ضربة جديدة لتركيا.. مفاوضات مصرية يونانية حول الحدود البحرية وتحذير مشترك حيال الاستفزازات

أصدرت مصر واليونان اليوم بيانا تضمن تحذير تركيا من مغبة اتخاذ إجراءات استفزازية غير شرعية تزيد من درجة التوتر في المنطقة.

أعلن المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، استقبل وزير خارجية اليونان نيكوس دندياس لبحث مصالح مصر واليونان في شرق المتوسط.

واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم السيد نيكوس دندياس وزير خارجية اليونان، وذلك بحضور سامح شكري وزير الخارجية، واللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة، بالإضافة إلى السفير اليوناني بالقاهرة.

ورحب السيسي بزيارة وزير خارجية اليونان إلى القاهرة، والتي تعكس المستوى المتميز للعلاقات الثنائية الاستراتيجية الممتدة بين مصر واليونان في جميع المجالات، طالباً سيادته نقل تحياته إلى رئيس الوزراء اليوناني، ومؤكداً ما تتسم به العلاقات المصرية اليونانية من خصوصية، وحرص مصر على تعزيز آليات التعاون المشترك بين البلدين على مختلف الأصعدة بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين الصديقين، خاصةً على الصعيد السياسي والعسكري والتجاري والطاقة، فضلاً عن الارتقاء بالتعاون القائم في إطار الآلية الثلاثية مع قبرص.

من جانبه؛ نقل نيكوس دندياس تحيات رئيس الوزراء اليوناني إلى الرئيس المصري، معرباً عن اعتزاز بلاده بما يربطها بمصر من علاقات تعاون وثيقة، والتي تمثل نموذجاً للتعاون البناء بين دول المتوسط، خاصةً في ظل ما تتمتع به مصر من مكانة متميزة وثقل إقليمي ودور محوري في المنطقة، فضلاً عن دورها الرئيسي في مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب والفكر المتطرف، ومؤكداً الاهتمام اليوناني المتبادل بتعزيز مسيرة التعاون المشترك بين البلدين، وكذا تطوير آلية التعاون الثلاثي بين مصر واليونان وقبرص، والتي تعد أداة ناجحة للتنسيق والتعاون في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول الثلاث.

وأضاف المتحدث الرسمي أن اللقاء شهد تبادل الرؤي ووجهات النظر حيال الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، في ضوء اتساق المصالح والمواقف المشتركة بين البلدين في منطقة شرق المتوسط، مع التأكيد على أن منتدى غاز شرق المتوسط يمثل أحد أهم الأدوات في هذا الإطار، والذي من شأنه أن يفتح آفاق التعاون والاستثمار بين دول المنطقة في مجال الطاقة والغاز.

إعلان القاهرة وإنهاء التدخلات في ليبيا

كما تم التباحث بشأن تطورات القضية الليبية في ظل المحددات الواردة بمبادرة "إعلان القاهرة"، حيث جدد المسئول اليوناني دعم بلاده لكافة بنود المبادرة، مشيراً إلى أنها تمثل رسالة سلام واستقرار ليس لليبيا فحسب بل للمنطقة ككل، بينما أكد السيد الرئيس أن الجهود المصرية في الملف الليبي تهدف بالأساس إلى استعادة دور مؤسسات الدولة وملء فراغ السلطة بشكل مؤسسي، والتي أدي غيابها إلى منح المساحة لتواجد الميليشيات المسلحة وزيادة نشاطها، الأمر الذي بات يهدد بتحول ليبيا إلى بؤرة توتر بالمنطقة امتداداً إلى أوروبا. وقد تم التوافق بين الجانبين في هذا الصدد بشأن ضرورة تكثيف التنسيق المشترك، مع تأكيد الحرص الكامل على إنهاء الأزمة الليبية عبر التوصل لحل سياسي يمهد الطريق لعودة الأمن والاستقرار في هذا البلد الشقيق، وينهي التدخلات الخارجية التي تسعى إلى تحقيق مكاسب مباشرة لإرضاء مطامعها الخاصة ومنفعتها الذاتية دون النظر إلى أية اعتبارات أخرى.

الحدود البحرية

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أنه عُقد، على هامش المباحثات بين الوزيرين اليوم، الجولة الثانية عشرة من المفاوضات الفنية بين البلدين حول مسألة تعيين الحدود البحرية بين مصر واليونان، حيث تم مواصلة العمل بين الجانبين من أجل التوصل إلى اتفاق في هذا الشأن بما يحقق مصالح البلدين الصديقين، وذلك في خطوة جديدة لمحاصرة تحركات تركيا في شرق المتوسط، وخاصة بعدما قامت اليونان وايطاليا بتعيين الحدود بصورة نسفت مزاعم تركيا في تلك المنطقة وتحركاتها غير الشرعية للتنقيب عن الغاز.

وفي إطار التواصل المستمر بين وزيريّ خارجية مصر واليونان، استقبل سامح شكري وزير الخارجية المصري، اليوم الخميس، نظيره اليوناني نيكوس دندياس، حيث تناولت المباحثات بين الجانبين سُبل دفع وتطوير علاقات التعاون التي تجمع بين البلدين الصديقين في المجالات المختلفة، والقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.

