وتقع مدينة عفرين ضمن منطقة جبلية في اقصى الزاوية الشمالية الغربية من سوريا وتشكل الحدود السورية التركية المصطنعة يحدها من الغرب سهل العمق في لواء اسكندرون والنهر الاسود في عفرين الذي يرسم في تلك المنطقة خط الحدود، من الشمال خط سكة القطار المار من ميدان اكبس حنى كلس من الشرق سهل اعزاز ومن الجنوب جبل سمعان.
ومنطقة عفرين منطقة جبلية معدل الارتفاع 700 - 1269 م، أعلى قمة فيها تسمى الجبل الكبير، الذي يعد جزءاً من سلسلة جبال طوروس في سوريا يبلغ عرضها من الشرق الى الغرب 55 كم وطولها من الشمال الى الجنوب 75 كم وهكذا تساوي مساحتها حوالي 3,850 كم² أي ما يعادل 2% من مساحة سوريا تقريباً ان منطقة عفرين متنوعة في جغرافيتها بين السهول والجبل ويمر بها نهر عفرين الذي يمتد في سوريا مما يقارب 85 كم ويعتبر هذا النهر وروافده من اهم المصادر المائية لهذا المنطقة الزراعية ادارياً تتبع منطقة عفرين محافظة حلب ومركزها مدينة عفرين التي تبعد عن حلب 63 كم، عدد السكان حوالي 50 ألف نسمة، تتألف مدينة عفرين من ستة نواحي هي (شرا، شيه، جنديرس، راجو، بلبله، موبوتا) و366 قرية يبلغ عدد سكان عفرين 523,258 نسمة لتاريخ 31/12/2010 وغالبيتهم من الكرد
وبسبب قرب منطقة عفرين من البحر يعتبر مناخها متوسطياً حيث انه معتدل صيفاً وبارد شتاءً والامطار غزيرة نسبياً وتتساقط فيها الثلوج لهذا تعتبر منطقة خصبة ونموذجية للزراعات المتوسطية فالمناخ المتوسطي ووجود الوديان والسهول والجبال وخصوبة التربة ووفرة المياه في منطقة عفرين جعلها مناسبة لكل الزراعات المتوسطية حيث تزرع الحبوب قمح عدس شعير والخضار بأنواعها والقطن والسكري والحمضيات والفواكه الأخرى ، اما الزراعة الرئيسية التي تشتهر بها منطقة عفرين وتعتبر رمزاً لها فهي الزيتون الذي يزرع في كل انحاء وقرى المنطقة دون استثناء ويفوق عدد اشجارها الثلاثة عشر مليون شجرة زيتون
ووصلت ثورات الشعوب التي بدأت في المنطقة عام 2010 ضد الأنظمة الحاكمة المستبدة الى سوريا في ربيع عام 2011 ولكن سرعان ما انحرفت هذه الثورة بفعل التدخلات الخارجية خصوصاً من قبل الدول التركية والروسية والأمريكية وبذلك ادرك الشعب السوري ان ما يجري هو صراع على السطلة بين طرفين يتلقى احدهما الدعم من المسلمين السنة والأخر من المسلمين الشيعة.
وعلى هذا الأساس أخذ الكرد في روج افا على عاتقتهم قيادة الثورة وسعوا مع بقية الشعوب العربية والسريانية والاشورية والارمنية والتركمانية والشركسية الى بناء نظام ديمقراطي يمثلهم جميعاً ولهذا جاءت ثورة 19 تموز عام 2012 التي انطلقت من كوباني وفي الذكرى السنوية الأولى لثورة 19 تموز ، تم طرح مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية والذي لاقى ترحيباً من كافة الشرائح والأحزاب السياسية وعلى هذا الأساس شكلت لجان للاجتماع مع المكونات الأخرى في المنطقة العرب السريان الاشور الأرمن التركمان بغية طرح المشروع حيث تم اللقاء بهم قبل الإعلان الرسمي عن الإدارة ووافق ممثلو اغلب المكونات على مبدأ المشروع وشاركوا فيه ولكن مع الإعلان عن الملامح الأولى للمشروع الديمقراطي بدأت القوى الخارجية بمعاداته وعلى رأسها تركيا وذلك عبر شن هجمات عسكرية سياسية واقتصادية
واذا تعرضت المنطقة لهجمات عنيفة من قبل المجموعات والمرتزقة التابعة لتنظيم داعش الإرهابي وجبهة النصرة وغيرها من المجموعات التي كانت تطلق على نفسها اسم الجيش الحر وذلك بتوجيه مباشر من الدولة التركية فيما تمثلت الهجمات الاقتصادية بفرض حصار خانف على مدن روج افا واغلاق المعابر الحدودية وذلك من قبل تركيا والنظام البعثي.
