كارا كولهانجي: علاقات الاتحاد الأوروبي مع تركيا جيو استراتيجية وعلاقات مصالح

أوضحت الصحفية عائشة كولهانجي أن علاقات الاتحاد الأوروبي (YE) مع تركيا لن تجلب شيئاً جيداً للشعب وللديمقراطيين.

يمارس الاتحاد الأوروبي ‏(YE)  الذي كان يبدي استيائه من التهديدات بالحرب التي كانت تطلقها تركيا ضد ليبيا وشرق البحر المتوسط واليونان، مرونة مزدوجة في علاقاتها الأخيرة مع تركيا.

في وقت يزداد فيه انتهاك حقوق المرأة في تركيا، تركع كل من رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي شارل ميشيل أمام اقدام اردوغان في السادس من نيسان.

وفي  ذات السياق تحدثت الصحفية عائشة كارا كولهانجي عن علاقات الاتحاد الأوروبي وتركيا والمرونة التي يبديها الطرفان وعن كيفية تسيير هذه العلاقات.

وأوضحت كارا كولهانجي أن الاتحاد الأوروبي خلال علاقاتها مع تركيا تغض الطرف عن حقوق الانسان ومفهوم الديمقراطية، وقالت" إنه يركز علاقاته بشكل أساسي على المصالح الاقتصادية والخطط الجيو استراتيجية، وتزداد هذه العلاقات مع تصاعد مبيعات الأسلحة ومشكلة اللاجئين، فهم يتصالحون مع أردوغان، ولذلك، فإن القضايا مثل حقوق الإنسان والديمقراطية والقانون الدولي لا تتماشى مع قضايا المعارضة في تركيا.

بعد فوز جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة الامريكية قال " سنعمل بشكل أقوى مع الاتحاد الأوروبي"، حدث شيء من الأمان والهدوء ضمن الاتحاد الأوروبي، لأنه تم توكيل مسألة انتهاكات حقوق الانسان والديمقراطية في تركيا الى الولايات المتحدة الامريكية، وسوف تركز حكومة جو بايدن على مسألة صفقة صواريخ /إس ـ 400 / وقضية هالك بنك بشكل أكثر".

وحول السؤال المطروح" في المرحلة التي انسحبت تركيا من اتفاقية اسطنبول برزت توترات في مجال الديمقراطية، حيث تستمر جرائم القتل ضد النساء، وهناك ضغوطات على الجميع، كما أن هناك هدف اغلاق حزب الشعوب الديمقراطي، كما في مثال غرغرلي اوغلو يتم اعتقال البرلمانيين، هل كانت زيارة أورسولا فون دير لاين وتشارلز ميشيل ضرورية، أوضحت كاراكولهانجي أن هذه الزيارة لم تكن ضرورية، وقالت "بهذه الزيارة، تم إرسال رسالة إلى أحزاب تحالف أردوغان"، كانوا يعلمون أن هذه الزيارة ستقوي يد أردوغان، على الرغم من وباء كورونا والأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، فإن المسؤولين على أعلى مستوى في الاتحاد الأوروبي يركعون أمام اقدام أردوغان.

ولكن يجب ألا ننسى بأن أوروبا تضغط على انقرة في موضوع اللاجئين وهذا يسبب الذعر، كانت قضية اللجوء والهجرة بمثابة صدمة لأوروبا ولم تنته بعد، وعلى المرء ان يزيد عليها العلاقات المالية والتجارية، وكذلك مبيعات الأسلحة، فتركيا تعتبر من أهم الأسواق بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فنحن نتحدث عن حجم تجارة كبير ".

وقال كاراكولهانجي إنه عندما بدأت تركيا التنقيب في الجزء الشرقي من البحر الأبيض وأظهرت موقفاً عسكرياً، تسببت في أزمة كبيرة بينها وبين الاتحاد الأوروبي، شرق البحر الأبيض هو الحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبي، إنها منطقة شاسعة لها حدود مع إيطاليا واليونان وقبرص وفرنسا، قد تشكل الحرب هنا تهديداً لأمن حدود الاتحاد الأوروبي، وحين يتم اتخاذ قرار داخل الاتحاد الأوروبي، يجب أن يتم قبوله من قبل جميع الدول الأعضاء، وإذا لم يوافق عليه عضو واحد فالعملية ستسير ببطء،

مثلما فعلت اليونان وقبرص ذلك، ولذا كان يجب أن تحل الأزمة في شرق البحر الأبيض المتوسط، قضية أخرى كانت الهجرة إلى أوروبا من أفريقيا وليبيا، الاتحاد الأوروبي وقع في ضيق شديد بسبب الهجرة من سوريا عبر تركيا اليها، يعتبر شرق البحر الأبيض مهم جداً بالنسبة للاتحاد الأوروبي من الناحية الجيوستراتيجية، فعندما تراجعت تركيا خطوة إلى الوراء هنا، فقد أدى ذلك إلى نوع من الاستقرار.

