"اغتيال حسن نصر الله".. ماذا لو تأكد الإعلان الإسرائيلي؟
وسط تضارب للأنباء، أكد الجيش الإسرائيلي صباح اليوم السبت مقتل حسن نصر الله، وسط تهديدات من تل أبيب بمزيد من الأهداف رغم هذا "الصيد الثمين" إن تأكد ما أعلنته بالفعل.
وسط تضارب للأنباء، أكد الجيش الإسرائيلي صباح اليوم السبت مقتل حسن نصر الله، وسط تهديدات من تل أبيب بمزيد من الأهداف رغم هذا "الصيد الثمين" إن تأكد ما أعلنته بالفعل.
أتى إعلان الجيش الإسرائيلي عن اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني وسط تصعيد كبير للتوترات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية ووسط توقعات كانت كبيرة بتحضير تل أبيب لعملية اجتياح بري لجنوب لبنان، بينما لم يكن يفكر أحد أن يقدم الجانب الإسرائيلي على تلك الخطوة، خصوصاً وأنها قد تحمل مخاطر كبيرة على الصعيد الإقليمي.
وأعلن أفيخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن طائرات سلاح الجو بتوجيه استخباري دقيق لهيئة الاستخبارات والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية قد نفذت ضربة على المقر المركزي لحزب الله الواقع تحت الأرض أسفل مبنى سكني في منطقة الضاحية الجنوبية، مؤكداً أن الغارة نفذت في الوقت الذي تواجدت قيادة حزب الله داخل المقر.
ويفرض ما أعلنه الجيش الإسرائيلي بشأن نصر الله كثيراً من التساؤلات التي تبدو الإجابات عليها صعبة، حول ما تعنيه هذه العملية وما قد تؤدي إليه، وما إذا كانت المنطقة تتجه نحو تصعيد أكبر أم أن الأمور ستبقى في إطار الضربات المتبادلة (ضربة مقابل ضربة)، لكن الأكيد أننا أمام تطور كبير في الأدوات الإسرائيلية هذه المرة، لا سيما وأنه سبق لها قبل أسابيع اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وصولاً كذلك لعملية "البيجر".
القضاء على حزب الله
يقول حازم الغبرا المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه من الواضح أن هناك قراراً حازماً من قبل إسرائيل والولايات المتحدة بالقضاء تماماً على حزب الله اللبناني وقدراته، وبالتالي الهدف الآن إنهاء وجود الحزب خاصة في جنوب لبنان.
وأضاف أن ما بعد نصر الله وحتى لو لم يقتل يرتبط بالهدف السابق، وبناء عليه فإذا كانت عملية الاجتياح البري من شأنها تحقيق هذا الهدف ستحدث، والعكس كذلك صحيح، مشيراً إلى أنه لو كان هناك قرار فلن يعرف الآن باعتبار أننا نتحدث عن خطط حروب في منطقة مضطربة على نحو يخلق صعوبة كبيرة في تحديد سيناريوهات المرحلة المقبلة.
وبينما أعلن استعداده لاحتمال الاجتياح البري، توعد الجيش الإسرائيلي بالمزيد من الضربات العسكرية، عقب إعلانه مقتل حسن نصر الله، إذ قال رئيس الأركان هرتسي هاليفي، اليوم السبت، إن إسرائيل ستصل إلى أي شخص يهدد البلاد ومواطنيها، مؤكداً أن هذا ليس آخر ما في جعبة الإسرائيليين.
وتحدث دانيال هجاري الناطق باسم الجيش الإسرائيلي عن فرص الاجتياح البري لجنوب لبنان، إذ قال إن لدى إسرائيل مجموعة من الخيارات بشأن لبنان ومستعدة لاستخدامها، وأن جيش بلاده مستعد لتصعيد أوسع خاصة وأن قوات الجيش في حالة تأهب قصوى.
مجرد أوراق؟
بدوره، لم يعول الكاتب الصحفي اللبناني علي المرعبي رئيس تحرير مجلة كل العرب التي تصدر من باريس على مقتل حسن نصر الله كثيراً، إذ يرى أن الحزب مجرد ورقة بيد إيران تناور بها في مسألة المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن النووي، معتبراً أن طهران "لا يعنيها لا مقاومة ولا فلسطين ولا لبنان وكذلك حزب الله"، حسب رؤيته.
