غالبًا ما تتبنى روسيا موقفاً صارماً تجاه التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ومن هذا المنطلق، رأت موسكو أن الدعوة إلى وقف إطلاق النار في السودان تمثل تدخلاً في شؤون البلاد الداخلية وفرضاً لإملاءات خارجية على حكومة السودان، بما يتعارض مع مبادئ السيادة الوطنية التي تدافع عنها موسكو، ودائما ما سعت الأخيرة إلى إلى تعزيز علاقاتها الثنائية مع السودان على الصعيد الاقتصادي والاستراتيجية ودعمه في مجلس الأمن بما يحقق مصالح روسيا الاقتصادية خصوصاً في مجالات التعدين والطاقة.
دوافع موسكو
وجسد الفيتو الروسي محاولة لموازنة القوى في مجلس الأمن من خلال الاعتراض على قرارات تدعمها الدول الغربية ودولة الإمارات التي تمثل طرفا غير مباشرا في النزاع على الأراضي السودانية، كما تسعى موسكو إلى تأكيد نفوذها وقدرتها على التأثير في القرارات الدولية والحفاظ على توازن القوة السياسية في الساحة الدولية، فضلا عن أن دعم هذا القرار في مجلس الأمن قد يُستخدم كسابقة قانونية في المستقبل لتبرير تدخلات دولية أخرى في نزاعات داخلية، بما في ذلك النزاعات التي قد تنشأ في مناطق تعتبرها روسيا جزءاً من دائرة نفوذها، إلى جانب الخشية من أن يكون هدف قرار وقف إطلاق النار هو إطلاق عملية سياسية تمهد لتغيير النظام في السودان بطريقة لا تتماشى مع المصالح الروسية.
عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، يرفض إنهاء الحرب في السودان، بدعوى أن السودان دولة ذات سيادة ولا تقبل أي إملاءات خارجية، مشيراً إلى أن الحلول لإنهاء الحرب تكمن في القضاء على قوات الدعم السريع، كما يرفض أي نشاط سياسي لحزب المؤتمر الوطني المنحل، ويؤكد أن الجيش لن يقبل بأي عمل سياسي يهدد وحدة السودان و لن يذهب لأية مفاوضات إلا بعد الانسحاب الكامل لقوات الدعم السريع من المناطق التي دخلتها.
خطة البرهان
كمال كرار الكاتب الصحفي السوداني، أكد في اتصال لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أنّ "البرهان على يقين بأن بلاده تواجه تحديات اقتصادية ضخمة بسبب الحرب التي قاربت العامين، وأنّ الحل موجود في الداخل ويتمثل في القضاء على التمرد باعتبار أن وجود قوات الدعم السريع المدعومة إمارتيا يعني استمرار الأزمة مستقبلاً، رافضا انصياع السودان لأية تدخلات خارجية لفرض حلول للنزاع المسلح في البلاد، وسبق وأن رفض في تصريحات، مشروع القرار البريطاني في مجلس الأمن الدولي، الذي يدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية وحماية المدنيين، مشيراً إلى أن هذا القرار يفرض الوصاية على الشعوب".
ومن بين دوافع رئيس مجلس السيادة الانتقالي لرفض قرار إنهاء الحرب، استمرار دعم الإمارات لقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي ووقوفها وراء تقديم بريطانيا لمشروع القرار في مجلس الأمن بعد هزيمة حميدتي في محاولة منها لترتيب الأوضاع سياسيا لتضمن بقاء رجلها في معادلة الحكم خاصة إذا جرت مفاوضات، وفقا لتصريحات فتحي خالد المحلل السياسي السوداني في اتصال لوكالة فرات للأنباء (ANF)، مؤكداً أن "الحكومة المدعومة من الجيش لن تقبل بمشاركة أي دولة تدعم قوات الدعم السريع في عملية السلام، كما شدد على ضرورة أن تتضمن أي عملية سلام نزع سلاح قوات الدعم السريع التوصل إلى تسوية سياسية شاملة".
محصلة الحرب
لطالما أكد البرهان في تصريحاته الصحفية والإعلامية أن دولته ستبني علاقاتها مع الدول في المستقبل وفقاً لمحصلة هذه الحرب، رافضا مهادنة أعداء الشعب السوداني وكل من ساند ودعم السودان هو صديق في المستقبل، كما أكد أن الحديث حول وجود جوع وتشريد وقتل هو نتاج هجمات المتمردين ودعم بعض الدول لهم.
في النهاية، يشدد رئيس المجلس الانتقالي على أن السودان لن يوقف إطلاق النار إلا بعد الانسحاب الكامل لقوات الدعم السريع من المناطق التي دخلتها، وأن وقف إطلاق النار مرتبط بفك الحصار عن المدن وفتح الطرق والانسحاب الكامل من القرى والمدن التي دخلتها. البرهان يؤكد أن هذه الحرب ماضية لنهاياتها وأن الميليشيا إلى زوال ولن تكون لها فرصة في المستقبل ولا لداعميها، بما يعكس موقف البرهان الصارم تجاه إنهاء الحرب في السودان، بأن الحلول يجب أن تكون داخلية وبعيدة عن التدخلات الخارجية، مما يضع السودان أمام تحديات كبيرة في تحقيق السلام والاستقرار.