هناك مفهوم حول العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا يسمى "الأجندة الإيجابية"، كانت هذه الأحداث في الجزء الشرقي من البحر الأبيض النقطة الرئيسية في "الأجندة الإيجابية"، إن مناهضة الديمقراطية وانتهاكات حقوق الإنسان وانعدام القانون في تركيا ليست تلك القضايا التي تستهدف المصالح الأساسية للاتحاد الأوروبي، لذلك زادت تركيا من الأزمة في الجزء الشرقي من البحر الأبيض، وكان هدفها هو رفع هذه الأزمة إلى أعلى مستوى حتى نيل الكثير من المكاسب من الاتحاد الأوروبي، من المعروف أن الاتحاد الأوروبي بالفعل يعلم ببراغماتية أردوغان وحكومته، لذلك بدأوا بتجديد اتفاقية اللاجئين، وبعدها فتحوا موضوع "أجندة إيجابية"، عرفت تركيا أن ذلك سيحدث، لأن عقد اللاجئين يعني المال، تقول "إذا كنت حارساً للاتحاد الأوروبي، فإن عليكم دفع ثمن باهظ نتيجة ذلك، تركيا واقعة في ورطة اقتصادية،

 الأموال من الخارج وكافة الاستثمارات، تريد أن تستولي على كل شيء يقع يدها عليه، الاتحاد الأوروبي سوف يعطي المزيد من الأموال لتركيا، وسيعلنها لارأي العام "انظروا، لقد فعلت تركيا في شرق البحر الأبيض كما قلنا"، وبدورنا سنعطي مبلغاً من المال لتركيا، يجب ألا ننسى أن الاتحاد الأوروبي كان قوياً في قضية قبرص، حيث تقلصت الساحة التركية قليلاً، تريد الإدارة الأمريكية أن تكون هناك دولة واحدة فقط في قبرص، سيكون هناك الكثير من الحديث عن قبرص في المستقبل.

وأوضحت كاراكولهانجي أنه حين احتلت تركيا عفرين، غضب الاتحاد الأوروبي بشدة وقال:" في هذا الموضوع تتحرك كل دولة عضوة في الاتحاد الأوروبي حسب سياساتها ومصالحها الشخصية، في ذلك الوقت سلّم الاتحاد الأوروبي المسألة السورية إلى الولايات المتحدة الامريكية، ألمانيا ساندت تركيا في سوريا، كلهم يعلمون أن أنقرة لها تأثير على الجماعات الجهادية، وهم يدخلون في مزاودات خلف الكواليس".

وأشارت كاراكولهانجي أن الاتحاد الأوروبي لا يهتم لحل مشاكل حقوق الإنسان في تركيا، الاتحاد الأوروبي لا يرغب في الانخراط في السياسة الداخلية لتركيا، يريدون أشياء تقنية من تركيا، أن يتحركوا وفقاً للاتفاقيات، ويتخلوا عن سياساتهم العدوانية، كما تم تعليق مفاوضات العضوية، كما أنها تمارس ضغوطات مالية على بعض المؤسسات والوكالات، تتوقع المعارضة التركية الكثير من الاتحاد الأوروبي، إذا تحدث الاتحاد الأوروبي بلهجة عالية، فستتلقى المعارضة الدعم النفسي، لكن يبدو أن الاتحاد الأوروبي يريد أن يوازن علاقاته مع تركيا".

وشدد كاراكولهانجي على أنه طالما أن الاتحاد الأوروبي يعمل على أساس المصالح الاقتصادية والجيواستراتيجية، فلن يتم فعل أي شيء من أجل حقوق الإنسان في تركيا، وقالت: "في هذه العلاقات، لن يتم تحقيق شيء جيد للشعب والديمقراطية برأيي، لن تتمكن تركيا من اتخاذ خطوات في السياسة الخارجية في المستقبل، لأنها تراجعت خطوة إلى الوراء في حالة مصر وليبيا وشرق البحر المتوسط، سوف تتحول تركيا الآن إلى السياسة الداخلية، وستزداد الضغوطات على حقوق الإنسان".