وجاء نص البيان كما يلي :
كلنا شهدنا الأحداث المتسارعة جداً في سوريا، والتي بدأت في 27 تشرين الثاني ببدء الفصيلة الجهادية "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة سابقاً، والتي لها علاقة وثيقة بتنظيم داعش أيضاً)، بالاستيلاء على بعض أهم المدن السورية، وانتهت في 8 كانون الأول بإسقاط النظام السوري البعثي القمعي.
لكن، وبالتزامن والتداخل مع هذه الأحداث، شهدنا كيف توجّهت "هيئة تحرير الشام" بالإضافة إلى بعض الفصائل المرتزقة التابعة للدولة التركية (كالجيش الوطني السوري والجيش الحر وغيرهما)، بالهجوم على الشعب الكردي، بدءاً من مهجَّري مدينة عفرين المحتلة، والقاطنين في الشهبا وتل رفعت، وصولاً إلى الهجمات الأخيرة على منبج وعين عيسى وتل تمر، وأخيرها كوباني، وما تخللها من استهداف للنساء والأطفال والشباب المدنيين من قتل وذبح وخطف وتنكيل، بالإضافة إلى استهداف البنى التحتية مثل جسر قرقوزاق وسد تشرين وغير ذلك..
إلى جانب ذلك، نتابع الانتهاكات الجسيمة والجرائم المرتكبة بحق النساء والأقليات والجماعات الدينية المختلفة كالمسيحيين والعلويين والدروز والتركمان وغيرهم في باقي المدن السورية أيضاً مثل إدلب وحماه وحمص وغيرها، حيث قامت وما تزال تقوم بنهب وسلب ممتلكاتهم وبتدمير بيوتهم واستهداف واغتصاب واختطاف النساء والأطفال والتنكيل بهم.
بمعنى آخر، يمكننا القول أن الشعب السوري قد تخلص من النظام الأسدي البعثي الاستبدادي، إلا إنه الآن وجهاً لوجه أمام التيارات الإسلاموية السلطوية التي تفرض حياةً معاديةً للنساء والشعوب، بدلاً من أن ترسخ حياةً عامرة بالمساواة والديمقراطية والعدالة لجميع النساء والمكونات ولمختلف الاثنيات والجماعات الدينية، واللافت أن القوى العالمية الإمبريالية تروج لهذه الفصائل على أنها "تيار إسلامي معتدل ومتحضر"!.
إنَّنا في منسقية الشرق الأوسط للمؤتمر النسائي العالمي WWC، إذ ندين وبشدة هذه الهجمات الجوية والبرية على الشعب الكردي في سوريا، ونشجب الانتهاكات وجرائم الحرب المرتكبة بحق النساء الكرديات خصوصاً والنساء السوريات عموماً، والقواعد القمعية والرجعية التي تفرضها الفصائل المسلحة عليهن في ظل الحكومة المؤقتة؛
فإننا نرى أن دولة الاحتلال التركية لا تدّخر أية فرصة لتصعيد الهجمات على الشعب الكردي، بهدف وأد تجربة الإدارة الذاتية الديمقراطية بصورة عامة، والقضاء على كل المكتسبات والمنجزات التي أسفرت عنها ثورة المرأة في شمال شرق سوريا بصورة خاصة.
كما نشعر بقلق بالغ من تشكيلة الحكومة المؤقتة بمختلف أسمائها التي تنتمي إلى لون واحد سلفي وجهادي، ومن الإجراءات والقوانين المتشددة التي تفرضها على النساء تحت اسم الشريعة الإسلامية، مما يعني أفغنة سوريا وإقحامها في نفق مظلم يتم فيه تغييب المرأة وتهميش إرادتها وكتم صوتها. وهذا ما سيؤثر سلباً على دول الجوار بل وعلى مختلف بلدان المنطقة.
وعليه، فإننا، وباسم منسقية الشرق الأوسط للمؤتمر النسائي العالمي WWC:
نطالب المؤسسات الحقوقية الدولية ذات الصلة بحماية النساء والأقليات والجماعات الدينية على اختلافها؛
ندعو إلى وقف العدوان التركي الجوي وهجمات الفصائل المرتزقة البرية على مناطق شمال شرق سوريا، لإيماننا بأن التجربة النسائية والكردية الوليدة هناك مخوّلة لتكون رائدة في تعزيز مشروع قائم على التعايش المشترك وبناء سوريا مستقبلية واعدة؛
نطالب المؤسسات المعنية بمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ومقاضاتهم وفقاً للمعايير الدولية؛
نناشد جميع المنظمات والحركات النسائية والقوى الديمقراطية في المنطقة للتضامن والتكاتف لأجل نضال نسوي مشترك يقف في وجه هذه الانتهاكات، التي تُعَدّ خطراً يهدد جميع نساء المنطقة، بل والعالم أجمع.