كانت المجموعات الأولى للآبوجيين مثل الملائكة، فبمجرد أن تلتقي بهم أو تتعرف عليهم، كان من المستحيل أن تتفرق عنهم، وكان حقي قرار أيضاً، أحد هؤلاء الملائكة من الذين كانوا ضمن المجموعات الأولى للآبوجيين، وفي السنوات الأولى، كانوا يقيمون في منازل جماعية، حيث كانت في الغالب أقبية المباني، لأنه لم يكن لديهم ما يكفي من المال، وكذلك لعدم لفت الانتباه إليهم.
كان حقي قرار إنسان سوياً وصادقاً وبارعاً، ووهب كل حياته من النضال الآبوجي، ولقد كان مرتبطاً جداً بالمنظمة، لدرجة أنه كان يُقال حتى لو أنه نام، فإنه سوف يناضل في نومه، وبالنسبة لـ حقي، إن القول عنه بأنه شخص ناجح-زكي سيكون قليلاً بحقه، حيث لم يكن هذا المصطلح يفي بالغرض، وكان حقي قد وصل الى ذلك المستوى الذي كان منخرطاً دائماً ضمن المثابرة وتأسيس الحياة الحزبية، وعندما كان ينظر المرء إلى ذلك التعامل الذي كان في إدارة حزب أو منظمة، فإنه كان يجد بأنه يتمتع بالواجب والمسؤولية، وكان لدى حقي قرار تأثيراً من هذا القبيل، بحيث كان يشكل تأثيراً على كل من كان يتقرب منه، وكان يمنحه المعنويات ويعزز من قوة النضال، ولم يكن حقي يعتمد على واجبه ولم يكن يتعامل مع أحد وفقاً لذلك، بل كان يتعامل من خلال شخصيته الناضجة والواعية، وكان حقي قرار فيما يخص تحقيق الغاية المرجوة حازماً وملتزماً ببلوغه.
وبعد العام 1973، يصبح حقي قرار رفيق الدرب المقرب من أوجلان، ويشغل مكانه في العام 1974 ضمن مجموعة باسم المجموعة الآبوجية، وينخرط في العام 1974 مع أوجلان بشكل فعّال ضمن التنظيم الثوري العام للطلاب باسم جمعية التعليم الديمقراطي في أنقرة (ADYOD)، وبهذه الطريقة وبعد انقلاب 12 آذار، قاما بإعادة جمع الحشود الثورية للشبيبة مرة أخرى.
وكان رفيق الدرب حقي قرار يعمل في أعمال مختلفة لتلبية حاجات بيت المجموعة بالإضافة إلى عمله التنظيمي، حيث كان يعمل في الحدائق والمعامل والأعمال المختلفة، وإن شخصية كهذه والتي كانت تتحلى بالمسؤولية على المستوى الرفيع للتنظيم، وعلى الرغم من ذلك، كان متقناً لكل عمل وعمل الحدائق، وكان يصرف كل ما يجنيه من العمل على بيت المجموعة، وكان كل عضو من أعضاء المجموعة يضع المال ضمن خزنة النقود، ويتم صرفها بشكل مشترك على مصروف المجموعة، وإلى جانب الكوادر المختصة للتنظيم في المجموعة، كان قد تم تنظيم طلاب الجدد للمرحلة الثانوية وكان يتواجد العمال أيضاً، وكانت بيوت المجموعة ذلك النظام الذي كان يتنبأ بها القائد أوجلان ويريد أن تكون ساحات للنضال، وكانت بيوت المجموعة المنظمة قد أصبحت مراكز تدريبية، وكان يجري التدريب فيها بشكل منظم، وبالإضافة إلى التدريب، كان موقف وسلوك ونهج وحياة الكوادر البارزين في البيت أيضاً جزءاً لا يتجزأ من التدريب الأساسي، وكان حقي يقول دائماً: "لا تعملوا من أجل أنفسكم، بل من أجل التنظيم، فالذين يعملون من أجل أنفسهم، ليسوا منا"
وكان علاء الدين كبلان ومجموعته التي تم تدريبها بشكل خاص من قِبل الاستخبارات التركية ضد الحركة التحررية، يعرفون في المقام الأول القائد وحقي وكذلك المجموعة، وكانوا يقومون بمراقبتهم عن كثب في كل مجال من مجالات العمل، حيث إن ذهاب حقي إلى أضنا وانخراطه في العمل هناك مع الأطراف الثورية الأخرى، ومواجهته مع علاء الدين لم يكن مصادفة، بل جرى تنظيمه من قِبل الاستخبارات التركية، وبعد أضنا، انتقل حقي إلى ديلوك وعمل هناك أيضاً، ولحق علاء الدين بـ حقي هناك أيضاً وانتقل إلى ديلوك، وهناك، ولكي يقوم علاء الدين باستهداف حقي، دعاه إلى المقهى، وعندما يجتمع حقي مع علاء الدين كبلان في المقهى الواقع على طريق جنكيز طوبال، يحصل صراع هناك، يستشهد حقي في 18 أيار 1977.
