خطة تطهير غزة.. ترامب يتعجل أول صدام عربي – أمريكي في عهده

رغم الاستبشار خيراً بقدومه مع إنجاز وقف إطلاق النار بغزة، ساد الغضب الأوساط العربية، ضد مقترح ترامب "بنقل سكان غزة"، وكأنه تعجل أول صدام منه مع العرب.

وتسبب مقترح ترامب الذي دعا مصر والأردن إلى استقبال سكان من غزة في قلق كبير ليس لدى الدول العربية فقط، بل أكثر على الصعيد الفلسطيني؛ إذ يترجم ذلك على أنه تهجبر قسري يعيد إلى الأذهان أحداث النكبة عام 1948، عندما طرد نحو 700 ألف فلسطيني من بيوتهم إلى دول عربية وحتى الآن لم يستطيعوا العودة.

كما تثير مسألة تهجير سكان غزة حتى لو ليس بكل الأعداد شكوكاً حول تصفية القضية الفلسطينية؛ الأمر الذي حذرت القاهرة مراراً منه، فخروج السكان من القطاع يمكن أن يحوله إلى جيب صغير، ومع خطط إسرائيلية لضم الضفة الغربية وتهجير سكانها إلى الأردن تنتهي تماماً فكرة قيام دولة فلسطينية، ومعها تنتهي القضية.

رد مصري – أردني حاسم

وفي أول رد رسمي مصري، أكدت وزارة الخارجية المصرية تمسك مصر بثوابت ومحددات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية، مشددة على أنها تظل القضية المحورية بالشرق الأوسط، وأن التأخر في تسويتها وفي إنهاء الاحتلال وعودة الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني، هو أساس عدم الاستقرار في المنطقة.

وشددت الوزارة على رفضها لأي مساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواءً من خلال الاستيطان أو ضم الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، سواءً كان بشكل مؤقت أو طويل الأجل، وبما يهدد الاستقرار وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة، ويقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها.

فيما جدد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في مؤتمر صحفي أمس الأحد، تأكيد رفض بلاده لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، قائلاً: "نؤكد مجددًا موقفنا الثابت برفض تهجير الفلسطينيين من غزة، مشيرًا إلى أن الحل الوحيد لتحقيق السلام هو حل الدولتين، وأن موقف الأردن في هذا الشأن لا يتغير.

تصريحات كانت متوقعة

لا يتوفر وصف.

يقول الدكتور مايكل مورجان الإعلامي والمحلل السياسي الأمريكي من أصول مصرية إن تصريحات ترامب الذي تولى منصبه رسمياً قبل أيام كانت متوقعة؛ إذ سبق ولوح خلال فترة الحملة الانتخابية بتوسيع أراضي إسرائيل، قائلاً إنها على الخريطة تبدو صغيرة، لكن ما لم يكن متوقعاً أن يتحرك في هذا بتلك السرعة.

ويضيف مورجان، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الرئيس الأمريكي يبدو أنه يستغل دوره في صفقة وقف إطلاق النار ليحاول توسعة حدود إسرائيل، وهنا فإن موقف مصر ثابت في قضية كتلك؛ فالقاهرة ضد تهجير الفلسطينيين، ولن تفرض في شبر من أرضها، ولن تقبل بتصفية القضية، وهو ما تم ترجمته في بيان وزارة الخارجية المصرية.

وأكد الحاجة إلى ضرورة تضافر الجهود العربية للتصدي لهذا المخطط، قائلاً إن دول مثل مصر والسعودية والإمارات، وكذلك قطر والكويت، لديهما الكثير من أوراق الضغط التي يمكن استخدامها في مواجهة واشنطن، مثل الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة، ومن ثم إمكانية الضغط للمضي قدماً في تنفيذ حل الدولتين.

وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قدم يوم السبت، مقترحا لما سماه بـ"تطهير غزة"، حسب تعبيره، ودعا مصر والأردن لاستقبال الفلسطينيين من القطاع من أجل إحلال السلام في الشرق الأوسط، لكن هذا المقترح يخشى أن يثير اضطرابات في المنطقة، تمتد إلى كثير من دوله.

رفض عربي

وإلى جانب البيانات الرافضة من دولها لطلب ترامب، أكدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أن السبيل الحقيقي والوحيد إلى تحقيق الاستقرار والسلام في الشرق الاوسط هو من خلال تسوية القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين المتفق عليه دولياً، وتجسيد الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وذكر بيان الجامعة العربية أنها في هذا الصدد تشدد على أن القضية الفلسطينية العادلة هي قضية أرض وشعب، وأن محاولات نزع الشعب الفلسطيني من أرضه، بالتهجير أو الضم أو توسيع الاستيطان، ثبت فشلها في السابق، وهي مرفوضة ومخالفة للقانون الدولي، إذ لا يُمكن أن يُسمى ترحيل البشر وتهجيرهم عن أرضهم قسراً سوى بالتطهير العرقي.

خط أحمر

لا يتوفر وصف.

بدوره، أكد الدكتور محمود الهباش مستشار الرئيس الفلسطيني، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، رفضه الشعب الفلسطيني القاطع لما صرح به ترامب ورفض أي مشروعات لتهجير الفلسطينيين، مشدداً على أن ما صرح به الرئيس الأمريكي مخطط إسرائيلي بالأساس لتصفية القضية الفلسطينية.

وقال "الهباش" إن مسألة تهجير الفلسطينيين من أي مكان خط أحمر، وأمر غير قابل للنقاش، معرباً عن شكره لمواقف مصر والأردن الرافضة لتصريحات الرئيس الأمريكي، التي تتماشى مع طبيعة هذه المرحلة الحرجة والحساسة، مؤكداً كذلك الحاجة إلى توحد الرؤى الفلسطينية في مواجهة هذا الخطر.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أكد في أكثر من مناسبة، عقب اندلاع أحداث 7 تشرين، رفضه القاطع لأي مخطط لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر، معتبراً كذلك أن هذا الأمر خط أحمر، لما يعنيه من تصفية للقضية الفلسطينية.