وفي تصريح للمستشار أحمد حافظ المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، ذكر أن الوزير شكري أعرب في مستهل اللقاء عن الترحيب بزيارة نظيره اليوناني إلى القاهرة، مثمناً المستوى المتميز الذي وصلت إليه علاقات التعاون بين القاهرة وأثينا على الأصعدة المختلفة، ومعرباً عن تطلع مصر لمواصلة تطويرها، سواء على المستوى الثنائي أو في إطار آلية التعاون الثلاثي مع قبرص. كما نوه شكري إلى الأولوية التي توليها مصر لاستمرار التنسيق مع اليونان إزاء كافة القضايا المشتركة، بما يحقق مصالح شعبي البلدين الصديقين ويدعم أمن وسلامة المنطقة.

كما أوضح أن الوزير شكري شدد على ضرورة الحفاظ على الزخم الذي شهدته العلاقات خلال السنوات الماضية، وخاصة فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث أكد وزير الخارجية على ضرورة استمرار العمل نحو حث الشركات اليونانية لزيادة استثماراتها في مصر للاستفادة من الفرص الواعدة في المجالات المختلفة، فضلاً عن مواصلة جهود زيادة قيمة التبادل التجاري بما يعكس مستوى العلاقات السياسية المتميزة. كما تطرق اللقاء إلى التعاون في مجال السياحة على ضوء أهمية القطاع السياحي في البلدين.

وعلى جانب أخر، أشار حافظ إلى أن الاجتماع شهد كذلك التباحث بشأن سُبل مكافحة انتشار فيروس كورونا، حيث تم التأكيد على أهمية تكاتف المجتمع الدولي لمواجهة هذه الجائحة والحد من تداعياتها الصحية والاقتصادية والاجتماعية، مع الإعراب عن التطلع لمزيد من التعاون بين البلدين في مجال تبادل الخبرات.

وحول الأوضاع والقضايا الإقليمية، أضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية أن الوزيرين تبادلا وجهات النظر حول مجمل الملفات وسُبل التعامل مع مستجدات الأوضاع في المنطقة، وفي مقدمتها الوضع في ليبيا، حيث جدد الوزير شكري التأكيد على أهمية العمل نحو دعم عناصر المبادرة السياسية التي تم إطلاقها مؤخراً من القاهرة، برعاية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، بُغية التوصل إلى حل سياسي شامل يحافظ على مؤسسات الدولة الليبية ويحافظ على مقدرات الشعب الليبي الشقيق ويؤسس لمرحلة جديدة للحفاظ على سيادة ووحدة الأراضي الليبية والأمن والاستقرار ويضمن القضاء على كافة مظاهر الإرهاب والتطرف ويحول دون التدخل الخارجي الساعي لتحقيق مصالح ذاتية. هذا، وناقش الوزيران أيضاً التطورات بمنطقة شرق المتوسط وما تتسم به من اضطراب وعدم استقرار. وأكدا في هذا السياق على ضرورة التزام كافة الأطراف باحترام وتنفيذ قواعد القانون الدولي وأحكامه، مع التحذير من مغبة اتخاذ إجراءات استفزازية غير شرعية تزيد من درجة التوتر في المنطقة.

كما تم مناقشة تطورات القضية الفلسطينية، حيث أكد الوزير شكري على ضرورة الحفاظ على حل الدولتين والحفاظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وصولاً إلى إقامة دولته المستقلة، باعتبار ذلك مكون أساسي في أية تسوية شاملة وعادلة ومستدامة للقضية، مع التحذير من خطورة أية خطوات أحادية من شأنها أن تدفع الأوضاع إلى مزيد من التعقيد والتوتر بما يهدد استقرار المنطقة. ومن ناحية أخرى، استعرض الوزير شكري لنظيره اليوناني آخر مُستجدات ملف سد النهضة، مشيراً إلى ما آلت إليه الأمور من تأزم نتيجة التعنت الأثيوبي على الرغم مما أبدته القاهرة من جدية للتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن يراعي مصالح الدول الثلاث؛ فيما أكد وزير الخارجية على خطورة أي تحرك أحادي قبل التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث.

ومن جانبه، أكد "دندياس" اعتزاز بلاده بعلاقات الصداقة التاريخية التي طالما جمعت بين مصر واليونان، مشدداً حرص بلاده على مواصلة العمل من أجل تعزيز التعاون بين البلدين في كافة المجالات، ومؤكداً الأولوية التي توليها اليونان للتنسيق والتشاور مع مصر باعتبارها ركيزة للأمن والاستقرار الإقليمي. وحرص الوزير اليوناني على الإعراب عن ترحيب اليونان بإعلان القاهرة حول ليبيا، والتي يأملون في نجاحها لتسوية الأزمة هناك، مؤكداً على رفض التدخلات الخارجية والتأثيرات السلبية ذات الصلة على الساحة الليبية وفي مجمل المنطقة.