وأضاف أنه بالتالي ما بعد اغتيال نصر الله إن تأكد وما إذا كانت إسرائيل تخطط لعملية اجتياح بري بعد تلك الأهداف كله يرتبط بما قد تؤول إليه مفاوضات النووي السرية حالياً بين طهران وواشنطن في نيويورك، مشيراً إلى أن العملية التي نفذت على الضاحية الجنوبية يبدو أنها أتت وفق معلومات استخباراتية مؤكدة قدمت من عملاء مرتبطين بإسرائيل من داخل البيئة الحاضنة لحزب الله.
وأبدى المرعبي قناعته بصحة الرواية الإسرائيلية حول مقتل حسن نصر الله، إذ قال إن حجم الدمار ونوعية الصواريخ المستعملة تؤكد أنه لن يكون هناك أحياء حتى لو كانوا تحت الأرض بعدة طبقات، لأن الصواريخ الفراغية لا يمكن أن ينجو أحد منها، مؤكداً أنه إذا كانت محادثات النووي لصالح الإيرانيين فإنهم في هذه الحالة سيضحون بحزب الله وبكل أذرعهم في الدول العربية، وإذا فشلت فإن طهران ستوعز لتلك الأذرع بمزيد من الهجمات بما يخدم نفوذها.
وقد ولد حسن نصرالله في أغسطس/آب من عام 1960 لعائلة شيعية بالضاحية الشمالية لبيروت، وقد اهتم بالدراسات الدينية الشيعية خاصة مع ذهابه إلى مدينة النجف العراقية، وانضم إلى حركة أمل الشيعية اللبنانية قبل أن تنقسم لاحقاً بين نبيه بري وعباس الموسوي والأخير أسس بعد ذلك الحزب بمشاركة نصر الله.
وقد أعلنت إسرائيل مراراً أن نصر الله هدف لها، ولهذا اختفى "السيد" – كما يطلق عليه أنصاره – عن الأنظار تماماً على مدار ما يقارب 18 عاماً وكان ظهوره فقط في شرائط مسجلة، فيما كانت بعض المصادر تقول إنه لا يستخدم على الإطلاق أي أدوات تقنية يمكن أن تساعد على تتبعه، لكن تل أبيب وصلت له حسبما أعلنت أمس واليوم.
حرب واسعة؟
ومن جانبه، استبعد حازم العبيدي المحلل السياسي العراقي، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن تكون هناك حرب واسعة النطاق خلال الفترة المقبلة سواء تأكد اغتيال نصر الله أو لم يتأكد ذلك، معتبراً أن الرد يمكن أن يكون مجرد ضربات استعراضية كما حدث من قبل عندما قتل على سبيل المثال قاسم سليماني قائد ما يعرف بفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وأعرب العبيدي عن اعتقاده أن العمليات الإسرائيلية سواء اغتيال حسن نصر الله وقبلها إسماعيل هنية الغرض منها خلق حالة من الردع، معتبراً أن حزب الله أو إيران سيكون لديهما تفكيراً حذراً بشأن الرد، كما أنه ستكون هناك تحركات دولية مكثفة من قبل أطراف دولية وإقليمية لمنع الأمور من التصاعد.
وتشير طبيعة الضربات الإسرائيلية سواء استهداف هنية أو نصر الله إلى أن تل أبيب اقتنعت باستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية التي تقوم على فكرة "حصد رؤوس الإرهاب" – كما يسمونها – وفكرتها أنه بدلاً من حرب وعمليات برية يمكن تنفيذ عمليات دقيقة ونوعية تطال مثل هذه النوعية المؤثرة من القيادات، كما تفعل واشنطن.
وقالت تقارير إعلامية أمريكية كثيرة في بداية الحرب بقطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إن واشنطن كانت ترى أنه لم تكن هناك حاجة لاجتياح بري إسرائيلي لقطاع غزة، وكان يمكن الاكتفاء بعملية نوعية دقيقة ذات تأثير كبير، ويبدو أن تل أبيب حتى الآن تعمل بوجهة النظر هذه فيما يتعلق بلبنان.