على سبيل المثال، فقد حذرت الإدارة الأمريكية على مدار الفترة الماضية من خطورة الضربات التي تنفذها القوات التركية لا سيما منذ الخامس من أكتوبر\ تشرين الأول الماضي، وما يمكن أن تتسبب فيه من عودة "داعش" وغيره من التنظيمات الإرهابية التي تتغذى في البيئات الرخوة ومناطق الفراغ الأمني، والأخير متوقع بقوة في مناطق شمال وشرق سوريا.
علاقة بين تركيا وميليشياتها و"داعش"
في هذا السياق، يقول الكاتب السوري فراس يونس، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه يرجح الاعتقاد بأن الضربات المتتالية التي تنفذها تركيا في شمال وشرق سوريا قد تساهم في عودة تنظيم "داعش" الإرهابي على نحو يفتح المجال لظهور التنظيم، أو أن يقوم بأدوار أخرى بالتحالف مع بعض القوى المحلية التي يمكن أن تزيد "داعش" انتعاشه.
وأضاف "يونس" أن هذا الأمر لديه خطورته وكثير من الارتدادات ليس على صعيد الداخل السوري فقط بل على صعيد المنطقة ككل ولن يكون قاصراً على المناطق المستهدفة في شمال وشرق سوريا، مؤكداً أن أولى الارتدادات لتلك الضربات ستكون على تركيا نفسها، خاصة أنه ما من دولة دعمت تلك التنظيمات الإرهابية إلا وارتد ذلك عليها.
وأوضح الكاتب السوري أن علاقة الولايات المتحدة الأمريكية – على سبيل المقال – بتنظيم القاعدة بصفة عامة وتنظيم القاعدة في أفغانستان ارتدت عليها وقد وصل ذلك ذروته بالعمل الإرهابي الأبرز أي أحداث 11 سبتمبر 2011 عندما تم تفجير برجي التجارة العالميين، وبالتالي من الطبيعي أن يكون لمثل هذا النوع من العلاقات ارتدادات وانعكاسات على الأمن الوطني التركي.
وبسؤالنا حول ما إذا كان هناك تنسيقاً بين تركيا والميليشيات الموالية لها مع "داعش" ضد الكرد، أجاب "يونس" بأنه لا يريد أن يصدر رأياً قاطعاً بهذا الأمر، ولكن الوقائع أثبتت أن هناك تنسيق بين الاستخبارات التركية وهذه الجماعات الإرهابية، وقد فتحت لها الحدود التي تستمر إلى 900 كيلومتر، وهذه الحدود الطويلة كانت متاحة أمام الجهاديين وهي التي سرعت إقامة هذا الكيان الذي يسمى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.
ضربات غزة تؤكد الرؤية المصرية
وفي الخامس من أكتوبر شنت تركيا ضربات بالأسلحة الثقيلة والمسيرات على مناطق شمال وشرق سوريا، عقب تفجير استهدف مقراً أمنياً تركياً، وقد طالت الضربات مرافق مدنية مثل محطات المياه والسدود ومستشفيات، بل وصل الأمر إلى استهداف المخابز، وبعد الخامس من أكتوبر بيومين، شنت إسرائيل بدورها ضربات هي الأعنف منذ عقود ضد قطاع غزة.
من جهته، يقول محمد فتحي الشريف مدير مركز العرب للأبحاث والدراسات، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه على ذكر العلاقة بين ما يجري في غزة أو الأراضي الفلسطينية يحضره تصريحات سابقة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حينما أكد أن حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً هو مفتاح السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، والقضاء على كثير من أزمات المنطقة وعلى رأس تلك الأمور ظاهرة الإرهاب.
واعتبر "الشريف" أن الضربات الإسرائيلية على غزة وانتهاكات الاحتلال في الضفة الغربية كانت إحدى أهم مسببات الإرهاب لأكثر من سبب، أولها أن كثيراً من التنظيمات المتطرفة تعمل على استقطاب الشباب وصغار السن بل والكبار كذلك بداعي أن تلك التنظيمات تدافع عن القضية الفلسطينية، مستغلة في ذلك حالة التعاطف التي تسيطر على عموم الناس جراء الاعتداءات العنيفة للاحتلال الإسرائيلي.
وأشار مدير مركز العرب للأبحاث والدراسات إلى أنه قرأ بعض المقالات الأمريكية خلال الفترة الماضية التي تؤكد أن الاعتداءات العنيفة على قطاع غزة لن تقضي على الإرهاب، بل على العكس من ذلك، فقد أثبتت التجربة أن مثل هذه الانتهاكات لا تولد إلا مزيداً من الأفكار المتشددة، بل ويصل الأمر إلى توليد اضطرابات كثيرة في المنطقة، والأخيرة أيضاً تغذي الإرهاب والتطرف.
وأكد "الشريف"، في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن المنطقة عانت كثيراً من ويلات الإرهاب واكتوت بناره، إلا أنه حتى الآن لا تزال المسببات الجوهرية له قائمة، فالأمر لا يقتصر على مجرد مواجهة أمنية، بدليل فشل الولايات المتحدة في التعامل مع حركة طالبان في أفغانستان، وإنما الأمر يقوم بالأساس على المحاربة الفكرية.