بعد تصريحاته حول الصومال.. مراقبون: الرئيس المصري يوجه رسائل حاسمة لإثيوبيا

حملت تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال استقباله نظيره الصومالي عديداً من الرسائل شديدة اللهجة والموجهة بوضوح إلى إثيوبيا، بسبب اتفاق لها مع إقليم "صومالي لاند".

وقد وقعت إثيوبيا اتفاقاً مع إقليم يدعى "صومالي لاند" أو "أرض الصومال" والذي يعلن استقلاله عن الصومال منذ فترة طويلة لكنه لا يحظ بأي اعتراف دولي، حيث ينص الاتفاق على استخدام أديس أبابا الحبيسة جغرافياً لميناء بربرة في هذه المنطقة التي تقع على خليج عدن، كما أن الاتفاق تضمن بحث الإثيوبيين مستقبلاً في الاعتراف بهذا الإقليم كدولة مستقلة.

مقديشو بدورها أكدت رفضها هذا الاتفاق الذي يشكل انتهاكاً لسيادتها، وعلى الفور أعلنت مصر تضامنها مع الجانب الصومالي في مواجهة إثيوبيا، وقد ظهر ذلك بوضوح على لسان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي أكد بدوره رفض هذا الاتفاق أو المساس بسيادة الصومال لا سيما حين أشار إلى اتفاقية الدفاع العربي المشترك.

ثلاثة  ثوابت مصرية

في هذا السياق، يقول محمود الشناوي مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية إن الرئيس السيسي أكد على 3 ثوابت مصرية، أولها حق العرب في أن تدافع عنهم الشقيقة الكبرى مصر ضمن اتفاقية الدفاع العربي المشترك التي لا تمارس كثيراً وربما كانت ذاهبة إلى طي النسيان، وأن القاهرة تقف بقوة مع مصالح أشقائها العرب، وأنه بمجرد الطلب من مصر يتم تفعيل مبدأ الدفاع المشترك.

وأضاف "الشناوي"، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن الثابت الثاني الذي أكد عليه الرئيس السيسي هو التأكيد على أن مصر ترفض رفضاً باتاً التدخل في شؤون الدول العربية وتفكيك وحدتها وتؤكد على ضرورة الحفاظ على وحدة أراضيها وذلك من خلال ألا يكون هناك أي جزء منفصل عن دولة مثل "صومالي لاند" أو أن يكون هناك فعل دولي يعزز هذا الانفصال مثل ما قامت بها إثيوبيا مع دولة ذات سيادة.

وقال الكاتب الصحفي المصري إن المبدأ الثالث الذي أكده الرئيس السيسي أن دبلوماسية التنمية هي الطريق الأمثل من خلال الحوار والتعاون، والسبيل الأمثل للوصول إلى حياة جيدة وتحقيق تنمية واسعة المدى من خلال التفاهمات المشتركة والحفاظ عليها، والتأكيد على التعاون بين الدول من أجل النهج التنموي، وليس دعم جزء للانفصال من أجل أن تنفرد إثيوبيا بمصلحة ما تتمثل في حصولها على منفذ بحري، مؤكداً أن القاهرة لا ترفض رغبة أديس أبابا ولكن ما تؤكد عليه أنه يجب أن يكون ذلك في إطار العلاقات والقنوات الشرعية بين الدول.

وليست العلاقات بين مصر وإثيوبيا على ما يرام بسبب أزمة سد النهضة الذي تقوم بتدشينه إثيوبيا دون مراعاة المسائل التي تهدد أمن مصر المائي بالمخالفة لكل ما تنص عليه المواثيق الدولية ذات الصلة بملف إدارة مياه الأنهار الدولية، وقد شرع الإثيوبيين في تشييده بعد عام 2011 مستغلين حالة الاضطراب التي كانت تعيشها مصر تلك الفترة.

رسائل شديد اللهجة لإثيوبيا

بدوره، يقول رامي زهدي الخبير في الشأن الأفريقي إن ما جاء في المؤتمر الصحفي للرئيس السيسي ونظيره الصومالي يأتي كترتيب للأحداث ولما جاء في الموقف المصري بشأن الاتفاق الذي أبرمته إثيوبيا مع أرض الصومال، مشيراً إلى تعدد اللقاءات من الأساس بين الرئيسين والموقف المصري الثابث الرافض لأي مساس بأمن واستقرار وسيادة الصومال.

وأوضح "زهدي"، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن هذا الموقف المصري يأتي في ضوء أن الصومال دولة عربية وبينها وبين مصر علاقات شراكة قوية جداً وتاريخية، وهي دولة أفريقية، كما أن الحديث عن أمر يتعلق بمنطقة القرن الأفريقي أمر ليس بعيداً عن الأمن القومي العربي، مؤكداً أن الرفض المصري يأتي كذلك من أن هذا الاتفاق يفتح الطريق أمام دول حبيسة أخرى لتقوم بتقليد إثيوبيا على نحو يفتح الباب أمام مزيد من التوترات غير المسبوقة.

وقال الخبير في الشأن الأفريقي أنه لهذا كانت الرسالة واضحة عندما قال الرئيس السيسي باللهجة العامية المصرية "محدش يجرب مصر"، أي أنه لا داعي لأن تستمر إثيوبيا في استفزاز الجانب المصري بداية من أزمة السد، وصولاً إلى محاولة الإثيوبيين الوصول إلى البحر الأحمر عبر هذا الاتفاق مع "صومالي لاند"، مشيراً إلى أن إثيوبيا عندها تطلعات للسيطرة والهيمنة تتجاوز قدراتها، ودائمة الإثارة للمشكلات.

وفي ختام تصريحاته، قال "زهدي" إن الرئيس السيسي أشار إلى حق الدفاع المشترك وأن القاهرة ستقف إلى جانب مقديشو، وقد أشار إلى أن الأخيرة طلبت ذلك عندما قال "خاصة عندما يطلب الأشقاء ذلك"، لافتاً إلى أن الأمر قد يتطور إلى حرب حقيقية في هذه المنطقة، نظرأ لأن من حق الصوماليين الدفاع عن أرضهم وسيادتهم، وهنا فإن مصر ستكون جاهزة للمساعدة بما تستطيع في أمر يشكل مساساً بالسلم والأمن القومي المصري بل والعربي كذلك.