أصدر المركز الوطني للدراسات، ومقره القاهرة، العدد الأول من مؤشر الإرهاب الشهري للشرق الأوسط والمنطقة العربية خلال شهر كانون الأول/ يناير، وهو المؤشر الذي يرصد كافة العمليات الإرهابية والأنشطة المرتبطة بها والتفاعلات داخل التنظيمات المتطرفة، واعتمد المؤشر في تتبعه للعمليات الإرهابية على أكثر من منهج بحثي واستقصائي في عمليتي الرصد والتحليل بهدف تحقيق أكبر استفادة ممكنة والخروج بأدق نتائج.
وتصدر غلاف العدد الأول للمؤشر مقتل الداعشي جبار العيساوي، المُكني بأبي ياسر العيساوي الذي أطلق على نفسه نائب الخليفة ووالي العراق، وهو الحدث الأبرز خلال الشهر المنصرم بما يمثله من تأثيرات وتفاعلات داخل التنظيم الإرهابي، وتداعيات محتملة على المنطقة.
أما ما يخص عمليتي الرصد والتحليل، فقد أشار المؤشر إلى أن النشاط الإرهابي الذي شهدته دول الشرق الأوسط والمنطقة العربية خلال يناير الماضي، اتسم بالكثافة الملحوظة، حيث بلغ عدد العمليات الإرهابية خلال هذه الفترة نحو 110 عملية، وقع أغلبها في الدول التي تعاني بعض الصراعات الداخلية أو فشل الحكم، إذ بلغ إجمالي العمليات التي شهدتها هذه الدول 88 عملية، في حين لم يتجاوز عدد العمليات التي وقعت في الدول التي يمكن وصفها بالمستقرة حاجز ال22عملية.
كما رصد المؤشر انحسار أغلبية العمليات الإرهابية بين نمطين محددين، هما الهجمات المسلحة التي تكررت نحو 52 مرة ، والتفجيرات والتي تكررت بمعدل 37 عملية . الأمر الذي جاء على حساب غيرهما من الأنماط كاستخدام القذائف، والخطف والقتل، والهجمات الانتحارية التي جرى تنفيذها 4مرات، وعمليات الخطف والاحتجاز، في حين لم تشهد دول المنطقة محل الرصد أي عمليات انغماسية.
وكشف المؤشر أن العمليات تركز معظمها في بعض الدول الصراع،حيث تصدرت سوريا للدول الأكثر تعرضًا للعمليات الإرهابية بواقع 28 عملية، في حين احتلت أفغانستان والصومال المركز الثاني حيث تعرض كل منهما إلى 24 هجمة إرهابية. في حين خلت دوليتان من دول الصراع من العمليات وهما ليبيا وجنوب السودان. كما أشار المؤشر للأسباب التي دفعت لكثافة العمليات خلال شهر يناير والتي من بينها احتدام المشهد السياسي ورغبة بعض التنظيمات في إثبات وجودها مثل أفغانستان والصومال.
ومن بين النتائج التي توصل إليها المؤشر بعد الرصد أنه رغم وقع 7عمليات إرهابية في مصر إلا أنها انحسرت كلها في نطاق محافظة شمال سيناء، مقارنة بفترات سابقة كان النشاط الإرهابي في عدة أماكن. وهو ما يعني نجاح استراتيجية مكافحة الإرهاب التي تبنتها الدولة المصرية. لا سيما وأن العمليات السبع جاءت في أغلبها ضد أهداف مدنية ومنشآت وهو ما يعكس تراجع قدرة التنظيم على مواجهة الأجهزة الأمنية.
كما أجرى المؤشر تحليلًا للخطاب الإعلامي للنشرة الأسبوعية (النبأ) التي يصدرها تنظيم داعش الإرهابي، خلص إلى أن داعش اعتمد البروباجندا الكاذبة في الترويج لنفسه أملًا في استقطاب المزيد من المقاتلين عبر التذكير بأن الخلاف بينه وبين الأنظمة الحاكمة، خلافًا عقائديا ليس له علاقة بالسياسة، كما حرصت الآلة الإعلامية لداعش على طمأنة أتباعه بشأن قدرات التنظيم العسكرية وأوضاعه الميدانية. على مستوى أخر ووسيط مختلف حاول داعش من خلال فيديو بثه التنظيم عبر تطبيق تليجرام، العودة للمشهد السوري من بوابة الإعلام تحت عنوان " النهاية والبداية" وكان لافتا استخدام لفظ النهاية في إشارة لخروج التنظيم من سوريا عام 2017، والعودة التي تمثل بداية جديدة لداعش في عام 2021. وطرح داعش خلال الفيديو عدة أسئلة كان الهدف منها شحذ همم أعضاءه من ناحية، واللعب على مشاعر الرافضين لوجوده داخل الأراضي السورية من ناحية أخرى. وهو ما بدا واضحًا في لغة الخطاب التي ظهرت منكسرة أحيانًا وعنيفة متوعدة في أحيان أخري.
جدير بالذكر أن مؤشر الإرهاب الشهري للشرق الأوسط والمنطقة العربية يصدر عن المركز الوطني للدراسات باللغتين العربية والإنجليزية.