احتفال تكريمي للمفكر المصري "رجائي فايد" وتجربته مع المسألة الكردية
تحولت ندوة توقيع كتاب "أوراق رجائي فايد والمسألة الكردية"، والذي أقيم أمس السبت بمقر دار نفرتيتي للنشر والتوزيع إلى احتفالية عرفان وتقدير لمسيرة الكاتب الكبير رجائي فايد.
تحولت ندوة توقيع كتاب "أوراق رجائي فايد والمسألة الكردية"، والذي أقيم أمس السبت بمقر دار نفرتيتي للنشر والتوزيع إلى احتفالية عرفان وتقدير لمسيرة الكاتب الكبير رجائي فايد.
في طقس احتفالي شديد الحميمية أقيمت ندوة وتوقيع لكتاب "أوراق رجائي فايد والمسألة الكردية" للزميلة ولاء عبد الله أبوستيت، بحضور المفكر والكاتب الكبير رجائي فايد الذي يدور حول شخصه الكتاب.
وتحولت الندوة من وقائعها العادية إلى احتفالية تقدير وعرفان بمسيرة الكاتب الكبير الذي جايل في حياته تحولات كبرى سياسية وثقافية وصولا إلى التصاقه بالمسألة الكردية ومعايشته المباشرة لها قرابة التسع سنوات في هولير (أربيل)، وقعت خلالها الحرب العراقية الإيرانية وكان شاهدا على أدق التفاصيل المعاصرة.
وحضر الندوة من عدد من الساسة والمثقفين والدبلوماسيين والصحفيين، وكان من بين الحضور السفير شريف شاهين سفير مصر سابقا بالعراق، والدكتور محمد السعيد إدريس مستشار مركز الأهرام للدراسات، والناقد والتربوي د. كمال مغيث، والكاتب الصحفي فتحي محمود صاحب كتاب العلاقات العربية الكردية، والدكتور محمود زايد أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر والمتخصص في الشؤون الكردية صاحب كتاب "الكرد في مصر عبر العصور"، كما حضرت الاحتفالية ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية لدى مصر السيدة ليلى موسى، والكاتب محمد أرسلان علي، والباحث السياسي أحمد شيخو، والكاتب والروائي اللبناني فادي عكوم.
واستهل الكاتب سيد عبدالفتاح مدير دار نفرتيتي للنشر والتوزيع الندوة بكلمة أكد فيه على دور الاستاذ رجائي فايد وتجربته كأحد أبرز من تحدث عن القضية الكردية وعلى يده تتلمذ الكثير من الباحثين، لافتًا إلى أن الكتاب كان تكريما مستحق لرجل أفنى عمره في التعريف بهذه القضية الإنسانية العادلة، ولمحو كل ما لحق بها من اتهامات زائفة، مشيدا بفكرة الكاتبة للكتابة عن تجربته، وهو ما اعتبرت دار نفرتيتي أنه أمر غاية في الأهمية أن تصدره وتحتفي به تقديرا لهذا الكاتب الكبير.
أما الزميلة ولاء أبوستيت فقالت إن هذا العمل، الذي يُعبر عن حالة فريدة لشخصية مهمة لم يكن بالأساس فكرتها، لافتة إلى أنها مشغولة بالكتابة عن الشخصيات فعلا وإن كان لم ينشر لها حتى الآن سوى كتابها عن الأستاذ وديع فلسطين.
وأضافت من هذا المنطلق دعاني صديق كردي أعمل معه منذ فترة إلى الكتابة عن الأستاذ رجائي فايد كلمحة تقدير للرجل ولمنجزه وما قدمه من خدمات يراها الكرد جليلة ومقدرة إلى أقصى مدى، وكان الاتفاق وقتها على أن يكون عملا تشاركيا لكن ماحدث أنها هي التي قدمت الكتاب في النهاية.
وأوضحت أنها استندت في الكتاب لثلاثة أمور رئيسه كتابات الأستاذ رجائي فايد من مقالات ودراسات، ثم سيرته الذاتية واخيرا المقابلات، لافتة إلى أنه كان من الصعوبة الخروج بعمل يشبه السيرة عن رجل وضع سيرته كاملة في كتاب مهم يقارب الخمسمائة صفحة، لكن في النهاية خرجت تلك الحالة التي تُعبر عن شخصية مصرية أصيلة بكل ما تحمله المعنى من حكايات.
وتابعت: الكتاب يحمل تلك الحالة والرؤية عنه وعن تحولاته العظيمة التي وصلت به في النهاية ليكون مؤسسا وأبا للباحثين المصريين والعرب في هذا الحقل المهم.
وتحدث السفير شريف شاهين سفير مصر الأسبق في العراق، مشيرا إلى أن علاقته بالاستاذ رجائي فايد طويلة حيث تزاملا في المجلس المصري للشؤون الخارجية، وأنه لو كان قد قُدّر له معرفته قبل سفره إلى العراق سفيرا في 2009، لكان ذلك قد غير كثير من الأمور حتى على صعيد التعاطي مع المسألة الكردية، لافتا إلى أنه قابل رجلا عروبيا بكل ما تحمله معاني الكلمة يدعم قضية إنسانية عادلة.