وساعدهم في ذلك الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي اغلق معبر سيمالكا الوحيد في المنطقة فيما اثر ذلك سلباً على مدينة عفرين فقط كانت المدينة محاصرة من قبل النظام البعثي ومن قبل المرتزقة التابعة لدولة الاحتلال التركي من جهة اعزاز ولم يسمحوا بدخول أي مواد غذائية و طبية ومنع دخول الطحين والمواد مثل المازوت والغاز.
وكانت الإمكانيات ضئيلة جداً فأن هذه الهجمات السياسية التي كانت مرتبطة بالحصار الاقتصادي هو من اجل افشال مشروع الإدارة الذاتية والذي اعلن وبشكل رسمي بتاريخ 12 تشرين الثاني 2013 التي سميت بالمجلس العام التأسيسي للإدارة المرحلية المشتركة ، وانبثق عنه هيئة متابعة إنجاز المشروع لإعداد وصياغة مختلف الوثائق وبشكل توافقي والتي استمرت بالعمل حتى تم الإعلان رسميًّا عن الإدارة الذاتية الديمقراطية في ثلاث مقاطعة "الجزيرة" في 21 كانون الثاني/يناير 2014 وتبعتها مقاطعتا عفرين وكوباني بإعلان إداراتها الذاتية في الشهر ذاته، والتي تعتبر من أهم الخطوات التاريخية في ثورة روج آفا.
وفي تلك الفترة بالذات كانت عفرين قد انهت خيارتاها واتخذت قرارها بالتنسيق مع كل من كوباني والجزيرة بتبني مبدأ الامة الديمقراطية واتخاذ أسلوب الإدارة الذاتية نهجاً للعيش المشترك فكانت في مرحلة التكوين السريع للمؤسسات ، تعاني من حصار وهجمات كانت تحاول خنق الكيان في مهده في اقصى الشمال الغربي السوري وبعد ان فشلت أدوات النظامين الفاشي التركي والسوري في تحويل عفرين الى بؤرة الشمال السوري للصراع السوري المتنامي حينها ارادت تلك الدول ومن وراء عصابتهم التي باتت ترهن ولائها الواحد تلو الأخرى ان يخنقوا عفرين اقتصادياً ان يهدموا مشروعهم الذي بات هاجسا يضعضع احلامهم الاخوانية المضادة لمبادئ الحرية والديمقراطية وكل شعارات ما كان يسمى حينها بالثورة السورية
ولكن عفرين ومن خلال ميراثها وحضارتها وكفاحها من اجل الحرية استطاعت ان تبني هيكليتها التنظيمية بسرعة فائقة بما يتماشى مع متطلباتها اليومية الدفاعية والاقتصادية والسياسية وعلى أساسها تم تشكيل المؤسسات واللجان التابعة والمختصة في كل مجال وليكون التنظيم في ثمة التنسيق والتكامل اتحدت تكل اللجان والمؤسسات على شكل إدارة متكاملة لكل مكوناتها تلبي كل الملتزمات وتقود أزمات الدفاع والاقتصاد بتعاضد كافة ابناءها وبما ان عفرين منطقة زراعية ضاربة جذورها في التاريخ فألى جانب تنظيمها المبني على فلسفة الامة الديمقراطية استطاعت وبزمن قياسي من ان ترجع لجذورها وتستفيد من خصالها وتتسلح في مقاومتها للهجمات والمكائد وكل محاولات الحصار المفروضة حينها لا بل انها وفي كل مرة دعت فيها الحاجة كانت تتقاسم قوتها مع جيرانها كما كانت يد العون لمنطقة النبل والزهراء ايضاً عندما فرض الحصار القاسي عليه من قبل مرتزقة الاحتلال التركي
وتأتي كل محاولات التغلب على الحصار المفروض وقتها من الجماعات الإرهابية التابعة للدولة التركية على مدينة عفرين وفي وقت كانت عفرين فيه قد حددت هويتها السورية الكردية واخذت من المقاومة المبنية على أساس اخوة الشعوب اساساً، ما ذكرنها ليست شعارات نطلقها دعما لجهات ما انما كان واقعاً معاشا استطاع ان يدحر إرهاب تركيا عبر ادواتها من داعش والنصرة واخوانهم كما انه استطاع ان يؤدي الى نشوء مجتمع متماسك ومترابط وعاشق للحرية لم يستطيع الجوع او الحصار ان تضعف عزيمته ولا ان تهدم مؤسساته بل العكس تماماً