بعد إجراء البحث والتحري، تبيّن أن علاء الدين كان قد أخبر الناس في المقهى قبل ساعة من موعد اللقاء بأن؛ "بعد لحظات سيأتي الفاشيون إلى هنا"، حيث كانت قد هيأ الناس للتحريض ضد حقي، ووضع خطته الاستفزازية، وعند يحصل بعض التوتر هناك، يجري شهن الهجوم على حقي عبر استخدام المسدسات، ولم يقم أحد بالتدخل، حيث نزف الدماء منه لفترة طويلة، ومن ثم جاءت سيارة الإسعاف ونقلته إلى المستشفى.
وفي ذلك الوقت، كان كل من كمال بير وجميل بايك، اللذين كانا من الكوادر البارزة للتنظيم الآبوجي، في ديلوك أيضاً، وأرادا خطف نعش حقي من المستشفى، وعندما يسمع القائد أوجلان، يرفض ذلك الأمر، ويقوم تاكي قرار شقيق حقي بالمجيء إلى ديلوك ويستلم نعش حقي ويأخذه إلى مسقط راسه في أوردو، ومع اغتيال حقي قرار، كانت بمثابة ترسيخ الخطوة الأولى لمفهوم القضاء على التنظيم، وهذا ما وجده القائد أوجلان ومنع وقوع ذلك الأمر.
وكان القائد أوجلان قد قال حول استشهاد حقي قرار، والذي كان قد وصفه وعرّفه بأنه كـ "كان روحي المخفية": "لقد كان شهيدنا الأول حقي قرار شخصية مقاومة في أصعب الأوقات التي كانت تُزرع فيها بذرة المعرفة النضالية، ويحظى بمكانة كبيرة في تأسيس حزب العمال الكردستاني وتاريخ المقاومة الوطنية، وإن الارتباط بذكراه له معنى تاريخي، والنتائج التي برزت فيما بعد هي دلائل على هذا الارتباط.
ولقد كان قرار تأسيس الحزب والبدء في خوض العمليات، نتيجةً للارتباط الوثيق بـ حقي قرار، وبهذا المعنى، وعلى الرغم أن رفيق الدرب حقي قرار لم يكن كردستانياً، وفي الوقت الذي لم يكن يجرؤ فيه أحد على العيش في كردستان، فقد أصبح مثالاً للشخص الذي سُفك دمه، ومن ثم أظهر للكثيرين من الكردستانيين أنه ينبغي أن يعرفوا أنهم سيموتون من أجل وطنهم، وإن لم يتم اتخاذ هذه الخطوة ولم يكونوا جديرين بالتطورات التي جرت لاحقاً، فبدون أدنى شك، لما كان المرء قادراً على الحديث عن تطور حزب العمال الكردستاني في كردستان.
ولقد ضحى رفيق الدرب حقي قرار بنفسه من أجل استقلال كردستان، فمثلما وضع الموت نُصب عينياه، ومثلما انتشرت مقاومة الكادحين وأفكاره المستقلة كأمواج متلاطمة في الوطن، كان لازماً من أجل هذه الغاية إراقة الدماء، وكذلك القيام بنفس الأمر من أجل التطورات المستقبلية".