أما الدكتور محمد السعيد إدريس، مستشار مركز الأهرام للدراسات، فأشاد بفكرة الاحتفال بالاستاذ رجائي فايد، لافتًا إلى أنه ما أروع أن يُحتفى بالشخصيات المهمة في حياتهم، وأن آفة مجتمعاتنا الاحتفال بهم بعد الموت.
وأكد أن الأستاذ رجائي فايد يستحق هذا التكريم، فهو مثل من حمل جرس إنذار منذ وقت مبكر ليدعو الناس للانتباه لهذه القضية وقد صدقت رؤيته من جوانب عدة ولازال حتى اليوم يحمل هذا الجرس ويدعو إلى أخذ تلك المسألة في الحسبان.
أما د.محمود زايد أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر، فقد أكد عن اعتزازه الكبير بأستاذية الكبير رجائي فايد له، لافتا إلى أنه فتح له أبواب المصادر والزيارات إلى كردستان، كما أن كتاباته كانت أولى الكتابات التي فتحت الباب للباحثين في حقل الدراسات الكردية.
الكاتب فتحي محمود أيضا أشار إلى تعرجات كبيرة في علاقته ومعرفته بأستاذ رجائي فايد وقدم حكايات عن نوادره معه في مسألة ما يطلق عليه عالم الارواح والتي انتشرت أفكارها قبل عقود بشدة في المجتمع المصري وكيف أن الأستاذ رجائي بحث فيها وتحرك للتعرف على هذا العالم بجمعياته وتجمعاته.
يذكر أن الكتاب في 256 صفحة، وهو عن سيرة رجائي فايد، أحد الأعلام المصريين الذين أفنوا حياتهم في دراسة الحالة الكردية والحديث عنها ونشر تعرجاتها بصور شتى في مصر والعالم العربي.
والكتاب يضم قسمين، الأول؛ جاء بعنوان: حديث البدايات ومسيرة الحياة. وفيه اعتبرت المؤلفة أن للكاتب نشأتين، الأولى والتي تعد النشأة العادية لأي إنسان، وثانية؛ وهي تلك التي تُشكل مسيرة حياته وإبداعه.
وفي جزء النشأة الأولى والذي جاء تحت عنوان: الميلاد ومسيرة البدايات، تتبع الكاتبة أثر الأستاذ رجائي فايد مع بدايات نشأته في قرية نواج، التابعة لمحافظة الغربية، في دلتا مصر، وصولا إلى دراسته الجامعية التي بدأها في الإسكندرية ثم تحول للقاهرة في كلية الزراعة ليلتق هناك زميله الشاعر "سمير عبدالباقي" والذي كان نافذته الأولى التي أطل منها إلى عالم اليسار المصري في هذه السن المبكرة، ثم ليكون رفيقه وصديقه طوال هذه الفترة فرج فودة الذي يسرد عنه حكايات لم تُرو من قبل عن تلك المرحلة في حياة المفكر المصري الكبير شهيد كلمته.
تتناول الكاتبة أيضا في الكتاب تغيير آراء الكاتب حول الحقبة الناصرية وموقفه من الملكية، كما تسرد مسيرته التي كاتبا وأديبا يأمل أن يُشار له بالبنان وأن يكون أحد أعلام عصره.
وفي "النشأة الثانية".. تتطرق إلى "التحول إلى التخصص في المسألة الكردية"، والذي بدأ مع رحلة عمله التي ذهبت به إلى أربيل، ومعايشته للواقع هناك خلال فترة تاريخية شهدت الحرب العراقية الإيرانية ومأساة الأنفال، ومنها عودته إلى مصر، والتخصص في المسألة الكردية، ومشاركته في الاعداد لأول حوار عربي كردي تستضيفه مصر في تسعينيات القرن الماضي، ثم ما قدمه في تلك المسيرة وصولا إلى تأسيس المركز المصري للدراسات الكردية، وتدشين اللجنة العربية لحرية أوجلان.
وضع القسم الثاني من الكتاب، مقالات ودراسات للأستاذ رجائي فايد الذي رغم أنه لم يحصل على الدكتوراه إلا أنه أشرف على عشرات الرسائل الجامعية التي تناولت المسألة الكردية من جوانب مختلفة.
وفي تقديمها للعمل تقول الكاتبة: "هذا العمل هو عن كاتب من طراز مختلف، كان الأول في حقله ومجاله، فهو أب للمتخصصين المصريين في الدراسات الكردية -إذا ما قلنا أن الكاتبة الراحلة درية عوني دفعها للتخصص في المسألة الكردية جذورها الكردية التي كانت تفخر بها وتعلنها مع كل من تلتقيه- دفعته الظروف الحياتية إلى هذه الجغرافيا الفريدة، إلى أرض كردستان في ثمانينيات القرن الماضي، لتكون بمثابة عملية التحول الذي لم يكن يحسب له ذلك الأديب الشاب وقتها حسابًا، فعكف على دراسة المسألة الكردية من جوانبها كافة: التاريخية، السياسية، الاجتماعية والثقافية، ولدى عودته إلى مصر وبعد مرور ما يناهز العقد بدأ في تقديم كتاباته عن القضية الكردية وبدا كمصدر فريد في هذا الحقل الذي لم يطرق بابه أحد من قبله".