هؤلاء صحفيون وسياسيون معارضون ونشطاء ومدافعون عن حقوق الإنسان.
كما يخضع آلاف الأشخاص في تركيا للتحقيق، ومعظمهم تحت التهديد بالسجن بسبب إهانات مزعومة للرئيس أردوغان، علماً أنه يتم تتبع قضايا الإهانة من منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي ينشرها معارضو الرئيس التركي، وتعتبر الشرطة والقضاء التركي حتى أصغر الانتقادات الموجهة إلى الرئيس أو حكومته إهانة يعاقب عليها القانون، وأصبحت تهمة مطاطة يلاحق بها النظام من أراد.
وسجلت منظمات حقوقية محلية ودولية على مدار الأشهر الماضية تصاعد قمع النظام التركي ضد المكون الكردي، خصوصاً قبيل الانتخابات التي جربت في مايو/أيار الماضي، حيث يتم اعتقال الصحفيين والمحامين الكرد ومواطنين، وعادة ما تكون التهمة الجاهزة هي الانتماء إلى "منظمة إرهابية".