أسرار صفقة تسليح البيشمركة المثيرة للجدل بين إيران وأمريكا

دخلت إيران في توتر جديد على مدار الأيام الماضية مع أمريكا والعراق، على خلفية اتجاه داخل الكونغرس الأمريكي لتزويد قوات البيشمركة الكردية التابعة لإقليم كردستان العراق بأنظمة دفاع جوي، في إطار دعمها للتعامل مع الضربات التركية والإيرانية التي تطال الإقليم

ورغم تمتع إقليم كردستان العراق بقدر كبير من الهدوء على مدار الفترات الماضية، إلا أن الإقليم يشهد من وقت لآخر هجمات إيرانية وتركية، كانت موضع خلاف وتوتر كبير بين العراق ودولتي الجوار الذين لديهما عداء كبير ضد المكون الكردي وينظران بعين الريبة إلى مسألة تسليح الكرد.

تفاصيل التحرك داخل الكونغرس الأمريكي

وفي التفاصيل، فقد أقرت لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب الأمريكي، مؤخراً، تعديل تشريعي بموجبه يتم منح قوات البيشمركة الكردية أنظمة الدفاع الجوي، إذ قال عضو الكونغرس الأمريكي الجمهوري دون بيكون إن التعديل حظى بدعم حزبه والحزب الديمقراطي بأغلبية كبيرة.

وأضاف عضو مجلس النواب الأمريكي أنه سيوجه الإدارة الأمريكية بإعداد وتنفيذ خطة عمل لتدريب وتجهيز قوات البيشمركة الكردية وقوات الأمن العراقية للدفاع ضد الصواريخ وأنظمة الصواريخ الإيرانية وغيرها من الأنظمة غير المعروفة التي تستهدف هذه المنطقة من العراق.

وتحظى قوات البيشمركة الكردية، كغيرها من الفصائل الكردية المسلحة سواء في سوريا أو العراق، بدعم واحترام دولي كبير على مدار السنوات الماضية في ضوء الدور الكبير الذي لعبه هؤلاء في مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي الذي كان يحتل مناطق واسعة من العراق وسوريا.

إيران تطلب توضحياً

ولم تصمت إيران كثيرا إزاء هذا التحرك، إذ خرج المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني وانتقد التحرك داخل الكونغرس لتزويد قوات البيشمركة الكردية بأنظمة الدفاع الجوي، قائلاً إن على حكومة العراق وكذلك حكومة إقليم كردستان العراق إصدار بيان توضيحي بشأن هذه الصفقة.

ويأتي الموقف الإيراني بشأن صفقة التسليح المرتقبة وسط خلافات من الأساس بين طهران وبغداد وأربيل حول آلية تنفيذ اتفاق أمني بشأن تواجد فصائل المعارضة الكردية الإيرانية داخل أراضي إقليم كردستان العراق، إذ يطالب الجانب الإيراني بترحيل جميع تلك الفصائل، معتبرة أن وجودهم من شأنه المساس بأمن إيران.

أهداف واشنطن من الصفقة

في هذا السياق، يقول الدكتور غازي فيصل المحلل السياسي العراقي، لوكالة فرات للأنباء، إن مناطق السليمانية وأربيل ومناطق أخرى في داهوك تتعرض لقصف صاروخي ومدفعي طويل المدى من قبل إيران نحو أهداف استراتيجية وحيوية ومدنية، كما تم قصف مطار أربيل أكثر من مرة، وقصف مصافي النفط وأماكن مدنية تحت ذريعة وجود أكراد إيرانيين معارضين يشكلون تهديداً أمنياً لإيران.

وأضاف "فيصل" أيضاً تم من قبل قصف مجمع إنتاج الغاز في السليمانية الذي ينتج يومياً أكثر من 70 مليون قدم مكعب من الغاز ومناطق أخرى بها، وكل هذا يشكل تهديداً خطيراً للأمن الإقليمي ولا تتورع حكومة إيران والحرس الثوري الإيراني عن التهديد بالقصف الصاروخي عندما تنشأ أية أزمة، أو ادعاءات من قبل حكومة طهران بوجود تهديد للأمن القومي الإيراني ومطالبات مختلفة حول هذا الموضوع.

ويرى المحلل السياسي العراقي أن هذا الوضع يجعل "واشنطن" تذهب باتجاه تعزيز القدرات الدفاعية لصد هجمات محتملة وتهديدات في المستقبل على إقليم كردستان، من خلال نشر صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ لضمان أمن المدن والمدنيين والمنشآت الاستراتيجية والحيوية.

هذه هي مخاوف إيران

ولفت إلى أن هذه العملية تتم في ظل وجود اتفاقيات ومعاهدات مباشرة بين البنتاجون وحكومة إقليم كردستان لتدريب وتجهيز قوات البيشمركة بالأسلحة والقدرات الدفاعية سواء لمواجهة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية أو لضمان الأمن الدفاعي بالنسبة للإقليم والعلاقات مستمرة بين الجانبين لتطوير القدرات الدفاعية للإقليم.

وفي ختام تصريحاته، لوكالة "فرات"، قال "فيصل" إن إيران تعترض لأنها بالتأكيد ترى أن أي دعم وتطوير للقدرات الدفاعية لإقليم كردستان سيقوض ويفشل التهديدات المستمرة لحكومة طهران والحرس الثوري الإيراني ضد الإقليم الكردي العراقي.

وقد استهدف الحرس الثوري الإيراني مجموعات المعارضة المسلحة الكردية الإيرانية في أواخر عام 2022، عندما كانت طهران تكافح للسيطرة على الاحتجاجات الجماهيرية التي أشعلتها وفاة الشابة الكردية مهساء أميني "جينا" في حجز الشرطة عقب تعرضها للضرب المبرح.

وقد أدانت الولايات المتحدة الأمريكية الهجمات الصاروخية أو تلك المنفذة بواسطة الطائرات المسيرة في ذلك الوقت، والتي وصفتها بأنها "انتهكت بوقاحة سيادة العراق"، وتعرض "بغداد" على تلك الضربات، في وقت تطلب إيران العراق ببذل المزيد من الجهد لمنع أي تهديدات للأمن الإيراني تنطلق من على أراضيه بحسب مزاعم طهران.