ومع اعلان الإدارة الذاتية وكم ذكرنا في سياق حديثاً بدأت اللجنة والمؤسسات بتنظيم نفسهم وشكلت وحدات حماية الشعب وبجانبها شكلت قوى الامن الداخلي (الاساييش) وذلك لحماية الشعب تم افتتاح مركز قوى الامن الداخلي في مركز مدينة عفرين وافتتاح مراكز تابعة لها في كل من نواحي عفرين وبذلك كانت عفرين مدينة تحتوي بداخلها الامن والاستقرار
ولدى افتتاح المؤسسات واللجنة التابعة للإدارة الذاتية لإقليم عفرين المتمثل بفكر القائد عبدالله اوجلان ، فأن نظرية القائد عبدالله اوجلان منح المرأة حياة أخرى مفعمة بالحرية والمساواة وكانت من أولويات القائد هي حرية المرأة فأن حرية المرأة هي حرية المجتمع ومعها قد نظمت المرأة نفسها في الإدارة الذاتية من خلال الوعي الجنسي الذي تطور في الثورة وتطوير حب الأرض الخاص بالنساء وإعلان أيديولوجية تحرر المرأة من قبل القائد عبدالله اوجلان والذي يعتمد على خمسة مبادئ التنظيم الخاص بالمرأة واهميته وتحقيق الجمال الفكري أي من اجل تحقيق حرية المرأة فهناك حاجة كبيرة لتطوير الصراع الجنسي ضد تحكمية الرجل والأنظمة الحاكمة بذلك أدى توسع تنظيم المرأة في شمال وشرق سوريا ولك على أساس تفعيل المرأة في المجتمع الرجعي والمتسلط الرجولي وبذلك كان للمرأة دور مهم في مدينة عفرين والتي تحتوي على جميع المكونات من خلال تفعيل مؤسسات نسوية وحركة المرأة وتنظيم المرأة العسكرية لحماية الأرض والنساء
فإلى الى جانب إطلاق دورات تعليم اللغة الكردية في المراكز، تم الاستعداد للتعليم بالغة الام، وافتتح معهد للغة الكردية اول اكاديمية فتحت في عفرين كانت في 11اغسطس 2013 لتزويد المعلمين بدروس اللغة الكردية في جميع انحاء روج افا وفي عام 2014 تم اعلان منطقة الحكم الذاتي الديمقراطي وكانت عملية تاريخية ناجحة وكانت هذه هي المرة الأولى التي يحدد فيها الشعب حكماً سوياً وتم افتتاح مشفى في المجال الصحي يمكن ايضاً اجراء عمليات جراحية في مشفى افرين الذي انشأته هيثة الصحة في عفرين
وفتح جميع المنظمة في عفرين كان لجميع الأديان اماكن عبادة ومراكز خاصة بها مثل الايزيديين الذين واجهوا مشاكل مع النظام قبل الثورة بسبب معتقداتهم ومن خلال مشروع الإدارة الذاتية نظموا انفسهم بسهولة وقام الايزيديون بإنشاء مركز صغير في قرية باصوفان في عام 2012 وفي عام 2013 وافتتحوا مركزاً خاصاً بهم.
وفي عام 2015 تم تأسيس الاتحاد الإيزيدي في مركز عفرين وفي قرية سينكا ايضاً وفي عام 2015 انشأ العلويون في عفرين ايضاً مركزاً لهم والارمن ايضاً كانت لهم مكانة في الإدارة مع ممثليهم وشكلوا مجتمعاتهم الخاصة بهم والاقتصاد الذي كان ينمو في ظل البيئة المحيطة في عفرين حيث كان الأرض خصبة ومناسبة لجميع الزراعات ، فيما تحولت مدينة عفرين في ظل الإدارة الذاتية الى مكان مناسب للعيش من الناحية الاقتصادية فقد كانت مدينة عفرين تغذي جميع الأسواق السورية وبعض البلدان المجاورة لها،
كما واستضافت مدينة عفرين عدد كبير من اللاجئين بعد ان هاجمت المرتزقة من بينهم داعش والنصرة واحرار الشام على مناطق الشهباء فالقد لجئ الكثير من الأهالي الى مدينة عفرين وكذلك كل من محافظة ادلب وحمص وحماة والرقة وحلب والعديد من المدن السوري الأخرى وعلى الرغم من وصول عدد كبير من اللاجئين الى مدية عفرين لم تقدم وكالات المعونة الدولية أي مساندة من بينهم الاتحاد الأوروبي لقد تقاسم أهالي عفرين والمهجرين طعامهم وأصبحت عفرين مأوى امن للاجئين حيث تم انشاء اثنين من المخيمات مخيم روبار ومخيم اقيبه بعد زيادة اللاجئين بشكل كبير فقط ضمت عفرين اللاجئين من مختلف انحاء سوريا حيث تجاوز عدد السكان في عفرين الى المليون وكانت ملجئ للجميع ويد العون وتأسست على مبدئ الامة الديمقراطية واخوة الشعوب